صدور الأمر الملكي القاضي بأن يكون ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رئيساً للوزراء إلى جانب إعادة تشكيل مجلس الوزراء هو استحقاق ناله ولي العهد عن جدارة ليكون نقلة كبيرة وحدث تاريخي مهم أصبح به سمو الأمير محمد بن سلمان على رأس السلطة التنفيذية، إلى جانب سلطاته التشريعية والقضائية بصفته ولياً للعهد، الأمر الذي سيسمح له مع التكليف الجديد من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز برئاسة مجلس الوزراء بالمضي قدماً في تطوير خدمة الوطن والمواطن عبر حزمة من الخطط والاستراتيجيات، على رأسها الاستمرار في تنفيذ رؤية المملكة 2030 التي تسير نحو غاياتها القاصدة ونهاياتها التي ستحقق قفزةً كبرى وواعدة في تحقيق الريادة.

ويأتي هذا التكليف من طرف خادم الحرمين الشريفين لسموه بهذا المنصب: رئيس الوزراء، في ظروف داخلية وخارجية تعكس تحدياتها رهانات كبيرة وعلى عدة مستويات، لاسيما وأن ظروف العالم اليوم في ظل التحولات التي يشهدها في ملف النفط والطاقة تعتبر ظروفاً دقيقة وتحتاج إلى خطط مواجهة واستراتيجيات تخطيط في مستوى التحديات التي ظل الأمير محمد بن سلمان دائماً الرجل المناسب في الاستجابة لها بما يجعله قادراً على الوفاء بالتزاماتها وتحقيق المكاسب المرجوة من مشاريع النهضة في المملكة العربية السعودية.

تضطلع المملكة العربية السعودية اليوم بملفات كثيرة وتقع على مسؤولياتها ترتيب أوضاع وأحوال هي مؤهلة للقيام بها دون غيرها من بقية الدول العربية. فالسعودية اليوم فيما تزداد مكانتها أهمية في العالم وفق تصنيف دولي يضعها في مصاف مجموعة العشرين الكبرى يتعين عليها القيام بالكثير من الانجازات، والاستجابة لتحديات إقليمية ودولية لاتزال تعصف بهذه المنطقة، من تداعيات حرب روسيا وأوكرانيا، إلى الملف النووي الإيراني، إلى القضية الفلسطينية إلى قضية اليمن، وقضايا دعم الاستقرار في المنطقة العربية وغير ذلك من الملفات الجيوسياسية التي تعتبر ملفات مفتوحة ولاتزال. أما في الملف الداخلي، فتخوض المملكة في مشاريع عملاقة من خلال توسيع نطاق رؤية المملكة 2030 وبرامج التحول الوطني التي تضطرد في جميع المستويات الوزارية والحكومية بإعادة تأهيل جذري يرتقي بتصنيف الخدمات والأداء ليواكب خطط التحسين والمعايير العالمية. لقد نجحت المملكة بفضل الله في العديد من المستويات داخلياً، حيث أصبح واضحاً اليوم أن جهود حكومة خادم الحرمين الشريفين بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين في الملف الأمني وملف مكافحة الإرهاب من أكثر الملفات تحقيقاً للنجاح، فلم يصبح الحال اليوم في المملكة العربية السعودية على ما كان عليه الحال بالأمس من بعض الحوادث الإرهابية التي كانت ينفذها الإرهابيون.

كما أن نجاحات خطط الدولة في مجال خدمة المواطن وتنفيذ برامج التطوير في الأمن الغذائي والكفاية والترفيه وجودة الحياة أصبحت من أنجح الوسائل التي دعمت المواطنين السعوديين في إعادة الاعتبار للكثير من جوانب حياتهم وتطويرها على النحو الذي يرضيهم ويدعم خياراتهم المختلفة.

وفيما تستشرف المملكة العربية السعودية اليوم تحولات كبيرة تدعم الانفتاح وتؤسس للعديد من فرص الاستثمار العالمي لجذب شركات الريادة العالمية إلى السوق الداخلي للمملكة يأتي تكليف الأمير محمد بن سلمان في هذا التوقيت تجسيداً لدور الشباب وما تتطلع إليه الأجيال الشابة في المملكة العربية السعودية من طموح وريادة وإبداع.

ستشهد الأيام والأسابيع القادمة دفعاً مستمراً بالعديد من خطط العمل لمواصلة مسيرة مهام تطوير الأداء الحكومي بعد أن تمت إعادة تشكيل مجلس الوزراء، لاسيما وأن الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز قد حل وزيراً للدفاع في التشكيل الجديد.

وفي تقديرنا أن التحدي الذي تفرضه مواجهة الأوضاع العالمية من غلاء واضطرابات أمنية ومتغيرات كثيرة نتيجة لتطورات جيوساسية في أنحاء العالم، هو بمثابة تحدٍ جديد ولا بد من التعامل معه وفق أكثر الاحتمالات حيطةً وحذراً، لأن الطريق الذي تمضي فيه المملكة العربية السعودية اليوم وسط هذا العالم وما فيه من محاور وتكتلات ومراكز قوى يحفزها لأن تكون قوة إقليمية وازنة لديها مصالح واستحقاقات في المنطقة العربية والإقليم والعالم بما تقتضيه تلك المصالح من تعامل مع كل احتمالات الخطر وممارسات الحذر لإثبات ريادتها بما تستحقه وبما تتوفر عليه من إمكانات المملكة العربية السعودية كدولة مسؤولة في المنطقة العربية والإقليمية.

لذلك كله يتولى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، مهمة رئيس الوزراء ليضطلع بأعباء مضافة هو أهل لها، وجدير بها على النحو الذي كشف للشعب السعودي خلال السنوات الخمس الماضية ما يتمتع به من قدرات قيادية ورؤى استشرافية وشغف بكل تطور يضع اسم بلاده في مصاف دول العالم الأول محتلةً مكانها الذي يليق بها.