إن تركنا كل جرائم الحرب في جهة وسلّطنا الضوء على جريمة منع إدخال الغذاء والدواء والمساعدات إلى غزة، ألا تستدعي تلك الجريمة المستمرة لأشهر تحركاً دولياً لإنقاذ الأطفال والمرضى والكهول؟ ألا يستطيع أن ينام الأطفال مذعورين بأمعاء شبعة وجسد قادر على مواجهة صعاب الغد بدلاً من نومهم جوعى وعطشى منتظرين المنظمات الدولية لحقوق الطفل لأن تتخذ إجراء بشأنهم؟

أجمع العالم على أنَّ الأوضاع الإنسانية في غزة كارثية، خاصةً في ظل قطع الإمدادات الغذائية والدوائية وانتشار الأمراض والأوبئة نتيجة حالة الاكتظاظ الشديدة في مراكز الإيواء. بعيداً عن كل ما يجري من انتهاكات، متى تتخذ الإنسانية موقفاً تجاه هذا الحصار الذي لا ينتهي والذي أنهك الغزيين وحول أرضهم إلى أرض بور تعجز عن إطعام فلذات كبدها.

قتلت المجاعة حديثاً ما لا يقل عن 40 طفلاً جراء الجفاف وسوء التغذية، و3500 طفلاً غيرهم يواجهم خطر هذا الموت إذا لم يتم معالجة سوء التغذية وإمدادهم بالأدوية والمحاليل اللازمة والتطعيمات. أبسط مقومات الحياة باتت مستحيلة، والإبادة مستمرة، والعجز الدولي يتصدر المشهد. لن نتحدث عن تدمير البنية التحتية لحقوق الأطفال في العلاج والعلم والأمن، فالجفاف وسوء التغذية والموت جوعاً أشد قهراً في نفوسنا، لكننا نقف اليوم لنسأل متى يُسمح بحصول هؤلاء الأطفال على الحق في الحياة ومن يستطيع إنهاء المجاعة؟