يبدو أنَّ الاعلام المرئي والمسموع الغربي يتغاضى، إن لم نقل يستهين، بقدرات الشباب العربي في الميدان الرياضي، ويقلل من شأن هذه القدرات أو يعتم عليها، فيما نجد أنه يعطي الصدارة لمنجزات وبطولات شباب من شعوب أخرى، لا سيما في بطولات كرة القدم التي تقام في آسيا وأفريقيا. ويبدو ذلك جلياً في بث الأخبار العاجلة وتحديثات النشرات الرئيسية الخاصة بنتائج التصفيات النهائية للبطولات.

ويلمس المتابع للإعلام الرياضي الغربي أنَّ هناك إغفالاً أو تغييباً متعمداً لمهارات وقدرات رياضيينا العرب، في مقابل تلميع قدرات نظرائهم من غير العرب، في الوقت الذي يُغيب ويُهمَّش رياضيون عرب في الغرب يعتبرون من المشاهير والعمالقة، ويحظون بمكانة رئيسية على مستوى العالم، ويتغنى بتفوقهم المشجعون الأوروبيون وغيرهم.

من الأمثلة الواضحة على ذلك تكرار مذيعة بي بي سي نتيجة المباراة النهائية لكأس الأمم الأفريقية في كرة القدم بين ساحل العاج ونيجيريا على رأس الساعة وقبل منتصفها، فيما لم تفعل الأمر نفسه مع المباراة النهائية لكأس آسيا بين بلدين عربيين مهمين وهما قطر والأردن.

إقرأ أيضاً: رجل أمن أم خبير عيون!

قد يكون ذلك بمحض الصدفة، لكن هذا المشهد يتكرر في نشطات رياضية كبيرة أخرى، وخاصة العربية التي تقام في البلاد العربية وتحظى بتغطية عربية وإقليمية شاملة. وسر هذا التغافل على حد علمي هو النظرة الاستعلائية للمحطات المعنية.

وتقدم مناسبة دورة كأس الخليج 25 التي أقيمت في البصرة في العراق في العام الماضي دليلاً واضحاً على صحة ما نذهب إليه، حيث قلما كان يرد ذكر تفاصيلها في الجزء الرياضي من النشرة اليومية أو في أي مكان ثان في المحطات الأوروبية، أو إذا جاء ذكرها فيرحل دائماً إلى ذيل النشرة.

إقرأ أيضاً: صناعة الأصنام البشرية

يذكرنا هذا بالعداء الأميركي الشهير من أصول أفريقية جيسي اونز، الذي شارك في أولمبياد برلين عام 1936 وتفوق على العدائين الألمان في زمن الحكم االنازي وفاز بأربع ميداليات ذهبية، وقد عانى ما عانى سياسياً وإعلامياً في ذلك الوقت، نظراً لشيوع العنصرية. ويقال إن أدولف هتلر نفسه لم يهنئه بالفوز، وخرج من الملعب عند خسارة العدائين الألمان أمامه، بالرغم من تشجيع الجمهور له.

إنَّ الماضي حافل بالشواهد على الاستعلاء والاستغفال والمفاضلة غير العادلة، ولا نريد للحاضر ولا للمستقبل أن يكونا كذلكو فعالم اليوم ليس كما كان ما قبل الحرب العالمية الثانية، ونتمى أن تتعلم الأمم من أخطائها في عالم جديد، وتتجاوز كل أنواع التمييز.