كنت أتناقش مع شخصية عامة جديرة بالاحترام حول "التغيير" كسلوك في البشر، وكيف إننا كأفراد في أحيان كثيرة نحارب التغيير في حياتنا خوفًا من ترك المساحة الأمنه أو ال "comfort zone“ نظل ندور في دائرة مفرغة من الشكوى والوجع والملل وفقدان الشغف من ذلك الأمان.
ثم جاء السؤال "تفتكري يا باسنت الأنسان بيقاوم التغيير ليه؟ وممكن يبقي بنص الطريق وواقف مش عايز يكمل رغم شكواه من وضعه القديم؟" السؤال صعب - خاصة إنني كسائر البشر أخشي نوعًا ما التغيير، لكن التجربة علمتني أن أواجه ما أخشاه وتلك الفرصة الوحيدة لتحويل الخوف إلى معرفه ومن ثم أمان - ولكنني توصلت لأسباب بعينها تجعلنا نرفض التغيير بل ونحاربه في كثير من الأحيان.
أولا: الوحدة والخوف منها أحد أبرز أسباب الخوف من التغيير، فربما تغيير نمط حياتنا المعتاد يكشف لنا كم نحن بلا صداقات جادة بلا حب حقيقي ندور مع أناس مزيفة بدوائر نُطلق عليها صداقات ومعارف.
ثانيًا: التمسك بالماضي عبر تمجيد شخوصه وأحيانًا رفض قبول "الهزيمة" بعلاقاتنا الغير ناجحة، يجعلنا ندور في فلك ذلك الماضي رافضين دخول أشخاص جديدة للحياة وخوض تجارب قد تؤدى للهزيمة مرة أخري أو النجاح.
لذلك وبعد أولا وثانيًا، من المهم أن نُعلم أبنائنا كيفية غلق صفحة الماضي واعتباره كما هو ماضي مُنتهي، والبدء من جديد بفرص أخرى وشخوص أخرى وقلب أخر وعقل أخر، فالعلم أثبت أن عقولنا تتغير بالمعرفة وقلوبنا تتجدد بالحب. فالحب طاقة متجددة لا تنضب ولا تعيد ذاتها.
التغيير يعنى اكتساب جديد وترك قديم في العادات والأفكار والسلوك والشعور وكل ما هو مرتبط بنا كأفراد، وذلك الاكتساب والترك يخيفنا من أن نجد أنفسنا شخوص أخرى غير تلك المعتادين عليها ونسأل كيف سأتعامل مع نفسي الجديدة؟ هل سأفهمها؟ هل سأحبها؟ هل سيفهمها من حولي؟ وهكذا من نوعية تلك التساؤلات.
وللأسف حب النفس يُسمي بمجتمعاتنا "أنانية" ومن ثم نهمل تحقيق واجبات تلك النفس على صاحبها من توفير حرية اختيار مرورًا بحرية القرارات نهاية بعيش اختياراتنا دون شعور بالذنب.
وهنا يأتي مفهوم علينا تغيير تقييمه ألا وهو "حب الذات" فكل منا خلقه الله لسبب وليس اعتباطًا ومن ثم عندما نحب ونقدر ذواتنا ونمنحها الحرية نمجد خلقه الله ونقترب من تحقيق أو بمعنى أدق معرفة سبب وجودنا عبر اكتشاف ما نحمله من عبقرية أو تميز في مجال ما.
الثبات ورفض التغيير يجعلنا في الماضي المُنتهى، المستقبل هو ما نؤسس له اليوم حتى يكون مغايرًا للماضي الذي ألمنا وجعلنا نعاني الفشل وكلمة السر لذلك المستقبل هي "التغيير".
منطقة الراحة بالحياة تشبه "بيت الراحة" فهل يمكن أن نعيش دومًا داخل "بيت الراحة" ونترك مساحات البيت بكاملة، كذلك الحياة مليئة بما يستحق أن نتغير من أجل اكتشافه والاستمتاع به.
فالتغيير يُجدد أذهاننا عبر التسلح بالمعرفة والعلم ونترك مناطق الراحة التي لا تخلق مبدعًا أو مجتمع متحضر، بل تخلق مجموعة خاملين بمجتمع يعيش بالماضي دون الانطلاق نحو المستقبل.
- آخر تحديث :
التعليقات