لعل الأوراق الدبلوماسية السياسية التي تخرجها الخارجية المغربية نقطة تلو الأخرى، والتي أدهشت من يعاكس وحدة تراب المملكة المغربية، هي بالتأكيد رسالة وصلت إلى الجارة إسبانيا وبدرجة أقل إلى جارتنا الشرقية. فمطالب إقليم الباسك القديمة يعرفها كل العالم، وتقرير المصير قد يشتت العالم. لذا يا أهل العقل، دعوا المغرب يعيش بسلام في أرضه، أرضه التي يشهد على وحدتها التاريخ قبل الجغرافيا!

تفهم وتعقل حكومة الجارة الشمالية إسبانيا، واعترافها بوحدة الأراضي المغربية وصواب القضية المغربية، فيه الكثير من الخير، أمنياً واقتصادياً وتراثياً، وزيادة على ذلك بكثير.

أما جارتنا الشرقية، فحكمة العقل كانت تدفع بالمغرب دوماً إلى تذكيرها بضرورة الرجوع إلى جادة الصواب والعودة إليها، واحترام وحدة البلاد والعباد.

الأمر ذاته ينطبق على الجارة الشمالية إسبانيا؛ فالمعاملة بالمثل سهلة، لكنها مدمرة للمنطقة بكاملها. فنزعة الانفصال لدى القبائل في بلاد وقف معها المغرب في وقت صعب جداً، وكل المصادر التاريخية شاهدة على ذلك في معظم المكتبات العالمية، أو إقليم الباسك في شمال إسبانيا، غير خافية على أحد.

لذا، من يعتقدون أن مسألة تقرير المصير هي أولوية لتحقيق وهم الجزائر الكبرى، الجزائر المطلة على المحيط الأطلسي، بحقد مرضي، هم واهمون وبعيدون عن واقعية الواقع! فتقرير المصير، يا جارتنا الشرقية، يعني البلقنة وتشتيت الجميع. يا أهل العقل في الجزائر الشقيق، لا تتوهموا أنَّ التيارات البحرية ثابتة.

وللصبر حدود معقولة، فلنكن على كلمة سواء، وادفعوا باتجاه تدعيم وحدة الأراضي المغربية، ونسيان الأحقاد والعقد التاريخية المشينة والمجانبة لصواب الدين والتاريخ والمصير المشترك. يا عقل، تعقل قليلاً، فالنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعوب المغاربية لن يكون بالحقد أبداً، بل بالأمل القائم على حقيقة ثابتة، وهي أن المملكة المغربية ستبقى شامخة بوحدة أراضيها وتنوع رافد شعبها المسالم المحب للخير. فهل من عاقل حكيم؟