آلام وجراح الشعب الفلسطيني، لا تتوقف أمام رصاص وقذائف جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يقتل ويدمر دون حساب أو عقاب، وما زال المجتمع الدولي يكتفي بدور المتفرج، أمام المشاهد المأساوية بسقوط آلاف الشهداء والجرحى.

في الوقت الذي تسعى فيه أطراف الوساطة لإيجاد حل لوقف إطلاق النار، يكثف جيش الاحتلال من غاراته العنيفة، على مناطق متفرقة من قطاع غزة، ضاربًا بقرارات المحكمة الجنائية الدولية عرض الحائط، ويبدو أن المشهد يزداد صعوبة، بعد الهجوم اليمني على إسرائيل، الأمر الذي يوسع دائرة الصراع في المنطقة.

ومن قراءة المشهد، يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يتعرض لهجوم شرس داخل الأوساط الإسرائيلية من أسر الرهائن وغيرهم من فئات المجتمع الإسرائيلي الذي يعيش حالة من الرعب الشديد بسبب الهجمات التي تحدث بين الحين والآخر على تل أبيب، يسعى لتحقيق مجد شخصي، على حساب آلاف من الأرواح، ويحاول تحقيق أي مكاسب، لإرضاء شعب إسرائيل الساخط على حكومة نتنياهو.

ويعكس قرار جيش الاحتلال الإسرائيلي بإخلاء الجزء الشرقي من المنطقة الإنسانية، الرغبة الدموية لدى إسرائيل في استمرار القصف العنيف، بحجة اختباء عناصر مُسلحة في تلك المنطقة، واتهم جيش الاحتلال «حماس» بأنها تستخدم المدنيين كدروع بشرية، وهو ما نفته الحركة، ويؤكد أن جيش الاحتلال يحاول تبرير جرائمه بحق المدنيين، ويحاول إلصاق التهمة بالمقاومة.

وجاء قرار المحكمة العليا للأمم المتحدة بعدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، كتذكير بأنَّ احتلال إسرائيل الأراضي الفلسطينية يتعارض مع القانون الدولي، في رأي تاريخي.

ورغم مطالبة محكمة العدل الدولية، إسرائيل بوقف النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية وإنهاء احتلالها «غير القانوني» لتلك المناطق وقطاع غزة، في أسرع وقت ممكن، جاء رد نتنياهو بتكذيب قرار المحكمة.

وأفتى نتنياهو بأن قرار المحكمة ليست ملزمة قانونًا، وهذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها محكمة العدل الدولية موقفًا بشأن شرعية الاحتلال المستمر منذ 57 عامًا. وتنظر محكمة العدل الدولية، ومقرها لاهاي بهولندا، في هذه القضية منذ بداية العام الماضي، بناء على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة. وطُلب من المحكمة على وجه التحديد إبداء رأيها في سياسات إسرائيل وممارساتها تجاه الفلسطينيين، وفي الوضع القانوني للاحتلال.

الوجود الإسرائيلي المستمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة «غير قانوني»، ودولة الاحتلال ملزمة بإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة في أسرع وقت ممكن، بناء على القرار الصادر، وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة عام 2005 لم ينه الاحتلال لتلك المنطقة، لأنها لا تزال تمارس سيطرة فعلية عليها. أيضًا يتعين على إسرائيل إجلاء جميع مستوطنيها من الضفة الغربية والقدس الشرقية ودفع تعويضات للفلسطينيين عن الأضرار التي سببها الاحتلال.

وتحدت دول الاحتلال كافة القرارات الأممية والدولية، وقامت ببناء نحو 160 مستوطنة تضم نحو 700 ألف يهودي في الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ عام 1967، وطبقًا لما ذكرته المحكمة، فإن المستوطنات غير قانونية، وجادلت إسرائيل باستمرار بأنها ضد القانون الدولي. وسياسات وممارسات إسرائيل تصل إلى حد ضم أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي.

إقرأ أيضاً: لبنان ضحية حزب الله

ولا يحق لإسرائيل السيادة على أي جزء من الأراضي المحتلة. طبقًا للقوانين الدولية، ورغم ذلك تتحدى إسرائيل تلك القرارات، وتفرض سطوتها بالقوة على القدس بأكملها، التي احتلت النصف الشرقي منها في حرب الشرق الأوسط عام 1967. وتعتبر المدينة عاصمتها غير القابلة للتقسيم، وهو الأمر الذي لا تقبله الغالبية العظمى من المجتمع الدولي.

القيود الإسرائيلية على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة تشكل «تمييزًا منهجيًا على أساس العرق أو الدين أو الأصل العرقي، من بين أمور أخرى». واستغلت إسرائيل الموارد الطبيعية للفلسطينيين بشكل غير قانوني وانتهكت حقهم في تقرير المصير.

واتهم نتنياهو قرار المحكمة في لاهاي بأنه أكاذيب ويشوه الحقيقة التاريخية!، وواقعيًا بعيدًا عن «تخاريف نتنياهو»، فإن قرار المحكمة الدولية انتصار تاريخي لحقوق الشعب الفلسطيني، وحقه في تقرير المصير.

إقرأ أيضاً: حماس.. ماذا بعد قطر؟

وتعرض جزء كبير من خان يونس لدمار كبير في الهجوم الإسرائيلي، وتم تهجير أصحاب الأرض، بعد أن أصدر الجيش الإسرائيلي أمر إخلاء جديد للأحياء الشرقية الأخرى في خان يونس، وكذلك البلدات والقرى المجاورة، بما في ذلك بني سهيلة. وتلقوا تعليمات بالذهاب إلى المنطقة الإنسانية، التي تمتد على طول الساحل من المواصي إلى مدينة دير البلح بوسط البلاد، على الرغم من تحذيرات الأمم المتحدة من أنها مكتظة بالفعل بالخيام وتفتقر إلى الخدمات الأساسية والبنية التحتية الحيوية.

من هنا يجب التصدي لمشروع التهويد، من خلال المصادرة والاستيطان والتهجير والممارسات العنصرية ضد شعب تحت الاحتلال، أيضا على المجتمع الدولي احترام رأي العدالة الدولية، وإجبار إسرائيل على إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية.