اندلعت تظاهرات حاشدة في جميع أنحاء العالم، شارك فيها الآلاف في مسيرات مؤيدة للفلسطينيين مؤخرًا، لإظهار التضامن والدعم للقضية الفلسطينية، خاصة بعد عام كامل من عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها حركة حماس ضد إسرائيل، وتبعتها حرب ضارية وقاسية على الشعب الفلسطيني، استخدمت فيها دولة الاحتلال القنابل والبارود والرصاص الحي لتصفية الشعب الفلسطيني، وكأنها تنتقم من حماس في هذا الشعب المسكين.

وانطلقت المسيرات المؤيدة لفلسطين من نيويورك ولوس أنجليس وكذلك لندن وبرلين وروما وغيرها من عواصم الدول الأوروبية، ليشارك فيها أشخاص من مختلف الانتماءات والمهن والأعمار، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، فضلًا عن مواطنين غير منتمين ووجوه سياسية وثقافية بارزة. وتزامن ذلك مع مسيرات ضخمة في جميع أرجاء الدول العربية كمصر والمغرب والأردن والجزائر وغيرها، وذلك من أجل توجيه رسالة واحدة لإسرائيل، وهي وقف الحرب فورًا، بعدما تسببت في قتل الأطفال وتشريد الأمهات والشيوخ، واعتقال الشباب وتخريب البيوت، ودفع من نجا من آلة الموت الإسرائيلية إلى أماكن الإيواء، حيث لا طعام ولا مياه نظيفة ولا وسائل تساعد على البقاء على قيد الحياة.

إنَّ الرسائل الرئيسية من المسيرات المؤيدة لفلسطين في كل دول العالم، والتي انطلقت أيضًا من آسيا وأفريقيا وأوروبا والأميركيتين، تساهم بلا شك في رفع الوعي والدعوة إلى التغيير، وكذلك إيقاف حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعب بأكمله، وترتفع هذه الأصوات لتقول "كفى" للعلاقة مع الكيان المحتل، الذي يقوم بإبادة عرقية ضد شعب يدافع عن أرضه وحقوقه.

ورغم تشديد الإجراءات الأمنية في العديد من المدن وسط احتجاجات تزامنًا مع الذكرى السنوية للسابع من تشرين الأول (أكتوبر)، حرص المتظاهرون على الدعوة إلى وقف نزيف الدماء بعدما سجلت الحرب على غزة ما يقرب من 45 ألف شهيد وحوالى 10 آلاف جريح. ورغم ذلك ما زالت إسرائيل تمارس كل أساليب العنف والقمع والتعذيب والتجويع ضد الفلسطينيين، بل وزادت الأمور تعقيدًا من خلال تنفيذ ضربات ضد لبنان، أسفرت عن مقتل أكثر من ألفي لبناني، بينهم حسن نصر الله زعيم حزب الله، بجانب تشريد ما يقرب من مليون مواطن لبناني من سكان مناطق الجنوب التي تشهد صراعات متبادلة مع إسرائيل. وهناك مخاوف من أن الصراع قد يتحول إلى حرب أوسع نطاقًا.

وفي واشنطن، تظاهر أكثر من ألف شخص غاضب خارج البيت الأبيض، مطالبين بوقف المساعدات العسكرية الأميركية وغيرها من المساعدات لحليفتها الاستراتيجية إسرائيل. ولوح المتظاهرون بالأعلام الفلسطينية واللبنانية، ورفع العديد منهم لافتات وهتفوا في انسجام لإظهار التضامن مع القضية الفلسطينية.

إقرأ أيضاً: ماذا لو نُشرت قوات حفظ السلام في غزة؟

كما ارتدى متظاهرون في ساحة "تايمز سكوير" في نيويورك الكوفية السوداء والبيضاء، ورددوا شعارات مثل "غزة ولبنان ستنتفضان والشعب بجانبكما"، كما رفعوا لافتات تطالب بفرض حظر على الأسلحة ضد إسرائيل. وفي جاكرتا، عاصمة إندونيسيا، احتشد ألف متظاهر مؤيد للفلسطينيين بالقرب من السفارة الأميركية، مطالبين واشنطن بوقف توريد الأسلحة لإسرائيل. وشهدت مدن أخرى مثل باريس وروما وليون وتولوز وبوردو وستراسبورغ وكيب تاون ودبلن وجوهانسبرغ وغيرها مسيرات متضامنة مع الفلسطينيين واللبنانيين.

وفي المملكة المتحدة، نظمت أكبر حركة احتجاجية سلمية إلى حد كبير، وكانت كل هذه المظاهرات تحمل رسائل واضحة للسلطات: إيقاف إراقة الدماء، التوصل إلى وقف لإطلاق النار، والاعتراض على البلطجة الإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى التهديد بحرب نووية بعد الهجوم الصاروخي الباليستي الذي شنته إيران على إسرائيل، والمطالبة برفع أيدي تل أبيب عن لبنان.

إقرأ أيضاً: المساعدات الإنسانية.. التحديات والفرص في غزة

يبدو أن "طوفان المظاهرات" يشير إلى زيادة وعي العالم تجاه سياسات إسرائيل وحلفائها ضد منطقة الشرق الأوسط، ومخططات الاحتلال للتوسع في المنطقة على حساب شعوبها. وهذا ما دفع كل من يمتلك إنسانية للمطالبة بحل عادل ودائم للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، ونشر الوعي بالمحنة الرهيبة التي يعاني منها الفلسطينيون في المناطق المحتلة، والتأكيد على ضرورة وقف المساعدات الأميركية للكيان المحتل وإدانة جرائمه بل ومحاسبته، حتى تعيش غزة وأهلها على أرضهم دون قتل أو تهجير، وتنعم منطقة الشرق الأوسط بالسلام والهدوء.