العرف السياسي السائد في العراق، منذ إسقاط الرئيس السابق صدام حسين، هو استحقاق حصول الكورد على موقع رئاسة الجمهورية، وبعد الانتخابات الأخيرة، وبعد شد وجذب، تم الاتفاق على اختيار الرئيس الحالي السيد عبد اللطيف رشيد ليرعى الدستور، من جهة، وليصحح مسار العملية السياسية ويعمل من أجل الوفاق الوطني، ومن جهة أخرى ليدافع عن مصالح العراقيين ويصبح المنقذ لمستقبلهم في ظل الظروف والتعقيدات والتوترات الداخلية والتحديات والمتغيرات الاقليمية والدولية ومـآلاتها، وليسهم في مساعدة الجميع على الخروج من الأزمات منتصرين.
لكن من يتابع التطورات على أرض الواقع، والقرارات الجائرة للمحكمة الاتحادية المتعلقة بالكوردستانيين ومستحقاتهم المالية وبرلمانهم ونفطهم وبيشمركتهم ومؤسساتهم الرسمية خلال السنوات الثلاث السابقة، يرصد أن ما حدث معاكس تماماً لما ورد في الدستور العراقي الحالي وحتى الدساتير السابقة. ويعتبر أن الحديث عن الدستور في العراق أصبح مملاً وناشراً للتوتر لدى الكثيرين، ومساهماً في تغييب الأمن والأمان وفي تصاعد دخان الخلافات، خصوصاً أن الخارقين للدستور، والذين ابتدعوا بدعاً كثيرة في الخطاب والتطويع والمحاججة، ما زالوا يمثلون مراكز للقوة ويمتلكون السطوة والنفوذ، وما زالوا يفرضون هيمنتهم ويبسطون سيطرتهم على المشهد السياسي والأمني والاقتصادي والقضائي، ويتوعدون خصومهم ويتهمونهم بشتى التهم، ويسهمون بشكل فعال في تأجيج أزمات تحاصر الكوردستانيين من كل الجهات، ويتخذون قرارات تهدف إلى تعثر مسيرة التعايش والمساواة والاعتدال والانفتاح والتكامل في البلاد. هنا، لابد من القول إن شلة فاشلة (كوردية وأخرى عراقية) ذات وجوه كالحة، وأناس خالين من الحياء والكرامة وعزة النفس، نبذهم الشارعين الكوردستاني والعراقي، سخروا أنفسهم لمعاداة كيان إقليم كوردستان الدستوري، وأدمنوا إطلاق واجترار خطاب الكراهية في خلطاتهم العجيبة والغريبة كيفما يشاؤون ويستغلون المنابر الرسمية والمواقع الإلكترونية وشاشات الفضائيات، وبالذات التي لا تستخدم أسلوب الفلترة والحجب والمنع والمراقبة، لشن حملاتهم التشهيرية البشعة ولينغمسوا في الأوهام المتهرئة، وأصبحوا يبثون بشكل يومي، وبسوء قصد وتعنت وإصرار، سموم الكراهية بهدف تسقيط االفدرالية والديمقراطية وإثارة النعرات الشوفينية والمذهبية والقومية المقيتة.
أما المواطن الكوردستاني المتابع للجدل الدائر بشأن نفطه وقطع راتبه وانتخابات برلمانه وكوتا المكونات القومية والدينية في بلده، والذي دفع ثمناً باهظاً من أجل الحرية، فقد ابتعد عن إطلاق مفردات الأمل والتفاؤل والتغيير المنشود في العراق، وترقيع الأخطاء والانتهاكات، وقد مل من التسويقات والسرديات النظرية التي تتعمّد التلاعب بالألفاظ وخلط الأوراق، يعتقد، بل مقتنع، أن الذرائع الموجودة في المخيال القائم على معاداة الكورد في كل صغيرة وكبيرة لن تتغيّر ولن تصبح من الماضي. ومع ذلك، ورغم إشتداد الهجمات الظالمة ضده، يسأل:
* أين رئيس الجمهورية الكوردي الذي، من المفروض، أن يرعى الدستور ويسهر على ضمان تنفيذه؟
* لماذا لا يتخذ موقفاً صارماً لوضع حد للتجاوزات المستمرة من قبل الذين يعتبرون الكورد أعداء أزليين؟
* ولماذا لا يتحرك ضد أهواء الراغبين في التحايل والالتفاف على الدستور الذي كتبوه ووافقوا عليه، وقانون الموازنة الذي صوتوا له تحت قبة البرلمان، وإلى المصطلحات التي ينادون بها منذ عقدين من الزمان كالديمقراطية والشراكة والتعايش والتآخي والتوازن وإحترام حقوق الآخرين؟
* ولماذا لا يتخذ موقفاً ضد الذين يتشبثون بأفكار وغايات شيطانية مقيتة، ويعملون في سبيل أهداف جهنمية دنيئة ويساهمون في تصعيد التوتر لإستغلال الأوضاع وصبّ الزيت على النار لمنافع خاصة؟
كما يقول: إن كان فخامة الرئيس ليس على علم بكل تلك الخروقات، فذلك مصيبة، وإن كان يعلم بها ولا يريد أن يفعل شيئاً، فذلك مصيبتان، وأن كان يعلم بها، ويريد أن يفعل شيئاً ولكنه لا يستطيع فالمصيبة أعظم، وفي كل الحالات المصائبية هذه، وإن كان فقط لا يمثل إلا نفسه أو إلا حزبه، فالأجدر به أن يحفظ ماء وجهه ويعود إلى كوردستان.
التعليقات