عبد الرزاق الجبران

&
&
لا يلتمس المثقف المدوًّن والمدوِّن للوجود وخبير صيرفته واشبون خيبته في التاريخ نبوة يحتكر بها الكلمات لكتابة، بل حتى الأنبياء أنفسهم لم يمنعوا عن كتبهم - رغم خجل القدسية فيها - ايا من قصص العهر للغابرين،بتوقيعات لاسماء كبرى من مصارعي الانبياء والفضيلة في التاريخ، حتى لملموا فيها لمائدة الوجود الانساني عند الموقد نارا مد المشاكسة.
كل من سمته الحياة، بل القدر- فالجبرية معرفة رواقية لاكلامية- مثقفا بمسحاة التمرد على الطريق والرفيق، على المراسي و الشواطيء.. الصواري والريح، على الكتب والمعابد والعمائم،على الملوك والجيوش،على الحب والجسد..... ثم على الكلمات بتمرده عليها وتمردها معه، ففيها وحسب يتمرد على الموت والحياة.
&كل من حفره المسير مثقفا على صخرة الحياة متورط في لعبة القدر هذه بكل مومسيتها فهو؛ ان لم يقتل الموتى فيها يموت في القتلى... اذ لا يولد هذا المسكين حتى يلتمس له جنونا في جنس الكلمات يفقاء به كل المواضعات التي صنعت امه وابيه وشاعره وفيلسوفه وفقيهه ونبيه...وهذا ما لايطيقه أي منبر للتاريخ طالما ان المنابر والمحابر مزجاة باقانيم القوة والثروة والشهوة
&متورط في وجوده بحدوده وجوازه، بكلماته وخيوله، ونسائه واطفاله، بدينه وكتبه وقيمه . كل شيء امام المثقف قيد، وكل مايجاوره مدى بعيد، حتى مع نفسه يفكر في مسحاة الاله.
&هو دائما يريد ان يلتهم مرساة الزمان والمكان ومسلة الرحم والبلاد...اي ايديولوجية تصالح وجهه؟؟ ابدا...يابى ان يحده عرق ما او تضمه فئة متشوفة تتداهر مع صدر لايملك حرية وجودية الا بتنهد لغير تلاله.
&
&ياسى في الزمان انه لايتحدث لسقراط وهو بين ارجاء قرون تلت اعدامه، وياسى انه لا يتمرد جنب اسبارتوكس وهوحر في زمن العبودية المغطاة بالشوكولاه، ولا يخطف هيلين عند اطراف طروادة وهو في زمن العفة المتمومسة، ولايموت مع الحسين، مع انه يلعن خطباءه.
&المثقف انفلات وجودي يريد ان يكشط عن الكون مزارات قيمية مازال يحج لها الناس باسم الدين او الايدولجية قومية كانت او فئوية او سياسية او يفتت كل الزور الذي علق به باسم القيم، ويحطم كل التكلسات التي رانت عليه.مشكلته انه يقوم بذلك في الماء الصافي بل يحذر الماء العكر دائما،وهنا طهر زندقته.
&فاي قصر عربي يظله، واي صفحة حزبية تتفرغ لاستقلاله، وأي منبر ديني يرقي فأسه، واي عمامة تفتح دكاكينها على زوايا جوعه.
&
&
هذه المشكلة في وجود المثقف تلوح الحضارة العربية والاسلامية بشكل تنقى ذوقالحضارة الغربية منه، وفي هذا سر تشكل كينونتها...اذ ان الحضارة الغربية بغينها المفارقة في التاريخ الحديث مرت على الكلمات فاعطتها كل نقطتها الوجودية، بينما سلبتها الحضارة العربية بعينها النزقة كل نقاطها، لما تعانيه نطفتها / نقطتها الوجودية من كبت في السطوة والحضوة والفجوة.
&هكذا ابداء مع ايلاف. فهي المجلة العاشقة لجرح الاباحة التي اتاحت للمثقف العربي فكرة اباحية النزف كما هي اباحية الخزف عند الريشة الصينية.بتعددية هي القيد الوحيد فيها تكاملا لوحدة الكلمة... الم تكن وحدة الوجود في التراث المنزل، هي قراءة للوحدة في التعدد وفضح التشرذم في الكل.
&&&`&&&&&&&&&
&اليست السلطة- كما نقل الجنابي يوما في تربيته نقلا عن احد رواد دربه- هي الكذبة الدائمة والتي يترتب عليها ان اللغة هي ضماناتها الدائمة والقاموس مرجعها العام وملجاء زورها السياسي وان الكلام في ظل رقابة السلطة يدل دوما على شي مغاير لما نحياه...فهي لاتبدع شيئا بل تستولي على الاشياء
&اذن لايمكن للمثقف ان يبقى محتفظا بحصة من رمال خيله طالما بقي في حدود ممالكهم ومكالمهم
لم امارس قبل ايلاف الكتابه في أي من صحف الايديولوجيات ولامرة واحدة...لااعلم لاشعورا ابتعدت نفسي عن سخف التحرير والتمرير..وكذلك لاشعورا جئت اليها!!
لااعلم لماذا جئت بحطبي الى ايلاف؟ هل ستعطيني قريش بعض تجارتها على طريق بصرى ام ان نجد لم تعد نجد ايلاف الشتاء بعد ان قتلت في نفطها صدرالصيف.
&الصحيفة كالمراءة تبقيك في الايام وانت وراءها...تدوم بها لتجعلك وسط الجليد تنطق باقصى كلام الصحراء بل تمسك بالرمال وانت في قننها، وقد تدفنك وسط الشمس بينما القمر يلوغ بليلك...وهكذا الصحيفة قد تجد بها وجودك المتهرء وسط العناوين القدسية:الرواق الديني،الارشيف الحزبي، المخدع الاجتماعي،البيان السياسي،والوسن القومي...وكذلك قدتغتال كلماتك وانت تضاجعها على سنة الورق واهله
مع اني لم امر بدرب ايلاف الا اربع مرات ولكني اجدني قد هربت اليها من كل ضياعي سواء وسط المؤسسة الدينية التي اقترب احيانا من مجاورتها لغويا في انهاكها لناجسديا وروحيا مع المومسة الدنية، وهي لي وانا لها هذا ما اعرفه لاخر عهدي بالحياة كطريق ورفيق ومشكلة. مع اني بدات هجرتي اليها ومازلت احتاج هجرة منها الى مومسة حقيقية قد اجد بها نفسي...
&اليست صراحة العهر فضيلة تفوق عهر الخفاء دائما.
&مازلت اشعر بكل خيبات الطريق وفي وجع بعد كل هذه السنين التي هجرت لها كل الحياة ولم اعلم اني فقدت بها الحياة.
&لاابالغ بدات اجد نفسي بعد تياه مازل ينتهش اوصالي.لااعلم كيف بقيت معه حيا...جرني اليه كفر المقدس الذي خذل امي وابي ووطني وكلماتي...لن اطيل في جوعي للكلمات فما زلت اجمع جوع السنين الخوالي.عل ايلاف تقدم لي من رحلة الشتاء والصيف بعض دفئي وتفتح من نزفي اباحة،كنزف الجواد العربي حينما يقف به جسده فيقضم راكضا اقرب وريد لرجله..تقول الاسطورة انه بذلك ينتشي اكثر مع الريح وان مات اخر المسير..ليكن ذلك النزف مسلة المثقف.. والا سينزفه الوجود....شكرا لايلاف في اختلاسة الوجود هذه