كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، نقلًا عن مسؤولين إيرانيين، مساء الأربعاء، 31 تموز (يوليو) 2024، "أن المرشد علي خامنئي أمر بالرد بشكل مباشر على إسرائيل بسبب اغتيال هنية". وتَوعَّد المرشد الأعلى بتوجيه "عقاب قاسٍ" لإسرائيل بعد هذا الاغتيال. وقال: "نعتقد أنه من واجبنا الثأر للدماء التي أريقت على تراب الجمهورية الإسلامية".

واعتبر مندوب إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد عرفاني، في كلمة خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن، أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، يعد انتهاكًا للقانون الدولي والسيادة الإيرانية. كما اعتبر المندوب الإيراني أن "إسرائيل اغتالت هنية بدعم استخباراتي أميركي". ودعا مجلس الأمن إلى "إدانة السلوك الإسرائيلي بعد اغتيال هنية"، و"النظر في فرض عقوبات على إسرائيل". وشدّد على أنَّ "طهران تحتفظ بحقها في الدفاع عن النفس والرد على اغتيال هنية".

لم يتأخر حزب الله كثيرًا في إعلان موقفه من اغتيال إسرائيل فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث توعد الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، بـ"رد حقيقي".

إنّ المفاوضات العبثية التي تقودها كلٌّ من قطر ومصر وأميركا لن تؤدّي إلى أيّ نتيجةٍ إيجابيّة تُنهي الحرب على غزة، ذلك أن إسرائيل وبدعمٍ من أميركا لا ترغب في إنهاء المأساة التي يعيشها مواطنو غزة الأبرياء. فهدف إسرائيل وأميركا من وراء الحرب، كما يعلم الجميع، هو القضاء على شعب غزة ومن بقي منه حيًّا يتم تهجيره خارج البلد. فالشروط الجديدة التي وضعتها إسرائيل ومعها أمريكا تقضي ببقاء جيش الكيان الصهيوني في محور فيلادلفيا.

فقد نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي مشارك في المفاوضات، وصفه "اجتماع نتنياهو المُرتقب يوم الخميس 15 آب (أغسطس) 2024 لاستئناف المفاوضات بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار، بأنه اجتماع الفرصة الأخيرة". وحسب هيئة البث الإسرائيلية، فإن "إسرائيل تُطالب بالسيطرة على محور فيلادلفيا والتأكيد على تفكيك حركة حماس في معبر رفح، إضافة إلى المطالبة بزيادة عدد الرهائن الأحياء الإسرائيليين الذين سيُفرج عنهم إلى الحد الأقصى". كما "تُطالِب إسرائيل، حسب المصدر نفسه، بحقِّها في اتخاذ القرار بشأن الأسرى المدرجين ضمن الفئة الإنسانية، وبالحق في طرد الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم في إطار الصفقة خارج القطاع".

إقرأ أيضاً: الاستعمار ووراثته

من خلال هذه المطالب الجديدة لحكومة بنيامين نتنياهو بشأن صفقة التبادل، عقب الإعلان عن البيان الثلاثي لاستئناف مفاوضات صفقة التبادل، يتضح جليًا أن إسرائيل غير جادة في مُفاوضات صفقة الأسرى والمَسجونين. فهي تُحاول أن تُعرقل مَسار المُفاوضات وترغب في إحباط كلّ محاولاتٍ لوقف الحرب وإنهائها. فهي تسعى إلى إطالة الحرب وإبادة أكبر عدد من المواطنين وتهجير الأحياء منهم خارج غزة.

وبالعودة إلى تَوعُّد إيران وحزب الله بالرّدّ القاسي والمؤلم على اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر، يتبيّن أن الرّدّ آتٍ لا محالة. ويأتي التأخير في الردّ والتّأنّي فيه لاعتبار واحد هو الانتظار حتى تنتهيَ المُفاوضات الثلاثية، وحينئذ سيبدأ الرّدع، لأنّ إيران ومعها حزب الله لا يُريدان أن تتخذ إسرائيل وأميركا الضربات التي سَتُوَجَّه لإسرائيل ذريعةً لاستئناف الحرب. في هذه الحالة، سيتمّ اتهام إيران وحزب الله برغبتهما في التصعيد في المنطقة وتوسيع رقعة الحرب لِتشمل الإقليم بِرُمَّته، ووقتها ستجِد أميركا الفرصة سانِحةً للتدخُّل المُباشر في حرب مع إيران.

إقرأ أيضاً: حفل الأكاذيب في الكونغرس

إيران وحزب الله يُدركان تمامًا أنَّ المُفاوضات بين حماس وإسرائيل مفاوضات عبثية وغيرُ ذات جدوى، وأن إضافة إسرائيل لشروطٍ جديدةٍ هي تعجيزية ولا يُمكن أن تؤدي إلّا إلى فشلها.

إسرائيل، ومنذ القِدَم، ناقضة للقوانين والمواثيق الدولية، لم ولن تسعى إلى السلم والسلام، فهي كيان تعوّد على الإجرام وسفك الدماء، ولن يردعه إلّا القوة، قوة السلاح. لذلك، على جبهة المقاومة توجيه ضربات موجِعة لهذا الكيان، حتى يستجيب لكلّ الشروط التي طرحتها حماس بإنهاء مجازرها ومذابحها في غزة، وانسحاب جيشها من ربوعها، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء القطاع، وإعادة الإعمار. ومن ثم الشروع في مفاوضات جدّية حول قيام دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة وعاصمتها القدس، وعودة اللّاجئين الفلسطينيين المُقيمين خارج وطنهم.