تستمر الغارات الإسرائيلية على مناطق متفرقة من قطاع غزة، مما يزيد من المأساة المستمرة لسكان القطاع، في وقت يسعى فيه الوسطاء إلى تتويج أشهر من المفاوضات باتفاق لوقف إطلاق النار قبل تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة.

وأسفرت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة حتى الآن عن استشهاد أكثر من 44 ألف فلسطيني وإصابة 106 آلاف آخرين، بالإضافة إلى تدمير شبه كامل للبنية التحتية والمباني في القطاع.

ويتزامن دخول الحرب على غزة أسبوعها الـ55 مع ذكرى تأسيس حركة حماس الـ38، في وقت تعيش فيه الحركة إحدى أحلك فتراتها بسبب انحسار الدعم من المحور الإيراني، فضلًا عن الأزمة الداخلية داخل فلسطين.

ووفقاً لمراكز البحوث المسحية، فقد أظهرت آخر دراسة تراجعاً كبيراً في شعبية حماس، حيث انخفضت شعبيتها إلى 15 بالمئة في قطاع غزة.

ويؤكد رئيس المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، خليل الشقاقي: "ليس هناك شك في أن الدعم لـ(حماس) يتراجع في غزة، لأن مزيداً من الناس يشعرون بأن الحركة تتحمل جزءاً من مسؤولية الألم الذي يعانونه".

إقرأ أيضاً: أسئلة حول إعادة إعمار لبنان

وتظهر المقاطع التي يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي من غزة انحساراً في شعبية حماس، التي تسيطر على قطاع غزة منذ انقلاب صيف العام 2007 على السلطة الفلسطينية، حيث لم يعد انتقاد الحركة من التابوهات أو المحرمات داخل القطاع.

وتعيش غزة على وقع حالة مجاعة بسبب ضعف تدفق المساعدات نتيجة الحصار الإسرائيلي، ضاعفها مظاهر التسلط لدى بعض العناصر المحسوبة على حماس، في ظل غياب أي رقابة قانونية لتوزيع المساعدات. وقد اتهم عدد من سكان غزة بعض هذه العناصر بالنهب والسطو على المساعدات الإنسانية.

وأشار المحلل السياسي حسن سوالمة إلى أن الترحيب الشعبي بالاختراق الذي حققته حماس عبر عملية "طوفان الأقصى" قد تراجع بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، نظراً لغياب استراتيجية واضحة لدى الحركة لمواجهة الحرب الدائرة وعدم تكافؤ ميزان القوى مع إسرائيل.

إقرأ أيضاً: هل يشهد لبنان ولادة جديدة؟

وحذر سوالمة من أن حركة حماس قد تخسر ما تبقى من حاضنتها الشعبية إذا استمر الوضع على ما هو عليه في غزة، داعياً قيادة الحركة إلى ضرورة الدفع باتجاه إيجاد صيغة لإنهاء الحرب المستمرة ووقف نزيف الدماء والدمار الذي يعصف بالقطاع قبل تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأميركية.

ويرى سوالمة أن على قيادة حماس قراءة اللحظة الراهنة بعناية والعمل على الدفع باتجاه اتفاق لوقف إطلاق النار، مع محاولة تحرير أكبر عدد ممكن من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية قبل تولي ترامب الرئاسة بشكل رسمي، وفقًا لمبدأ "ما لا يُدرَك كله لا يُترَك كله".

ويضيف سوالمة أن استمرار الحرب، التي اندلعت في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، إلى ما بعد تنصيب ترامب في 20 كانون الثاني (يناير) القادم، قد يضع غزة في مواجهة آلة حرب إسرائيلية مدعومة دعمًا غير مشروط من البيت الأبيض.

إقرأ أيضاً: هل سيمنح ترامب الضوء الأخضر لنتنياهو في شمال غزة؟

وتحمل التصريحات المتفائلة مؤخراً من البيت الأبيض بخصوص وجود مؤشرات على توافق حول خطوط عريضة لوقف الحرب في غزة بارقة أمل وتبعث بتفاؤل حذر لدى الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

حقيقة الأمر مع استمرار القصف الإسرائيلي على غزة وسوريا معاً بالتزامن مع بدء محاكمة رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، يبقى مصير سكان غزة معلقاً حسب مصير المفاوضات التي تجري في ظل تهديد الرئيس الأميركي ترامب بتحويل الشرق الأوسط إلى جحيم إذا لم يتم إطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة قبل تنصيبه في 20 كانون الثاني (يناير) المقبل.

فهل تكون حقبة ترامب هي مرحلة المواجهة المباشرة مع إيران، بعد أن أعدت إدارة بايدن المنطقة لحرب شاملة ضد إيران، بإسقاط أهم حلقة في حلقات محور المقاومة ألا وهي سوريا؟