مثلت إشكاليات المناخ الهاجس الأبرز لدى المجتمع الدولى ومؤسساته، سيما عقب التغيرات المتواترة وانعكاساتها على عدة من الظواهر الطبيعية والكونية، وكنتيجة للاختلالات البيئية وانهيار التوازنات، تعددت الرؤى والأطروحات الدولية فى كيفية مجابهة هذه التغيرات والتصدى لها، حيث توقعت معظم الدراسات ارتفاع الاحترار العالمي إلى 1.5% درجة مئوية فى غضون عشرة أعوام، إلى جانب احتمالية القضاء على مفردات بشرية بعينها بحلول عام 2050.

ولعل الإطار الأهم ضمن هذه المواجهات، يتمثل فى جدية التنفيذ والالتزام بالتعهدات من قبل الكبار، وألا يقتصر الأمر على مجرد المبادرات والتمثيل بالمؤتمرات وقط، ويأتى توفير الدعم السنوى المخصص وقدره 100 مليار دولار، مع تقنين أنشطة تخفيف انبعاثات الغازات وغيرها، فى مقدمة هذه الالتزامات، أضف أيضا تعزيز البحث العلمى وآلياته بخصوص الكشف عن مصادر الطاقة البديلة، وإنهاء الطرق التقليدية المتعارف عليها.

بدورها مصر لم تكتف بالاستعدادات الواضحة لـ cop27، لكنها أيضا أقدمت على تنفيذ عدة من الاتفاقيات أبرزها وقبيل بدء المؤتمر، مذكرة مع البنك الأوروبي من أجل إعداد إستراتيجية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ذلك لما تملكه مصر من قدرات لإنتاج الهيدروجين الأخضر بأقل تكلفة، تبدأ من 2.86 دولار/كجم، فى استهداف لنسبة معقولة من سوق الهيدروجين العالمى، حسبما ذكر د. محمد شاكر وزير الكهرباء.

وبالرغم من تفاقم الأوضاع، إلا أن التحركات الدولية جاءت مكثفة ومتواترة، وأهمها إتفاقية باريس 2015 والتى تمكنت من صياغة معادلة سليمة من شأنها التحرك الجاد وتحجيم هذه الإشكاليات والمتعلقة بالتقلبات المناخية، مع مساعدة الدول النامية من أجل التكيف مع هذه التغييرات، وللمفارقة فإن هذه الدول النامية لم تسهم فى هذه الإشكاليات بقدر إسهام الدول الصناعية ورواد التغيرات المناخية، على العكس من ذلك يأتى نصيبها مضاعفا من الانعكاسات والتأثيرات، بالمقارنة بالدول المتسببة، وربما لم تدخل هذه الإتفاقية حيز التنفيذ إلا بعد عام وأكثر من انعقادها وبعد مشاركة ما يقرب من 192 دولة، إلا أن انسحاب الولايات المتحدة بقيادة ترامب 2020، اعتبر اخفاقا ملحوظا فى فعالية الإتفاق، كون أمريكا تعد فى مقدمة الدول الاقتصادية والمساهمة بنسبة تتجاوز 15%، من نصيب هذه الانبعاثات، ذلك وبغض النظر عن حجم تمويلاتها لهذه النوعية من الإتفاقيات!

غير أن الأمم المتحدة امتلكت الصدارة فيما يخص أطروحات مواجهة هذه التغيرات عبر مجموعة من التحذيرات، جاءت من قبل خبرائها والمعنيين بالبيئة، ومفادها سرعة التحرك من أجل خفض الانبعاثات الدفينة فى مدة لا تتجاوز الثلاث سنوات، مع خفض استخدام الوقود الأحفورى قبل عام 2050، ذلك بجانب مساهامات البنك الدولي، والمتعلقة بتسعير الكربون واستخدامات الطاقة المتجددة، أضف أيضا المطالب التقليدية بخفض انبعاثات الوقود الأحفوري.

عودة للتحركات المصرية هذا العام واستعدادات مصر لـ cop27، والتى جاءت مواكبة لحدث على هذا النحو من الأهمية الإستراتيجية، ومن المقرر العمل على تنفيذ التعهدات المناخية، مع التوصل إلى توصيات من شأنها المعالجة الحقيقية، مع بحث كيفية معالجة الإخفاقات، والأهم توفير سبل التمويل، فطبقا لـ "سامح شكري" وزير الخارجية أكد الاستعدادات لخروج المؤتمر بنتائج متوازنة تعالج مختلف الموضوعات ذات الأولوية، خاصةً خفض الانبعاثات والتكيُف مع تغير المناخ ومعالجة الخسائر والأضرار وتوفير تمويل المناخ.


[email protected]

#فضاءـالرأي