منذ بدء الثورة السورية السلمية في عام 2011 ولجوء النظام للخيار الأمني، لم يعد الحل بيد دمشق أبداً.
إن أي تسوية مستقبلية، سواء ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد أو برحيله، لن تكون إلا عبر توافقات دولية وإقليمية فاعلة. لذلك، وبعد التطورات الأخيرة في حلب، دعا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون الأطراف السورية والدولية المعنية إلى مشاركة سياسية عاجلة لتجنب إراقة المزيد من الدماء.
سقوط حلب، ثاني أكبر مدينة سورية، كان سريعاً ودراماتيكياً، وهو ما فاجأ النظام وحتى الحليف الروسي، الأمر الذي قد يفسر الأوامر القادمة من موسكو بإقالة الجنرال الروسي المسؤول عن القوات الروسية في سوريا.
لكن، لماذا حدث كل هذا الآن؟
كلمة السر كانت في أنقرة! تركيا لم تكن غائبة عن المشهد، والهجوم الأخير على حلب، إن لم يكن بأوامر مباشرة من تركيا، فهو قطعاً بعلمها دون أدنى شك.
رأت تركيا الفرصة مواتية جداً لتغيير قواعد اللعبة، فالمحور الإيراني تلقى ويتلقى ضربات قاسية من إسرائيل، وحزب الله، أهم وكيل إيراني في المنطقة، في حالة انهيار تاريخية.
روسيا، أكبر حليف للنظام السوري، لم تعد روسيا ما قبل 24 شباط (فبراير) 2022. فهي الآن عالقة في الوحل الأوكراني وفي حالة عداء ومساومات حقيقية مع العالم الغربي.
ترى تركيا أنَّ الحفاظ على الهدوء في إدلب والمناطق المتاخمة لها وعلى طول الحدود السورية التركية يمثل أولوية قصوى لها. هذا الهدوء لن يتم بوجود تنظيمات كردية قوية على حدودها الجنوبية.
تحرك المعارضة جنوباً وهجومها على حلب سيوفر لتركيا فرصة ممتازة لتحرك مماثل على تل رفعت ومنبج، وإن لاحقاً لإخراج الأكراد نهائياً منها. جدير بالذكر أن هيئة تحرير الشام تقوم الآن فعلياً بإخراج الأكراد من منطقة الشهباء بحلب.
إقرأ أيضاً: لماذا فاز ترامب؟
كلّ هذا وأكثر سيعطي أنقرة أيضاً أوراق ضغط جديدة على دمشق في أي مفاوضات أو تسويات مستقبلية.
لكن علينا أن نشير إلى أن تركيا ليست اللاعب الوحيد على الساحة السورية. هناك الولايات المتحدة الأميركية، التي يتمثل وجودها القوي عبر قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والتي تسيطر على منطقة شرق الفرات، الهامة والغنية جداً بالنفط.
إيران وروسيا بدورهما سوف تدفعان نحو بقاء الأسد، على الأقل في الأمد المنظور. إسرائيل، كما أعلنت، تراقب التطورات عن كثب.
وحتى ذلك الحين، سوف يستمر صراع الإرادات والمصالح الدولية فاعلاً حقيقياً على الأرض السورية.
التعليقات