ترسم قرارات المحكمة الاتحادية لأي بلد، آثاراً كبيرة على نظامها السياسي والاجتماعي، بل وحتى رفاهية مواطنيها أقتصادياً.

كان للأحكام الأخيرة التي أصدرتها المحكمة الاتحادية العراقية، أهمية بالغة وجديرة بالملاحظة، لأنها تمثل نقطة انطلاق جديدة بين المركز والإقليم؛ حيث أن التوترات السياسية العراقية الراهنة، جاءت كنقطة تحول إيجابية نحو استقرار البلاد، وتعزيز الوحدة الوطنية.

كما يبدو، وبالرغم من أنَّ هذه القرارات وصفت بأنها مثيرة للجدل كما يدعي الساسة الكورد، لكنها بمثابة الدواء المرتقب لعلاج جراحات الفساد والتمييز، التي يعاني منها المواطن الكوردي، لسنوات طويلة تحت نظام حكم العوائل.

تضمنت القرارات عدة أحكام، أهمها منع حكومة إقليم كوردستان من دفع رواتب الأكراد وتحويله كملف بيد حكومة المركز، إلا في حالة وافقت سلطة الإقليم على توطين رواتب موظفيها في المصارف الحكومية، وهذا يعكس حاجة ملحة لإعادة هيكلية النظام المالي، ومكافحة الفساد نتيجة ازدواجية الرواتب، وهي تمثل خطوة حاسمة نحو تحقيق العدالة المالية وتوزيع الثروة بشكل أكثر توازناً.

كذلك، أقرت تقليص عدد نواب الإقليم إلى مئة نائب فقط، ومنع إجراء الانتخابات دون رقابة حكومة المركز، وهذا يعكس سعي بغداد نحو تطبيق القانون، وتحقيق الشفافية في العملية الانتخابية للكورد، مما يضمن مشاركة جميع الفئات السياسية بمساواة، ويعزز الديمقراطية الحقيقية ويساهم بحفظ حقوق الأقليات في محافظات شمال العراق.

إقرأ أيضاً: العراق: قصف أميركي والخطر يتفاقم!

أما موضوع تسليم الإيرادات إلى بغداد، فإنها تعتبر خطوة نحو تعزيز التوازن، والتمثيل العادل بين مختلف المكونات العراقية، وضمان التوزيع العادل للثروات، والتي تحد من التفرد والاستبداد في صنع القرارات.

لهذه القرارات أيضاً أهمية بالغة للأمن الوطني العراقي، ولعملية بناء الدولة والمؤسسات الديمقراطية في البلاد، ففي ظل التحديات الأمنية الكبيرة التي تواجه العراق، يعتبر قرار نشر القوات على الحدود بين دول الجوار في الإقليم، خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار والسيادة الوطنية، ومنع أي تشكيك، فتبقي القوي بالداخل كوردية، وتكون القوة الماسكة للحدود هي مركزية، وتتحمل بغداد كافة تبعاتها.

إقرأ أيضاً: العشوائيات الديمقراطية

يمكن القول إنَ قرارات المحكمة الاتحادية العراقية تأتي لصالح حكومة المركز والمواطن الكوردي على حد سواء، وتعزز استقرار البلاد، حيث تسعى لتحقيق العدالة والشمولية، وتعزيز مبادئ الديمقراطية وحكم القانون. لكن أهم تساؤل سيثار، يتعلق بإن كانت هذه القرارات سترى النور، وتسطع شمسها على المواطن العراقي الكوردي، أم أنها ستكون مجرد ورقة ضغط، يلعب بها ساسة المركز والإقليم بينهما؟