في أولى خطواته من على كرسي الصدر الأعظم نحو الخارج، يتوجه بزشكيان بتوجيه من الخليفة لزيارة ولاته وعماله في ضيعتهم الأقرب "العراق".

زيارة بزشكيان إلى العراق أمر طبيعي، كما فعل من سبقه من عمال خامنئي. لا بدَّ من تلك الزيارة بعد تعيين كل رئيس جمهورية للنظام في إيران، بهدف تجديد بيعة السلطة العراقية الحاكمة رسميًا للخليفة في طهران. فالجماعات والميليشيات تجدد ولاءها بشكل دوري ومستمر، بينما تجديد بيعة السلطة يكون مع كل حكومة جديدة أسسها ولي الفقيه الخليفة علي خامنئي. وكضيعة للخليفة يديرها عماله وولاته، لا تجد سلطة العراق الجديد عراق الميليشيات في الطاعة وتجديد البيعة سوى فريضة واجبة تؤديها بارتياح. ينتظر ما يسمى بـ"الرئاسات الثلاث" في هذه الضيعة توقيتات نيل الرضى من الخليفة.

لن يجد الصدر الأعظم أي عوائق في زيارته، حيث تم تمهيد الطريق سلفًا ليتفقد ضيعة خليفته وحديقته الخلفية، التي يمن بها على عماله في العراق.

لم يسبق أن زار عامل من عمال الخليفة علي خامنئي العراق وجلب معه الخير. تذكّرني زيارة بزشكيان هذه بزيارة إبراهيم رئيسي عندما قال للشعب العراقي: "أيها الشعب العراقي أنتم أهلنا"، بينما لم يسلم هذا "الأهل" من المساومات والابتزاز والتجاوز على سيادة الدولة ونهب ثرواتها. في عهده، غرق العراق بتريليونات الدنانير العراقية والدولارات المزورة التي استُبدلت بعملة صعبة، إضافة إلى السيطرة على سوق المال والأعمال ومفاصل الدولة، مما لا يختلف عمّن سبقه. سيطروا على حقول النفط وضاعفوا إنتاجها وسمّوا ذلك "نصرًا". كما حُمّلت العراق تكلفة حرب داعش التي أسسها الملالي، والجزء الأكبر من نفقات حربهم وتمددهم في سوريا.

إقرأ أيضاً: تلك هي الحقيقة: يتوارون خلف الإسلام لإحياء أمجاد قديمة

لم تعد شعارات الخليفة تنطلي على معظم العراقيين. فقد فهموا قول إبراهيم رئيسي جيدًا، وأنه يقصد السلطة والميليشيات الموالية، بينما "الشعب" هو الأربعة بالمئة الذين يخدمون مصالحهم. هذه النسبة، التي صرح بها أحد جنود الخليفة، آخذة في التراجع، كما أثبتت الانتخابات الأخيرة. الشعب العراقي يدرك تمامًا أنَّ من يقتل شعبه في إيران لن يتوانى عن قتل العراقيين، كما حدث في انتفاضة تشرين. من يبحث في أوضاع السجون والمحاكم العراقية يجدها نسخة من جحيم إيران.

قال العراقيون لكل زائر من عمال الخليفة: "لا هلا ولا مرحبا". هذه المقولة تُقال لكل زائر غير مرحب به.

ما تمتلكه سلطة الخليفة من تريليونات الدنانير العراقية يمكن أن يحل مشاكل الشعب الإيراني، لكنها تُصرف سرًا للحفاظ على الهيمنة والإذلال. أمَّا الشركات التابعة لحرس الملالي في العراق، فهي تحقق أرباحًا هائلة، بينما تجد الشركات العراقية صعوبة في الحصول على عقود مماثلة.

إقرأ أيضاً: المخدرات وتزييف العملة كأدواتٍ لهيمنة الملالي على الشرق الأوسط

زيارة بزشكيان للعراق ليست استثناءً، وموالو خليفته ينتظرون تكريمهم والتوقيع على الولاء في الجلسات البروتوكولية والخاصة. الولاء المستمر يضمن لهم البقاء في السلطة والتمتع بامتيازاتها.

الدمار الذي أحدثه نظام الملالي في العراق كلف البلاد أكثر من تريليون دولار. هذه النفقات تتعلق بحروب سوريا وداعش والفساد وسرقات النفط. يعيش بعض العراقيين في الفقر المدقع، لكن من اتخذ الغراب دليلاً لا يرى إلا الخراب أمامه.

ضريبة ما يقوم به نظام الملالي سيدفعها كل العرب، وليس العراقيون وحدهم. كل زيارة للإمبراطور نحو العراق تنذر بالمزيد من النائبات للمنطقة بأسرها.