تعسر الشيخ د.محمد صباح السالم في تشكيل أول حكومة له حتى تعثر في الاختيار والاختبار في التشكيل الوزاري مصوباً لعبة الروليت الروسية نحو رأسه قبل وزراءه...قد تكون ولادة حكومة ميتة في مهدها أو على أبواب العناية المركزة قبل الموت السريري!

لم يخل أول تشكيل وزاري للشيخ محمد صباح السالم من الاستغراب السياسي ووحشة المكان وفقدان ترف القرار والخيار، فقد عول رئيس الوزراء الجديد على مخزون مبالغة مفرطة في التفاؤل فيه شخصياً في الصحافة الكويتية ووسائل التواصل الاجتماعي أيضاً.

المقارنة ظالمة بين رئيس الوزراء السابق الشيخ أحمد النواف وبين الرئيس الحالي الشيخ محمد صباح السالم، فالأول حصد عفوية التأييد والقبول لدى أهل الكويت خلال عهد الأمير الراحل نواف، لأنه لم يبن هالة سياسية ولا علمية لنفسه على خلاف محمد صباح السالم!

تعلق الشيخ د.محمد صباح السالم في أرث والده رحمه الله، الأمير السابق، وهو حق مشروع ومألوف، ولكنه انجرف وراء سراب إعلامي وسياسي ومواقف غامضة لم يكن فيها شفافاً ولا جريئاً في المواجهة خصوصا بعد الاستقالة من وزارة الخارجية.

الشيخ أحمد النواف، رئيس الحكومة السابق، شخصية متواضعة في الحديث والحياة السياسية، لكنه استطاع حصد الود والحضور الشعبي بسرعة فائقة وتقاسم الخبرات السياسية عبر التحليق مع جناحين حكوميين أساسيين وهما الشيخ طلال الخالد والشيخ أحمد الفهد، وهي معالجة عملية ومؤسسية.

لم يستطع الشيخ محمد صباح السالم احداث تغيير نسبي في أسلوب التشكيلات الوزارية، فالقرارات والسياسات ثابتة ولم تتغير من حيث اختيار الوزراء على أساس المحاصصة الدينية والقبلية والطائفية والانتقائية في تخليد بعض الوزراء كعيون على رئيس الوزراء وليس له!

الشيخ محمد صباح السالم جاء بمولود حكومي مشوه من حيث التشكيل والاختيار وغير متناغمة كفريق وزاري، لذلك التقييم يختلف تماما عن الشيخ أحمد النواف الذي لعبت ربما ظروف سياسية واجتماعية ضد شخصه لتمهد الطريق للشيخ محمد صباح السالم قبل فوات الأوان السياسي عليه.

لم يختلف محمد صباح السالم في تشكيله الوزاري الأول عن التشكيلات السابقة ويمكن أن تظل الحكومة "دون الطموح"، ويرجح أنه سمح لأكثر من طرف في التشكيل الحكومي. وسمح الشيخ محمد صباح السالم لنفسه في تقديم علاقاته الشخصية على الكفاءة العلمية والمهنية والخبرات البعيدة عن الشبهات والتساؤلات حتى جاء بمزيج حكومي غير مريح سياسياً وقد يكون مشروع أزمة مع مجلس الأمة بشكل مبكر جدا.

وافق الشيخ محمد صباح السالم على تخليد عبدالرحمن المطيري في وزارة الإعلام رغم فشله وتواضع الإداء علاوة على كونه طرف في فشل عدم تحقيق الطموح في حكومة الشيخ أحمد النواف ولكن غض الطرف لم يكن خياراً، بل قراراً غير قابل للنقاش!

وزير الصحة د.أحمد العوضي هو أحد عناصر حكومة "دون الطموح" للشيخ أحمد النواف وربما لم يكن هناك مخرجا للشيخ محمد صباح السالم امام تأدية واجب غير معلوم وغير منظور حالياً!

وتعاظم الخطأ لدى الشيخ محمد صباح السالم في اختيار أنور المضف وزيراً للمالية بالرغم من علاقته الحميمة مع المدير العام الأسبق للتأمينات الاجتماعية فهد الرجعان ومعاصرته لجرائم المال العام وعدم اتخاذه موقفاً ضد مضاربات خيارات الأسهم وعمولات كما ورد في تحقيقات النيابة العامة وتقارير رقابية.

النجاح والفشل في قيادة الحكومة ستبرهنه الأيام المقبلة ونتمنى التوفيق للشيخ محمد صباح السالم إذا فعلا تلمس الواقع بدون بهرجة الكلام والأحاديث الحالمة عن حكومة تحقيق الطموح الذي فشلت الحكومة السابقة في تحقيقه!

ليس جديداً تعسر الشيخ محمد صباح السالم في حكومته الأولى حتى تعثر فقد سبق ذلك حكومات متنوعة منذ العام 2006 والتعقيدات السياسية الحتمية التي قادت إلى اعفاء الشيخ ناصر المحمد رئيس الحكومة 2006-2011، من قبل الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد.

المشكلة والعلة الأساسية والتحدي الأكبر في المجاملة والتجاذب السياسي في أسرة الصباح الحاكمة، وهو أساس ومصدر العلة الحكومية التي تدفعه الكويت ثمنه مضاعفا كنتيجة حتميه للمراهنة على حصر رئاسة الحكومة في أسرة "الصباح" وليس الشعب خصوصا في ظل عدم وجود مانع دستوري.

نتمنى أن نكون على خطأ في أن مشروع حل مجلس الأمة لن يأتي من الشيخ محمد صباح السالم، وإن حصل أو ما يشبه ذلك فقد سبقه الشيخ صباح الخالد في انتهاك الدستور نتيجة تسليم رقبته لرئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم.

النصائح كثيرة وعديدة لا يمكن حصرها في مقال أو أكثر ولكن النصيحة الأهم والمهمة في ابعاد الحكومة عن صراع بيت الحكم ونتمنى أن يقود الشيخ محمد صباح السالم وحدة الرأي والقرار من أجل تهدئة نفوس مشحونة واجواء سياسية ملغومة!

لا نرسم الأوهام ولا نفرط في الاحلام والامنيات ولا نملك سوى تقديم النصيحة حتى لا تجتر الحكومة توزيع العهود والوعود كسابقاتها دون تقديم الحلول وتحقيق الطموح غير الحالم!