بالتأكيد سقطت إسرائيل كدولة على كل الأصعدة الأخلاقية والدولية.. تنكيلها اليومي والمستمر بالشعب الفلسطيني أصبح مماثلا إن لم يفق المعاناة اليهودية. الإنسان الفلسطيني يموت أكثر من مرة في اليوم. في إحتلال غاشم.. ومعاناة مستمرة في توسع إستيطاني عجزت كل الديبلوماسيات العربية والعالمية عن إجلائه أو وقفه؟

إسرائيل لم تلتزم بقرار التقسيم 181 الذي أعطى لها 51% وأعطى للفلسطينيين 49%... ورفضنا القرار لظلمه وعدم عدالته.. وتجاهلنا توسعها إلى 78% من الأراضي منتظرين حلم العودة والتخلص من الدولة الإسرائيلية..

إستبقتنا بالحرب 1967 وإحتلت البقية الباقية من الأرض الفلسطينية.. وخلقت واقعا أكثر ظلما.. ومع هذا قبلنا بالقرار الدولي 242..

إسرائيل كدولة معترف بها عالميا وبرغم عدم إلتزامها بأي قرارات دولية.. إلا أن هذا لم يشفع لنا كفلسطينيين للحصول على الدعم السياسي لقضيتنا العادلة.

بتنظيم من "منظمة حوار الشرق الأوسط" وبمساهمة من "مؤسسة القرن القادم" ومنظمة دراسة السياسات والجامعة الأميركية العسكرية.. دُعيت إلى المؤتمر للتحدث في موضوع العدالة والمساواة للمرأة كمفتاح الأنسنة والتعايش في الشرق الأوسط.. والخطوة الأولى نحو الديمقراطية... ولكن والحق يُقال بان ندوة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي حازت على الأهمية الكبرى في المؤتمر.

تكلم فيها ثلاثة.. مندوبة من الأمم المتحدة.. مندوب إسرائيلي شارك في مفاوضات السلام؟ ومندوب فلسطيني.. إكتفى بالقليل جدا من الكلام.. لأن الصورة القاتمة للوضع وصلت عبر كل شاشات العالم.. ما لفت نظري وأقلقني جدا طرح المندوب الإسرائيلي للحل الوحيد في نظره بعد شرح موضوعي طويل عن الوضع الحالي ووصوله إلى نقطة اللا عودة والحاجة الماسة لحل يفصل بين الشعبين؟ بالتأكيد أوافقه الرأي في الحاجة إلى حل.. لأني أريد السلام وأبحث عنه بكل طريقة.. ولا أرفض طرحه ولكني أسعى إلى تعديله بما يتوافق مع شرعية دولية وإن كانت ظالمة.. ولكن في نظري الأهم هو العمل على حل يضمن إحترام كرامة الفلسطيني.. إقتراحه طرح مبادلة أراضي داخل حدود إسرائيل التي سرقتها بعد قرار التقسيم 181.. ويقطنها أغلبية فلسطينية.. مُقابل مستوطنات الضفة الغربية التي سرقتها بعد 67.. الحل الذي أعتبره قنبلة موقوته بين الفلسطينيين أنفسهم.. وتقسيم الفلسطينيون إلى ثلاثة.

والآن وبعد ما شاهدناه خلال الأيام السابقة.. أجد نفسي أتساؤل.. إلى أين.. وإلى متى؟

قرأت العديد من المقالات.. معظمها يهلل بناء على تحليلات الوضع المتهاوي في إسرائيل.. وصواريخ حزب الله.. وبعض من صواريخ سوريا.. وإيران وووووو

ولكني أرفض أي شكل من أشكال العنف والذي قد نكون في طريقنا إليه في حرب لن تُغير من أحلام إسرائيل بل ستزيدها قوة وغطرسة ودعم دولي.. وستزيد من ضحايانا..

ولكن هناك أوراق قوة قد نكسبها إذا ما عملنا سويا بطرح مُسبق يُحير الدولة الإسرائيلية ويكتسب تفهما ودعما دوليا.. ولكن بقيادة المملكة السعودية.. وبإستعمال أوراق القوة بدءًا من تصريحات الجنرالات السابقين بما فعلوه لتهجير الفلسطينيين. وإنفضاح أكذوبتها وما تقوم به الآن من جرائم تُشابه الماضي وتصل إلى جرائم ضد الإنسانية..

