ضمن حربها المستمرة على قطاع غزة منذ 180 يوماً على التوالي، تمارس حكومة التطرف الإسرائيلية حرب الإبادة المنظمة بحق الشعب الفلسطيني، والتي تخلف يومياً المزيد من الشهداء والإصابات والمفقودين بمن فيهم الأطفال والنساء، وتعمق جراح النزوح المتواصل بحثاً عن مكان آمن في قطاع غزة لا يتوفر، وبات هدف الاحتلال الاستراتيجي واضحاً، وهو تقوم بتكريس كل أشكال الاحتلال والسيطرة الأمنية والعسكرية على قطاع غزة من خلال ترسيم ما يسمى بالمنطقة العازلة التي تلتهم مساحة واسعة من القطاع، وتقوم بتقطيع أوصاله من خلال شق طرق عرضية وطولية وتحويله إلى مناطق معزولة بعضها عن بعض كما هو الحال في فصل شمال قطاع غزة عن وسطه وجنوبه، وكذلك ما يروج له الإعلام العبري بشأن تطويق وعزل رفح ومنطقتها، في ظل إغلاق شامل لكامل حدود القطاع والإمعان في تدميره منطقة تلو الأخرى وتحويله إلى مكان غير صالح للحياة البشرية.

وبات من الواضح أنَّ حكومة الاحتلال تعمل على توسيع سيطرتها وتحدد لما تسميه باليوم التالي للحرب بشكل منفرد بعيداً عن مطالبات المجتمع الدولي وتعمل على تكريس سياسة الأمر الواقع وتخطط لتكرس عدوانها وتعمل على إنجازه خطتها بشكل تآمري وتصفوي وتكريس سيطرتها العسكرية والأمنية على قطاع غزة، وفصله تماماً عن الضفة الغربية المحتلة، وضرب الجهود الدولية المبذولة لتوحيد جغرافيا دولة فلسطين في ظل الشرعية الفلسطينية المعترف بها، متجاهلة كل المواقف الدولية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني.

إقرأ أيضاً: الحرب والاستيطان في الأغوار وتحدي الإرادة الدولية

وما من شك أنَّ الفشل الذريع الذي لحق بحكومة التطرف الإسرائيلية هو الذي يدفع دولة الاحتلال للاستمرار في عدوانها لإبادة الشعب الفلسطيني وإعلان حرب الإبادة بحقه، والفشل هو الذي يدفع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى العمى الأخلاقي والإنساني والسياسي وممارسة جرائم الحرب واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، وانتهاج مزيد من القتل والتدمير والتهجير ليخرج نتنياهو عبر مؤتمراته الصحافية ليعلن عن هدفه الاستراتيجي من الحرب في إعادة احتلال كامل قطاع غزة والضفة الغربية، ناسياً أو متناسياً أنَّ احتلاله راحل وإلى زوال، وأنَّ الشعب الفلسطيني وجد لينتصر، ولا يمكن تركيعه أو النيل من حقوقه، وسيبقى على أرضه صامداً مكافحاً، ولن تنال منه كل أساليب القمع والإرهاب.

ولا يمكن لكل مخططات الاحتلال ومشاريعه التصفوية أن تمر على الشعب الفلسطيني، وأن يقبل مشروعاً غير إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والمترابطة جغرافياً وعاصمتها القدس، وكل مؤامرات التصفية وخلق بدائل من الاحتلال لا يمكن أن تمر على شعب فلسطين، وحكومات الاحتلال السابقة وعلى مدار تاريخها استخدمت كل أشكال المؤامرات وجميعها باءت بالفشل، ولن تنال من إصرار الشعب الفلسطيني وعزيمته على نيل حقوقه الوطنية المشروعة ضمن محددات المجتمع الدولي.

إقرأ أيضاً: وقائع صادمة من مستشفى الشفاء

إنَّ أي ترتيبات لا تتم ضمن محددات الموقف العربي والدولي ولا تطرح في إطار حل سياسي واضح الملامح يضمن تجسيد الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967 وبقرار ملزم من مجلس الأمن الدولي يعتبر مضيعة للوقت، وإطالة لأمد الصراع ودوامة الحروب والعنف، الأمر الذي يتطلب وقبل فوات الأوان سرعة ترجمة الإجماع الدولي على حل الدولتين إلى خطوات عملية لحل الصراع وفقاً لقرارات الشرعية الدولية وتحقيق أمن واستقرار المنطقة والعالم، وبهذا الخصوص يتحمل المجتمع الدولي المسؤولية عن نتائج وتداعيات إضاعة هذه الفرصة.