مع استمرار الازمة والتجاذبات السياسية في العراق وتوقف العملية السياسية والدستور الاتحادي الموضوع على الرف عمليا يتساءل المرء عن جدوى قبول المكونات الأخرى العرب السنة والشعب الكوردي بهذه الفوضى الهدامة والنتائج السلبية المترتبة عليها؟
طالما كتبت عن هذه الوحدة القسرية التي صاغتها المصالح الاستعمارية في اعقاب الحرب العالمية الأولى وجمعت داخل الحدود المعروفة اليوم بالعراق ثلاث مكونات رئيسة لا يجمعها جامع.
لم يكن العراق موحدا طيلة تأريخه الحديث على الأقل وتجربة الحكم لأكثر من قرن من الزمان تؤكد على ان هذه الوحدة القسرية كانت ولا تزال قائمة عن طريق القوة فقط فما ان يسيطر مكون (عدا الكورد الذين لم تتاح لهم الفرصة) حتى يبدأ بإلغاء الاخرين، فعندما كان الحكم تحت سيطرة العرب السنة عانى العرب الشيعة والكورد من شبه الغاء تام لوجودهم ودورهم في صنع القرار الوطني، وعندما سيطر العرب الشيعة اعادوا الصاع صاعين وعمليا تم الغاء العرب السنة والمحاولات مستمرة لإلغاء الوجود الكوردي بشتى الأساليب.
العراق لم يكن ومن شبه المستحيل ان يكون بلد التعددية والانتماءات المختلفة واحترام الهوية الوطنية الجامعة والمساواة التامة في الحقوق والواجبات فهي ثقافة وممارسة لم تولد بعد في مجتمعاتنا.
مكونات العراق بسبب هذه الوحدة القسرية المفروضة عليهم تعاني حقا من دورة التمييز العدائي لسيطرة هذا الطرف او ذاك وللكورد نصيب الأسد من هذا التعامل اللا إنساني المتخلف.
وجود العراق بحدوده الحالية وتركيبته غير المتجانسة لا يخدم الا الطامعين في ثرواته والذين لا يهمهم لا من قريب ولا من بعيد حقوق مكوناته الأساسية ولهم باع طويل في اثارة الصراعات والخلافات وحتى الاحتراب، ولذا فمن المنطقي والمتجاوب مع المصالح الأساسية للمكونات الرئيسة الثلاث الاتفاق حول التقسيم الودي.
الوضع الحالي المتأزم والوحدة القسرية وسيطرة مكون على القرار الوطني الذي يتناغم مع طموحات بعض القوى الإقليمية، لا بد وان يؤدي الى الانفجار عاجلا ام اجلا والامر لا يتعلق لا بالنيات الحسنة ولا بالمشاعر الإنسانية الطيبة التي تحاول تجاوز الخلافات القومية والطائفية وانما بالمصالح الإقليمية والدولية المستفيدة من التكوين غير المنسجم للعراق الحالي.
غني عن البيان ان موقع العراق الحالي في قلب الشرق الأوسط يعني فيما يعنيه ان عدم استقراره يؤدي مباشرة الى عدم استقرار عموم المنطقة واستقرار العراق مرهون قطعا بحصول مكوناته الرئيسة على حقوقها بما فيها الاستقلال وتكوين دولتهم الوطنية المتجانسة من لون واحد فتعدد الألوان لم ينجح وكلف هذه المكونات الكثير من الالام والدموع والضحايا.
- آخر تحديث :
التعليقات