ما يُصرح به العديد من القياديين السابقين.. بأن حكومة نتنياهو الليكودية المتشددة تقود إسرائيل لأسوأ واخطر مراحل وجودها.. محاولات نتنياهو المتواصلة لتحجيم سلطات القضاء لينجو بنفسه من كلمة القضاء بفساده ماليا.. مما أدى إلى إنحسار ثقة الإسرائيليين به.. وتراجع قوته في الكنيست من 33 إلى 20 مقعد..

الهجرة الكبيرة لأصحاب العقول ورؤوس الأموال خوفا من مستقبل غير آمن بعد وصول رجال الصهيونية الدينية إلى سدة الحكم برغم رفضهم الإلتحاق بالخدمة العسكرية.

جيل فلسطيني جديد ليس لديه أفق سياسي.. ووضع إقتصادي أسوأ.. ويرفض الخضوع للغطرسة الإسرائيلية سيزيد خطره كلما زاد يأسه وزادت مدة الإحتلال.. وجودهم في صلوات الأقصى برغم كل التهديدات يؤكد بأن نتنياهو فشل في كسر إرادة هذا الشعب.. بما سيؤدي عاجلآ أم آجلا لدولة واحدة متفوقة ديمغرافيا.

أما في الخارج.. ما سيسقط نتنياهو المنظمات اليهودية. لسقوطه الأخلاقي.. وللخوف على بقاء الدولة الإسرائيلية ولكن بحدود قرارات الشرعية التي أصدرها المجتمع الدولي.. ولن يُسقطه الصواريخ الإيرانية.. وحزب الله.. وسوريا..

سيدي القارىء ..
المملكة السعودية لم تتخلى أبدا عن دعم الفلسطيني.. ولا زالت ترفض التطبيع بقيادة ولي العهد إلا بشرط الأخذ بالمبادرة السعودية.. ولكني أتمنى أن يُضاف إليها رحيل المستوطنين وإستعمال البنايات والمساكن كبادرة حسن نية للسلام بين الطرفين.. لإنهاء الصراع..

الظروف الدولية مواتيه حتما الآن.. بعد القرار بوقف الحرب اليمنية. الذي جاء بوساطة صينية لفتح الطريق لتصبح لاعبا رئيسيا في المنطقة.. لأمرين الأول تجارتها والحفاظ على إمدادات الطاقة والثاني لتحجيم النفوذ الأميركي الذي إستمر لعقود.. مما يضمن دعم صيني للحقوق الفلسطينية..

إحتوائه للتهديد الإيراني لتعزيزالتنمية والإستقرار في الشرق الأوسط.. بعد تعهد إيراني يوقف تسليح الحوثيين.. الذي أنهى الخلاف خاصة وبعد الإعلان عن إعادة فتح السفارتين مما سيؤدي لتعزيز السلام في المنطقة.. ويُقدم رسالة واضحة لواشنطن بأن الدول الإقليمية قادرة على صنع السلام ومعنية بالسلام العالمي..

وقوفه على الحياد من الحرب في اوكرانيا ضمن له الدعم الروسي في القضية الفلسطينية.. فالرجلان لديهما الكثير من القواسم المشتركة وعلى رأسها تسجيل إسميهما في محافل التاريخ.

الظروف مواتيه للأمير الشاب لرسم إسمه في التاريخ العربي والعالمي بقدرته على صنع السلام.. بقيادة عربية جديدة لكل الدول العربية حتى تلك المُطبعة التي إستنكرت عدم إحترام حرمة الدين والإنسان التي تمثلت في مداهمة المسجد الأقصى.. قيادة عربية شابة.. حازمة ومٌصرة على التغيير الإقليمي والعربي من أجل حماية الحقوق العادلة ومن أجل السلام العالمي..

نعم بقيادة سعودية.. تقف صفا واحدا مع كل الدول العربية ومباغتة تصريح نتنياهو بالأمس بأن التطبيع مع السعودية أصبح سرابا.. بأن السلام مع السعودية وبموافقة كل الدول العربية ممكن بمفاوضات جديدة تستند إلى المبادرة السعودية.. ولكن بمبادلة أراضي التوسع الإستيطاني منذ 67.. وتقديم بناياته كبادرة حسن نية لتوطين المُهجرين الفلسطينيين... وترك الخيار للشعب الإسرائيلي برمته وللعالم أجمع.