لم يكن صباح التاسع من رمضان في مديرية رداع بمحافظة البيضاء اليمنية صباحاً اعتيادياً من صباحات شهر رمضان المبارك والمقدس، قولاً وعملاً، لدى أكثر من مليار مسلم حول العالم، حيث داهمت العناصر المسلحة والمدججة بالسلاح وأطقم العربات المحملة بعشرات المسلحين والأسلحة والمتفجرات منزلاً في رداع وقامت بنسفه ونسف المنازل المجاورة له، مسقطة عشرات القتلى والجرحى، والتقطت الجوالات الذكية لسكان المنطقة المشاهد المروعة والمؤلمة صوتاً وصورة، ونقلتها إلى العالم بكل التفاصيل المأساوية.
كان أهل رداع هذه المرة محظوظين، بالرغم من فظاعة الكارثة، لكونهم تمكنوا من نقل الوقائع كما هي على الأرض،و على غرار آخرين في حوادث مماثلة سابقة، وهم كثر، لم يتمكنوا من نقل مشاهد العنف والقتل والنسف والتدمير الذي تمارسه جماعة الحوثي التي تُسيطر على بعض أجزاء اليمن بقوة السلاح، وتقوم بتنفيذ إجراءات عنيفة دون رحمة ضد اليمنيين، الذي جعلهم القدر في مناطق سيطرتهم.
الجماعة المسلحة ومسؤولوها الذين ملأوا الدنيا صراخاً بالشعارات والتغني بالدعم الشعبي في مناطق سيطرتهم، كانوا في أضعف حالاتهم إعلامياً وشعبياً وبادروا في حالة نادرة إلى التنديد والوعيد والوعد بمحاسبة المتسببين، ورموا بما حدث خارج مسؤولية الجماعة، واعتبروه حادثاً فردياً، بالرغم من أن من قام به هو عنصر أمني هم من قام بتعيينه ليقود العمليات في المنطقة، وبرفقة محافظ محافظة البيضاء المعين من قبلهم.
كثير من اليمنيين في صنعاء وأرحب وصعدة وعمران تعرضوا لما تعرضت له عوائل مديرية رداع، بل وأشد وأعنف منه، لكن البعض منهم لم يسعفه الحظ لنقل المشاهد والمآسي التي تعرض لها لليمن وللعالم، ليعرفوا الحقيقة الساطعة في تعامل هذه الجماعة مع اليمنيين الذين يخالفونها في التوجه والاعتقاد.
إنَّ تكرار هذه الحوادث دليل على النهج المُتبع لهذه الجماعة، فهو الأسلوب المحبب لديهم لترويع وإرهاب خصومهم ومعارضيهم ومن ورائهم المواطنين اليمنيين العزل، فرمي النساء والأطفال الذين لا ذنب لهم في العراء دون مأوى يجعل الكثير من اليمنيين يلتزمون الصمت حفاظاً على حياتهم وحياة أبنائهم وسلامة منازلهم. البلطجة السياسية والأمنية تُوحي بأن هذه الجماعة ليس لديها مشروع سياسي تشاركي مع الاتجاهات الأخرى في اليمن، فحمل السلاح والمتفجرات في اليد اليمنى وفي اليد اليسرى حمل الشعارات الوطنية والقومية التي تتغنى بها لا يستقيم واقعاً ولا منطقاً، ومن يرى ما حدث من نسف للمنازل على رؤوس ساكنيها يعتقد بأن ذلك يحدث في غزة لأول وهلة، إلا أن هذه الحوادث في اليمن وبأيدي يمنيين، ومن الغرائب أن جماعة الحوثي تدعي مناصرة غزة، لكنها تفعل باليمنيين كما يفعل نتنياهو بالفلسطينيين، وبنفس الطريقة والأسلوب.
لا أعتقد أن اليمنيين سيتقبلون الجماعة وهي تعربد في منازلهم ومتاجرهم ومساجدهم ما لم يُظهروا ويبرزوا وجههم السياسي ويعلنوا مشروعهم السياسي الواضح، ليعرفه اليمنيون والاتجاهات السياسية الأخرى، والتخلي عن وضع فوهات البنادق على رؤوس اليمنيين والمتفجرات تحت منازلهم.
التعليقات