لم يكن يوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) ولم تكن كتائب القسام ومن معها من قوى المقاومة هي من صنعت الحالة التي نعيشها اليوم على الإطلاق، بل كانت السكين التي فضحت حقيقة ما يحاك لبلادنا وشعبنا والمنطقة من مؤامرات وجرائم كانت معدة للتنفيذ بهذا الشكل أو ذاك لخدمة أغراض الولايات المتحدة بصناعة شرق أوسط مسيطر عليه بالكامل لصالح انشغالها بالمشرقين الصين في شرق آسيا وروسيا في شرق أوروبا، وهو ما يقض مضجعها، والاستدارة إلى شرق آسيا تحديداً يصبح مستحيلاً إن لم يكن الشرق الأوسط تحت قبضتها، وهي لذلك كانت تعد العدة من خلال دولة الاحتلال للتخلص من القضية الفلسطينية وقوى المقاومة في المنطقة، وكان ذلك واضحاً من إدارة الظهر شبه المطلق للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وظهر ذلك جلياً بموقف وتصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن أثناء زيارته إلى بيت لحم، وتصريحاته بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وظهرت كل الوقاحة علناً بأن حكاية الدولة باتت بعيدة المنال، وأن لا قدس ولا مقدس لكم، وكذا في المناورات التي أقامها جيش دولة الاحتلال لشهور عن ما اسمته يوم القيامة، وكان ذلك سيبدأ بدأت كتائب القسام أم لم تبدأ.

قبل السابع من تشرين الأول (أكتوبر) كان يجري الإعداد لفصل مناطق الضفة عن بعضها بعضاً وتحويلها إلى كانتونات بكل الوسائل، وعبر تشجيع وتطوير الاغتصاب والمغتصبات وإقامة الطرق التي تقطع أوصال الضفة الغربية، وكان آخرها طريق حوارة الذي بانتهائه انتهت دولة الاحتلال من مخططها وصار من الممكن تقطيع أوصال الضفة الغربية وتحويلها إلى مجموعة من الجيتوهات، بحيث تصبح كل محافظة جيتو مستقلاً بإدارة الاحتلال، وفي سبيل ذلك، حرصت دولة الاحتلال على إضعاف السلطة وإظهارها بمظهر العاجز، بمنعها الأموال عنها والتحريض عليها من جانب ومن جانب آخر وبشكل متناقض بمدحها والدعوة اللفظية لحمايتها حتى وصل الأمر إلى إظهر تناقض في أوساط دولة الاحتلال بشأنها، فهناك من يدعو لدعمها ولا يفعل شيئاً، وهناك من يحرض عليها ويفعل كل شيء، والمصيبة أن السلطة لم تحرك ساكناً بشأن ذلك.

من جانب آخر، صعدت دولة الاحتلال من التحريض على كل من حركة حماس والمقاومة في غزة، وعلى حزب الله والمقاومة في لبنان، وأظهرت بجلاء وبما لا يدع مجالاً للشك أنها ذاهبة إلى حرب إبادة على غزة بكل الأحوال، بما يصل إلى فرض سيطرتها وتقطيع اوصال غزة وابعادها عن عمقها العربي والاسلامي ان لم تتمكن من التخلص من ناسها، وانتشر البرنامج الصهيوني القائل إن على الشعب الفلسطيني أن يدرك أن خياراته تنحصر في المغادرة أو الخنوع أو الموت، وطرحت الخطط والتواريخ للتخلص من المسجد الاقصى ومن كل ما هو فلسطيني.

الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) كان صناعة أميركية بامتياز، ولذا علينا أن ندرك ما يجري على الارض بعد ان دخلنا الشهر السادس من الحرب وانجز الاحتلال شق غزة الى نصفين: نصف يموت بالخبيزة ونصف يموت بالنار، وبدأت الولايات المتحدة تقديم نفسها على أنها معارضة مطلقة لبنيامين نتنياهو وبدأ الاعداد للتضحية به مقابل إظهار أن الجريمة كانت من شخص واحد، أو من مجموعة صغيرة شاذة، ويمكن إبعادها والتخلص منها بعد أن تكون الولايات المتحدة قد أنجزت قطع غزة إلى نصفين وفتح بوابة الميناء العائم للدخول الأميركي والخروج الفلسطيني والانتهاء من جعل الضفة ضفات ثلاث أو أكثر.

على الأرض اليوم وبعيداً عن التصفيق للقاتل أو ندب المقتول، فإن أحداً لا يفعل شيئاً ولا يمنع مقتلة ولا يزرع في غزة خبيزة أكثر، فالخبيزة في فلسطين مصدرها في الجليل ومرج بن عامر، لا على رمل غزة، وبالتالي فإن الاحتلال والولايات المتحدة ومن معها ممعنون في جريمة تهيئة الشرق الأوسط لصالح أهداف امبراطورية الشر الأولى في العالم، بالتخلص من وجود المقاومة لدى كل من يقف اليوم الى جانب فلسطين في اليمن ولبنان والعراق وسوريا وحتى ايران باعتبارها الراس المستهدف الاول.

دون أن يستطيع الفلسطينيين الانتقال مجتمعين الى مربع المقاومة بكل اشكالها ومغادرة سجن الدولتين كأكبر كذبة في تاريخ القضية الفلسطينية، ودون تمتين جبهة قوى محور المقاومة وشرفاء الارض، فان القادم اسوأ بكثير مما نعتقد وان الخبيزة لن تبقى غذاء اهل غزة بل ستصل الى مرجع بن عامر والجليل وجبال الخليل.