في 26 كانون الثاني (يناير) 2025، كشف العميد أسعد الزعبي، المحلل العسكري السوري، لقناة "الحدث" عن الأساليب التي يستخدمها عناصر حزب الله للتسلل من لبنان إلى الأراضي السورية. وكانت قوات الأمن السورية قد اعترضت شحنتين كبيرتين من الأسلحة الإيرانية التي كانت موجهة إلى حزب الله، مما يعكس استمرار طهران في دعم حليفها الإقليمي، رغم التحديات المتزايدة. ووفقًا لتقارير متعددة نشرها تلفزيون سوريا، جرت عمليات الضبط في منطقتي سرغايا قرب الحدود اللبنانية وطرطوس، ما يبرز أهمية سوريا كمعبر استراتيجي لنقل الأسلحة الإيرانية.
الأسلحة المضبوطة وتفاصيل الشحنات المصادرة
أعلنت وزارة الداخلية السورية في 26 كانون الثاني (يناير) 2025 عن ضبط شحنة ضخمة من الأسلحة والذخائر قرب منطقة سرغايا بريف دمشق. وأكدت الوزارة أن الشحنة كانت متجهة إلى حزب الله في لبنان، مشيرة إلى أنها ثاني عملية ضبط كبيرة خلال أسبوع واحد بعد اكتشاف شحنة أخرى في طرطوس تضمنت صواريخ وأسلحة متطورة.
وأفاد خبراء عسكريون أن الشحنات تضمنت معدات متطورة مثل قاذفات آر بي جي، وبنادق قنص حديثة، وأجهزة رؤية ليلية. واعتُبر بعضها من أحدث التقنيات، مما يدل على استمرار الدعم الإيراني لحزب الله. وأوضح خبراء عسكريون أن هذه الأسلحة ليست عادية، بل مُعدة للقتال في المناطق الحضرية، ما يشير إلى خطط محتملة لعمليات تمرد أو معارك شوارع. وأضاف الخبراء أن تهريب هذه الأسلحة يتم عبر التضاريس الصعبة على الحدود السورية اللبنانية التي تمتد 200 كيلومتر، مستغلين الكهوف والغابات لتجنب الكشف.
وكانت السلطات السورية قد كثفت عملياتها الأمنية في مناطق مثل حمص وحماة واللاذقية وطرطوس، حيث تم الكشف عن 37 مستودعًا للأسلحة، غالبيتها مرتبطة بمجموعات مدعومة من إيران.
وكان جهاز لأمن العام قد أحبط محاولة تهريب أسلحة من طرطوس في منتصف شهر كانون الثاني (يناير) الجاري متجهة إلى مليشيات حزب الله في لبنان، وأظهرت الصور المنشورة أن الشحنة المضبوطة تحتوي مسيرة تبدو أنها تشبه المسيرة الإيرانية الصامتة شاهد 101، التي سلح فيلق القدس فصائل الحشد للشعبي بها في العراق.
البعد السياسي والتداعيات الإقليمية
وكان الرئيس أحمد الشرع قد أكد التزامه بمنع استخدام الأراضي السورية كمعبر لتهريب الأسلحة، وشدد الشرع على ضرورة تعزيز الرقابة الحدودية للتصدي لهذه العمليات التي أثارت قلقاً دولياً وزادت من تعقيد الوضع الأمني الهش في سوريا.
ويرى مراقبون أن الحكومة السورية، التي كانت متحالفة مع طهران في عهد الأسد المخلوع، تواجه ضغوطًا دولية لتقييد أنشطة حزب الله بهدف تحقيق الاستقرار الداخلي وتعزيز موقعها على الساحة الدولية. من جهته، جدد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي التزامه بدعم حزب الله، رغم الانتكاسات التي تعرض لها وكلاؤه الإقليميون.
تأتي هذه التطورات في ظل ظروف صعبة لحزب الله، الذي يواجه تراجعًا شعبيًا داخل لبنان، وضغوطًا دولية متزايدة، بالإضافة إلى فقدانه لعدد من قادته العسكريين الرئيسيين. وتؤكد المحاولات الإيرانية لإعادة إمداد الحزب على استمرار طهران في استغلال حزب الله كأداة لتحقيق أهدافها الجيوسياسية.
من جهة أخرى، تعاني طهران من تبعات اقتصادية كبيرة تؤثر بشكل مباشر على قدرتها على دعم حزب الله مع تصاعد الضغوط الدولية على إيران. العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران تجعل من الصعب عليها تمويل وإمداد حلفائها بالأسلحة والمعدات العسكرية، مما يزيد من التحديات التي تواجهها في الحفاظ على نفوذها في المنطقة.
لكن عمليات الضبط الأخيرة تعكس أيضاً مستوى المخاطر المتزايدة التي تواجهها طهران، فضلًا عن الانقسام المتنامي بين القيادة السورية والنظام الإيراني. وبينما تحاول دمشق تحقيق الاستقرار، تؤدي الأنشطة الإيرانية إلى استمرار التوترات الإقليمية. ويحذر الخبراء من أن تهريب الأسلحة، رغم كشفه المتكرر، يشير إلى نية إيران مواصلة تغذية الفوضى في المنطقة، ومحاولاتها المتكررة للتكيف مع الواقع الجديد المفروض، مما يضاعف من المخاطر الأمنية الإقليمية والدولية.
التحليل المستقبلي
من المرجح أن تستمر المحاولات الإيرانية لتهريب الأسلحة إلى حزب الله في المستقبل، رغم الكشف المتكرر عن هذه العمليات. تعتمد إيران على حزب الله لتحقيق أهدافها الإقليمية وزيادة نفوذها في الشرق الأوسط. في المقابل، تتعين على الإدارة السورية تعزيز التعاون مع الدول المجاورة والمجتمع الدولي لزيادة فعالية الرقابة على الحدود ومنع تهريب الأسلحة.
من جهة أخرى، قد تتخذ الإدارة السورية خطوات إضافية لتعزيز الأمن الداخلي وتحقيق الاستقرار من خلال زيادة التوعية المجتمعية بمخاطر تهريب الأسلحة وتعزيز التعاون بين المواطنين والسلطات. التعاون مع الفصائل المحلية المسلحة التي تتعاون مع الحكومة في ضبط الأمن يمكن أن يسهم أيضًا في منع تهريب الأسلحة وتعزيز الاستقرار في المناطق الحدودية.
يمثل تهريب الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله يمثل تحديًا كبيرًا للإدارة السورية الجديدة. رغم الضغوط الدولية والتعقيدات الأمنية، تظل دمشق ملتزمة بمنع استخدام أراضيها كمعبر لتهريب الأسلحة. ويعتبر التعاون الدولي، التكنولوجيا المتقدمة، والتنسيق المحلي أدوات حاسمة لتحقيق هذا الهدف وضمان الاستقرار في المنطقة.
إن استمرار الكشف عن عمليات تهريب الأسلحة يعكس مستوى الجهود المبذولة من قبل الحكومة السورية لمنع الأنشطة الإيرانية في المنطقة. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق توازن بين الحاجة إلى تحقيق الاستقرار الداخلي وضمان عدم تأثير الضغوط الخارجية على قرارات الحكومة السورية.
التعليقات