زيارة رئيس جمهورية الملالي، مسعود بزشكيان، إلى نيويورك لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة تؤكد وقوع منطقة الشرق الأوسط في المحظور. كما أن رفض بزشكيان مقابلة رافائيل غروسي، رئيس وكالة الطاقة الذرية، يؤكد عدم وجود أي تغيير في سياسة النظام الإيراني. ولن يكون خطاب بزشكيان في الأمم المتحدة أقل حدّة من خطاب سلفه إبراهيم رئيسي، الذي دخل مبنى الأمم المتحدة وهو مُدان بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية. وها هو بزشكيان يدخل المبنى ذاته محملاً بنفس أزمات نظام الملالي، وقد يطالب أصحاب الأمم المتحدة بإيجاد حل لها، متفاخراً بسجل إعدام أكثر من 178 شخصاً منذ تعيينه في منصب الرئيس.
من المُشين ألا يُساوى قدر الضحية مع الجلاد في أروقة المجتمع الدولي. فالجلاد يجد مجلساً ويجد من يتفق معه ويتحالف في ركب ما يسمى بالشرعية الدولية، أما الضحايا، فأعلى ما يحصلون عليه هو كلمات التعاطف الخجولة والمترددة في المحافل الدولية التي صنعها ويديرها الكبار. يبدو أن هذا المجتمع الدولي قد سنّ أدبيات أكبر من قدراته وأكبر مما يؤمن به، ولذلك يصعب عليه معايشة تلك الأدبيات.
من المُشين أيضاً أن نبقى سائرين في ركب هذه الخديعة، بلا دور ولا صوت ولا رأي ولا تأثير. نعم، من المُشين أن نقبل بأن يفرض علينا هذا المجتمع الدولي واقعاً يجب أن نعيشه، وهو واقع جمهورية الملالي النووية التي تقف على أعتاب صناعة أربع قنابل نووية، كما يقول الغرب ومؤسسته للطاقة الذرية. والحقيقة أن الغرب ليس بريئاً من التواطؤ في تسهيل الظروف اللازمة لبرنامج الملالي النووي حتى بات قريبا من صنع تلك القنابل أو قد يكون صنعها بالفعل ويتكتم على ذلك.
شخصياً، لا أستبعد أن يكون ملالي إيران هم من قاموا باغتيال إبراهيم رئيسي، الرئيس السابق لجمهورية الملالي والمدان بمجزرة عام 1988 التي راح ضحيتها أكثر من 30 ألف سجين سياسي، معظمهم من منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة. ليأتي الملالي بشخص جديد بعيداً عن ملفات الإدانة التي كانت تحيط برئيسي ومحسن إجئي وآخرين من الجلادين في نظام ولاية الفقيه، وبخطاب سياسي جديد. لكن هذا الشخص الجديد صاحب الخطاب الجديد أكد أنه على خطى رئيسي، وأداة طائعة بيد علي خامنئي، وليّ فقيه الملالي. والدليل على ذلك هو إعدام أكثر من 178 شخصاً منذ تعيينه في منصب رئيس جمهورية الملالي. ولا عجب إن تناغم الغرب مع تصريحاته، فقد سبق لهم الرقص مع خاتمي الرئيس الأسبق لجمهورية الملالي، ثم ندموا بعد أن شبعوا رقصاً.
إقرأ أيضاً: لو دامت لغيرك لما وصلت إليك!
يحاول نظام الملالي تلميع صورة بزشكيان وإظهاره بمظهر المعتدل، مدعياً أنه يسعى للتعامل باعتدال وتسامح مع المنطقة والعالم. لكن الحقيقة أن تصريحاته جوفاء وزائفة، ولا يستطيع تنفيذ أي منها. وقوله "ليس لدينا مشكلة مع دول المنطقة" غير صحيح، بدليل الواقع في الدول العربية المحتلة وفلسطين، ودور نظامه في إبادة غزة وفي مقتل إسماعيل هنية. وأما قوله "ليس لدينا حرب مع أميركا" فقد صدق فيها. أما قوله "لا نريد تصدير ثورتنا"، فإنه يكذب على نفسه، لأن تصدير ما يسمونه بالثورة هو الرئة التي يتنفس من خلالها نظام الملالي.
إقرأ أيضاً: إذا كان الغراب دليل قومٍ...
مؤلم أن يتعاطى المجتمع الدولي الذي طالما تشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان مع نظام الملالي الرجعي الحاكم في إيران، متناسياً آلام الشعب الإيراني وشعوب المنطقة التي تعاني من تدخلات النظام الإيراني. والأكثر ألماً أن نبقى في الشرق الأوسط مستسلمين أمام جرائم هذا النظام الذي سيقوم بتركيع المنطقة قريباً بدعم غربي. لا نجاة من شرور هذا النظام إلا بدعم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ونضال الشعب الإيراني لإسقاطه وإقامة إيران جديدة.
على النظام العالمي أن يكف عن محاولة ترميم نظام الملالي وفرضه كقوة توسعية في الشرق الأوسط. هذا النظام الاستبدادي الآيل للسقوط سيتلاشى عاجلاً أم آجلاً على يد الشعب الإيراني، وسيبقى ذكرى سوداء في التاريخ.
التعليقات