أثار إعلان وكالة ناسا الفضائية اكتشاف بكتيريا تعيش في بحيرة لها القدرة الخارقة على التغذيمن مادة الزرنيخ، موجة من الشكوك في الوسط العلمي. لكن الشهادة على صحة أو خطأ تلك الفرضية، ستتضح بعد أشهر إذ طلبت مختبرات من الفريق المسؤول عن التجربة تزويدها بمحلول البكتيريا لاختبارها.


بحيرة مونو

بعد نشر مجلة quot;ساينسquot; العلمية قبل فترة قصيرة، خبر اكتشاف ناسا بكتيريا تعيش في بحيرة مونو في كاليفورنيا، ولها القدرة الخارقة على التغذيمن مادة الزرنيخ السامة بل وان تبني بواسطة هذه المادة حمضها النووي، برزت اليوم انتقادات حادة من قبل عدد من العلماء عن صحة هذا الاكتشاف. بل إن بعضهم اعتبره مجرد احتيال.

في هذا الاطار، قال هاري كولينز استاذ علم اجتماع العلوم في جامعة كارديف الويلزية لصحيفة لوس أنجليس تايمز معلقا: quot;إن ميثولوجيا العلم هو أنك تنظر من خلال المجهر وتعرف ما تحت عينيك، لكنها مسألة تخص العلماء الذين يصلون تدريجيا إلى إجماع وهذا ما يتطلب عادة وقتا طويلا جدا للوصول إليهquot;.

وبدأت الشكوك حول صحة هذا الاكتشاف من طرح السؤال التالي: هل يمكن للكائن الحي أن يبقى على قيد الحياة من دون مادة الفوسفور التي تعد واحدة من ست مواد أساسية للكائنات الحية؟

ومن بين الذين طرحوا فرضية إمكانية عيش بعض الكائنات الحيّة على مادة سامة كالزرنيخ عالمة البيو كيميائية حديثة العهد فليسا وولف- سايمون.

أما العالم رونالد أورملاند الذي يدرس كيف تؤيض الميكروبات المواد السامة لصالح مؤسسة quot;المسح الجيولوجي الأميركيquot; في مدينة مينلو بارك في كاليفورنيا، فوافق على التثبت من صحة فرضيتها.

وجمع الفريق العلمي قدرا من البكتيريا من بحيرة مونو الغنية بمادة الزرنيخ وحين جلبوها إلى المختبر ووضعوها في محلول مع قليل من الفوسفور ونسبة عالية من الزرنيخ، أظهرت التجارب أن البكتيريا لم تتمكن من البقاء بل هي ضمت الزرنيخ إلى حمضها النووي والمكونات الخليوية الأخرىquot;.

وقال أورملاند خلال مؤتمر للجيوفيزياء عقد في سان فرانسيسكو إنه وزملاءه لم يستطيعوا تصديق ما شاهدوه. وقال إن quot;الكائنات الحيّة تمكنت من البقاء في ظروف ظلت تعتبر منذ فترة طويلة متعارضة مع وجود الحياة، وإذا كان صحيحا فإن كائنات من هذا النوع موجودة في هذا الكوكب أو في عوالم أخرىquot;.

وحال صدور بيان صحافي عن ناسا يؤكد هذا الخبر مقترحا أن هناك إمكانية لحيوات أخرى تعيش على مواد مختلفة عما هو سائد على الأرض حتى راحت الشكوك تتصاعد.

فالعالمة روزي ريدفيلد البروفسورة في الخلية والبيولوجيا التطورية في جامعة بريتيش كولومبيا في فانكوفر، كندا، كتبت في مدونتها: quot;لا أدري إن كان مؤلفو تلك الدراسة هم مجرد علماء سيئون أو أن هناك من دفعهم بطريقة غير أخلاقية من ناسا لخدمة الأجندة القائلة إن هناك حياة في الفضاء الخارجيquot;.

أما نورمان بايس عالم الميكروبيولوجيا من جامعة كولورادو والذي كان من الرواد في دراسة الأنظمة الحية غير العادية وشارك في كتابة دراسة كلفته بها ناسا عام 2007، فقال إن البحث عن إمكانية وجود حياة في مادة الزرنيخ السامة ما كان يجب أن ينشر.

وأحد اعتراضات بايس هو أن البكتيريا لم يمنع عنها تماما الفوسفور. وكان المحلول يحتوي على مادة الفوسفور أكثر من أي مادة أخرى في المحيط تساعد على الحياة.
وأشار هو وعلماء آخرون إلى أنه إذا كانت الميكروبات قد ضمت الزرنيخ إلى حمضها النوي، فإن تلك الجزيئات ستكون غير مستقرة كي تلتصق بعضها ببعض حين قام الباحثون بغسلها بالماء.

وفي نهاية المطاف ستكون الشهادة على صحة أو خطأ الفرضية القائلة بوجود بكتيريا تعيش على مادة الزرنيخ قطعية بعد أشهر إذ طلبت مختبرات كثيرة من الفريق المسؤول عن التجربة تزويدها بمحلول البكتيريا لاختبارها.

وقال أورملاند إنه quot;خلال أشهر قليلة سيتضح إن كنا على حق أو أن الكثير من السخرية والانتقادات ستثار ضدناquot; في حالة الخطأ.