على الرغم من وجود العديد من الاختلافات والتباينات في الآراء ووجهات النظر بخصوص المسائل والقضايا المختلفة المتعلقة بالنظام الإيراني، فإن هناك تطابقاً في الآراء حول حقيقة أن هذا النظام يعاني من أزمة حادة خانقة تمسك بخناقه على مختلف الأصعدة. هذه الأزمة ليست ناجمة عن العقوبات الدولية كما حاولت الأوساط السياسية والإعلامية للنظام تسويقها للعالم، بل إنها، وباعتراف قادة وخبراء في النظام نفسه، نتيجة لفشل وأخطاء تراكمية طيلة 45 عاماً من الحكم.
عمق وحدَّة الأزمة التي تعصف بالنظام الإيراني، والتي باتت واضحة وضوح الشمس، ليس المهم اعتراف القادة والخبراء في النظام بها وبأنها موروثة عن أخطاء متراكمة، بل الأهم والأخطر هو اعتراف هؤلاء القادة والخبراء بتشاؤمهم الكامل من قدرة النظام على إيجاد أي حل لهذه الأزمة الشاملة. وهذه حقيقة صار يدركها الشعب الإيراني جيداً. تظاهرات واحتجاجات الشعب الإيراني أصبحت ذات طابع سياسي، وترديد الشعارات المعادية للنظام والولي الفقيه يؤكد أن الشعب يعلم أن السبب الرئيسي للأزمة هو النظام نفسه، وأن استمرارها مرتبط ببقاء هذا النظام.
عندما يصرح مسعود بزشكيان بأن النظام بحاجة إلى 200 مليار دولار للخروج من أزمته وتحسين أوضاعه، في وقت يدرك الجميع أن النظام يعيش في عزلة بسبب سياساته العدوانية، ولا سيما تدخلاته في المنطقة وإثارة الحروب، فمن الواضح أن بزشكيان يتمنى أملاً غير قابل للتحقيق.
إقرأ أيضاً: ماذا عن الإصلاحات في حكومة مسعود بزشكيان؟
يحاول النظام الإيراني من خلال وسائل إعلامه، ومن خلال أبواق إعلامية تابعة له، أن يروج لفكرة أن أساس الأزمة هو العقوبات الدولية، وأن رفعها سيساهم في حلها وتحسين أوضاعه. لكن هذا الكلام مجرد كذبة ووهم جديد يهدف إلى خداع الشعب الإيراني وأحزاب وميليشيات النظام. هذا النظام الذي أهدر ثروات هائلة، يمكن تقديرها بتريليون دولار على مخططاته المشبوهة لتنفيذ مشروعه السياسي والفكري والاجتماعي في إيران والمنطقة، يربط بقاءه واستمراره ببقاء واستمرار هذا المشروع، ما يعني استمرار الأزمة وتداعياتها الوخيمة.
إقرأ أيضاً: بزشكيان ورئيسي: وجهان لعملة واحدة
لا شك أن احتمالات التوصل إلى اتفاق نووي جديد، كما يأمل بزشكيان، بعيدة المنال في ضوء استمرار المساعي السرية للنظام في برنامجه النووي وعدم استعداده للتخلي عن هدفه في حيازة السلاح النووي. ومن الواضح أن الأزمة ستبقى مخيمة على الأوضاع في البلاد، وستظل الأجيال الشابة مقتنعة بأنه لا سبيل لتحسين أوضاع الشعب الإيراني إلا بتغيير جذري. الاحتجاجات المتزايدة والنشاطات المعادية للنظام داخل إيران تؤكد أن هناك مساراً مختلفاً تماماً يقف في وجه ما يطمح إليه النظام، وأن انفجار الأوضاع مجدداً في إيران لا يحتاج سوى لشرارة واحدة!
التعليقات