تداول بعض أعضاء "لقاء باريس" محتوى ما يسمى بمشروع صفقة حول الصراع في قطاع غزة، ويتمثل الجوهر الأساسي لهذه الصفقة في كيفية إدارة عملية إخلاء الرهائن من دولة الكيان، بما في ذلك الجنسيات الأجنبية، مقابل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، وتحديد قواعد هدنة مؤقتة لإعادة صياغة الاحتلال العسكري والأمني للقطاع، وإدارة مؤقتة "متنازع عليها" تحت المراقبة.

تحمل الصفقة بذاتها عناصر جديدة تعيد احتلال قطاع غزة، وتفصله عن الضفة الغربية لتقطيع الطريق أمام تشكيل دولة فلسطينية وفقًا للقرار الأممي لعام 2012. لذلك، فإن محاولات تسويق الصفقة وتصويرها على أنها محاولة مؤقتة لفترة مؤقتة لا تتفق مع المسار الحالي وآلياته، خصوصاً في ظل القوة العسكرية الهائلة لجيش العدو وتفرضه واقعًا قائمًا.

إقرأ أيضاً: لا مكان للانبهار.. انتهى زمن الكبار

التحدّي الرئيس المرتبط بـ"صفقة لقاء باريس" هو أنها تنطلق من خيار "الموت الوطني" لاستقلالية، و"الموت الحياتي" لما يقرب من مليونين ونصف المليون إنسان، ويمثل هذا ربما "المعادلة الأكثر تعقيدًا" في الصراع المعقد، ولا يمكن أن يكون بين خيار سيء وخيار أقل سوءًا، بل بين مصير ومصير.

مسألة وقف الحرب العدوانية أصبحت ضرورة ملحة تستدعي الاهتمام، والدولة العدوة وتحالفها الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة تدرك ذلك وتستغله، بينما تفتقر الرؤية الفلسطينية المضادة، وتتمثل فقط في بعض التصريحات العشوائية، إلى موقف واضح.

إقرأ أيضاً: طوفان الأقصى أم طوفان سليماني؟

مهما كانت النتيجة والمدة والمحتوى، يجب على حركة حماس أن تفكر جيداً فيما يمكن أن يحدث في المستقبل إذا استمرت في تبني نفس المعتقدات التي يروج لها بعض أفرادها والمحيطين بها، والتي تعتبر فرصة تاريخية لاستبدال القيادة التاريخية للفلسطينيين واستبعاد حركة فتح، وهذه الخطوة هدفها زرع الفتنة الكبيرة التي تفوق الفتنة التي حدثت في عام 2007. ولذلك، فلديها الفرصة لتصحيح المسار الانقلابي بدون الحاجة لإصدار بيانات أو القيام بلقاءات "سياحية"، بوقف جميع الاتصالات المتعلقة بصفقة لقاء باريس والاعتراف بأن الرئاسة الفلسطينية وحكومتها لديهم السلطة السياسية في كل ما يتعلق بتلك المفاوضات والاتصالات.

إقرأ أيضاً: أرى رؤوساً (في إيران) قد أينعت!

إن قراراً مماثلاً معقد للغاية، خصوصاً أن الحكومة الفلسطينية الرسمية لم تثبت قدرتها السياسية خلال الحرب العدوانية منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2023، ولم تكن تشكل عاملاً جاذباً للوطنية، بل قامت بالتخفي خلف قيادة منظمة التحرير، بغرض القيام بدورها التمثيلي، لكن هذا القرار يمكن أن يكون أقل تكلفة وطنية من أن تكون حركة حماس وتحالفها المتزعزع هما الطرفين الممثلين في الاتفاقية القادمة.

بالتأكيد، ليس من السهولة قبول معادلة سحب حماس تفاوضيًا، ولكن المسألة الآن تتعلق بمستقبل عام، وهو مستقبل يستحق المغامرة.