لا شكّ أنّ الذكاء الاصطناعيّ شكّل قفزةً مهمّةً وخطيرةً في بعض الأماكن، وكغيره من الأمور التقنيّة والحديثة التي تفاجأنا بها ثمّ صارت اعتياديّة في حياتنا صار من الطبيعيّ وجوده وتقبّله. وفي وقتٍ كان فيه الذكاء الاصطناعيّ محرّكًا في اتخاذ الكثير من القرارات ومنها على سبيل المثال المشاركة في اتخاذ قرارات شركات التسويق، فهل يمكن أن يكون له دور أيضًا في اتخاذ القرار الاجتماعيّ؟

ثمّة مشكلة حقيقيّة بل وأزمة كبيرة في أن يتمكّن الذكاء الاصطناعيّ كآلة من التفكير عنّا، إنّه فقط عبارة عن خوارزميّات معقّدة بعيدة كلّ البعد عن فهم التعقيدات الأخلاقيّة وخالية من التعاطف، فلهذا السبب لا بدّ من الانتباه إلى ضرورة خلق منظومة أخلاقيّة تتمتّع بمبادئ أخلاقيّة على أنظمة الذكاء الاصطناعيّ، وهذا بدوره يحقّق مسارًا أكثر فاعليّة وأكثر أخلاقًا عن طريق تدريب الذكاء الاصطناعيّ فهم المشكلات الأخلاقيّة المعقّدة والاستجابة لها بصورة أفضل، بالإضافة إلى دمج مجموعة من الاعتبارات والمبادئ الأخلاقيّة.

كما أنّ الذكاء الاصطناعيّ يتمتّع بقدرة عالية في أن يدخل مجالات عدّة في اتخاذ القرار سواء في القرارات الصحيّة أو التمويل والحوكمة لقدرته الهائلة التي تفوق قدرة البشر في تحليل البيانات وكشف الحجاب عن الأنماط والرؤى التي تصعب عن الفهم البشريّ، وهذا بدوره ينبّه على أن يوضع الذكاء الاصطناعيّ في أطر قانونيّة وسياسات محدودة فلا يبقى على حاله من حيث اللاحدود لعمله ولميّزاته؛ إذ لا يمكننا أن نصرف النّظر عن أنّه اخترق السياسات وبات تهديدًا حقيقيًا وهذا بدوره يدفعنا لأن ننمّي الذكاء الاصطناعيّ أخلاقيًا، فبدل من أن يكون تهديدًا سيكون سبيلًا لحصد المزيد من الفائدة والمعرفة في اتخاذ القرار باغتنام مكاسبه وميزاته أكثر وهذا يخلق أيضًا انسجامًا بين الحكمة البشريّة التي لا وجودَ دونها وبين خبرة الذكاء الاصطناعيّ ما يضمن أن تبقى القرارات متجذّرة في التعاطف والرحمة. كما أبدى الذكاء الاصطناعيّ دورًا في عمليّة اتخاذ القرارات المصيريّة في الأعمال التي تخصّ البشر وقد تمكّن حقيقةً من أن يمحي الأخطاء والتحيزات البشرية ممّا سرّع في عمليّة صنع القرار.

وختامًا يمكننا القول أنّ استخدام الذكاء الاصطناعيّ في صنع القرار الاجتماعيّ لا بدّ من أن يراعي أنّه يتعامل مع الإنسان المحكوم بمجموعة من المبادئ الأخلاقيّة وهنا يكمن دور المبدعين والخبراء في صنع منظومة تساعد على اتخاذ القرار الاجتماعيّ ضمن ضوابط محددة.