يبدو أنَّ توافقاً دولياً ما قد قرر مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد. فلا تدخل روسياً كما حدث في 2015، ولا استنفار إيرانياً عسكرياً كما حدث عقب أحداث 2011، وحتى على مستوى التصريحات السياسية، لم نرَ من حلفاء الأسد ما يرقى إلى مستوى التطورات السريعة والمتلاحقة وسقوط المدن السورية الواحدة تلو الأخرى.

مجلس الأمن، وفي إشارة واضحة إلى مزيد من الضغط على النظام السوري، أعاد فتح ملف استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، وأكد ضرورة إنهاء الإفلات من العقاب.

لقد فرضت المعطيات الجديدة والمتسارعة على الأرض واقعاً جديداً له استحقاقاته، بحيث أصبح الحديث عن مسارات أستانا، أو حتى قرار مجلس الأمن رقم 2254، من الماضي.

فالخارجية الأميركية الآن تحمّل نظام الأسد المسؤولية عما يحدث، وتعلل ذلك "بسبب رفضه المتكرر لكل الحلول السياسية المطروحة".

وتأتي تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في هذا السياق: "مرحلة جديدة تتم إدارتها الآن بهدوء في سوريا".

فيما خاطب المبعوث الألماني إلى سوريا الطائفة العلوية دون غيرها، والتي قد تكون المتضرر الأكبر في حال انهيار النظام، قائلاً إنه قد حان وقت السلام! وهي دعوة واضحة من الغرب للطائفة بضرورة قبول الأمر الواقع.

إسرائيل بدورها أعلنت أن معركة حمص والتي يبدو أنها سوف تُحسم خلال الساعات القليلة القادمة لصالح المعارضة مفصلية لإسرائيل، وأنها بصدد إنشاء منطقة عازلة داخل الأراضي السورية في الجولان.

إسرائيل هي اللاعب الصامت داخل الأرض السورية، وهي تراقب الأوضاع عن قرب، ويبدو أنها لا تمانع هذه المرة من سقوط الأسد.

إقرأ أيضاً: سقوط حلب المدوي

سقوط الأسد يعني انتهاء حزب الله كلاعب أساسي داخل لبنان، وهذا هدف إسرائيلي معلن منذ أحداث السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023.

إلا أنَّ سؤالاً مُلحاً يطرح نفسه الآن وهو: لماذا التزمت المعارضة السورية خطاً عمودياً من الشمال إلى الجنوب في تحركاتها العسكرية، على الأقل حتى الآن؟

العمليات العسكرية للمعارضة بدأت من إدلب إلى حلب إلى حماة، والآن إلى حمص ثم دمشق فدرعا، وهذا بحسب ما أعلنه أبو محمد الجولاني، قائد هيئة تحرير الشام، أكبر فصائل المعارضة السورية.

إقرأ أيضاً: حزب الله.. قبول ما لا يمكن قبوله!

كما أشرنا سابقاً في هذه المساحة، فإن شرق الفرات تحت إدارة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، المدعومة أميركياً، ومنطقة الساحل السوري ضمن النفوذ الروسي، وهذا ما يفسر عدم وقوعها ضمن خط سير المعارضة السورية حتى اللحظة.

إن تمكنت المعارضة السورية من دخول دمشق والاكتفاء بما تم تحقيقه، فهذا يعني بقاء مناطق نفوذ اللاعبين الدوليين الكبار، إضافة إلى تركيا، وخروج اللاعب الإيراني نهائياً من الأرض السورية.