ما يلبث أن يعود الهدوء إلى حالته الطبيعيّة، حتى تعود الأمور أدراجها بين حماس وما يعرف بالجماعات السلفية الجهادية بأكناف بيت المقدس التي تسجل حضورًا لها في مناطق قطاع غزة. فليلة عيد الفطر شهدت اتفاقًا مفاجئًا بين الحكومة الفلسطينية في غزة، وقيادات بارزة من الجماعات السلفية الجهادية، أو ما يُطلق عليهم من قبل سكان القطاع باسم quot;جلجلتquot;، بعد تدخلات ووساطات أجراهاعدد من قيادات الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة.

إيلاف ndash; خاص: لم يدم طويلاً الاتفاق الذي جرى بحضور كلٍّ من قائد كتائب القسام quot;أحمد الجعبريquot; وقائد الأمن الداخلي quot;أبي يحي أبو شرخquot; وقائد الأمن الخاص quot;أبي رضوان دبابشquot; وقيادات أخرى من القسام والحكومة بغزة، فيما مثل الجانب الآخر قيادات التيار السلفي الجهادي بالقطاع، بحضور كلٍّ من quot;أبي المعتصم المقدسيquot; و quot;أبي الوليد المصريquot; و quot;أبي البراء المقدسيquot;.

ولعل ما قضى سريعًا على هذا الاتفاق، هو ما وصفه القيادي السلفي quot;أبي المعتصم المقدسيquot; بـ quot;الشروط التعجيزيةquot; التي وقفت حجر عثرة أمام الاتفاق ووضعتها حماس لتُفشل ما دار من اتفاق مبدئي حصل ليلة العيد. quot;أبو المعتصم المقدسيquot; والمشهور باسمه الشخصي quot;محمود طالبquot;، لم تدم البسمة طويلاً على شفتيه وهو يستقبل الأحبة ويجلس في منزل عائلته الكائن بمخيم الشاطئ في أول أيام عيد الفطر، حتى عادت الملاحقة من بيت لآخر له من قبل الأمن الداخلي بعد فشل الاتفاق بين الجهتين.

بداية الاتفاق

وبعد أيام طويلة وبصعوبة بالغة تمكنّا من الوصول إلى quot;طالبquot; وتحدثنا طويلاً عن تفاصيل الاتفاق وما دار وكيف كانت البداية، فأوضح quot;بعد أحداث مسجد ابن تيمية برفح وشدة الملاحقات التي شنتها حماس وأجهزتها الأمنية ضد إخواننا على مختلف انتماءاتهم للجماعات المتعددة، وتحدثتقيادات من الأمن الداخلي والقسام مع أحد قادة الأجنحة العسكرية المعروفة بغزة، وبدوره تحدث معي لتسليم نفسي وإخواني من المجاهدين مقابل اتفاق يتم بموجبه إنهاء كافة القضايا العالقة على كافة الأصعدة، إلا أننا وبعد أيام رفضنا تسليم أنفسناquot;.

ويضيف quot;وعلى الرغم من تلك المحاولات، كان عناصر الأمن الداخلي يشنون حربًا ضد إخواننا في كافة مناطق القطاع ويلاحقونني وعدد من الإخوة بشكل أكثر باقتحام منازل عوائلنا وأقربائنا وأشخاص مقربين منا وخطف أشخاص آخرين منا هم على علاقة سابقة بنا في محاولة للوصول لمكان تواجدناquot;.

ويتابع quot;ثم يدخل أحد قيادات القسام بغزة، والذي بدوره تحدث مع قائد القسام quot;أحمد الجعبريquot; ليكون وسيطًا لحل الأمور باتفاق مبدئي يقضي بتسليم أنفسنا مقابل حصولنا على ورقة رسمية من رئاسة الوزراء والداخلية بغزة كعفو مقابل أن تتم مناقشة القضايا خلال أيام والعمل على اتفاق يتم الإعلان عنه رسميًا عبر وسائل الإعلامquot;.

ويواصل quot;وقد حصل اجتماع بوجود الجعبري والذي كان يمثل الوسيط في الاجتماعات وقائد الأمن الداخلي ونائبه وقيادات أخرى وكذلك مسؤول الأمن الخاص، فيما كنت متواجدًا وإخواني أبي الوليد المصري وأبي البراء المقدسي ممثلين عن الجماعات السلفية الجهادية، وحصل اتفاق على ما ذكر سابقًا من تسليم أنفسنا والعودة لمنازلنا ومن ثم يتم الحديث خلال أيام عن شروط الاتفاق، حيث كانت تسعى الحكومة للحصول فقط على موافقة للحل قبيل البدء بخوض اتفاق مشروطquot;.

جلسات الاتفاق

وحول جلسات الاتفاق، أوضح طالب: quot;تم إجراء جلسات أخرى بحضور الشخصيات نفسها، وتحدث قائد الأمن الداخلي عن شروط الحكومة والتي تمثلت في إنهاء التيار السلفي الجهادي، ووقف أي نشاط عسكري ضد الاحتلال إلا بعد العودة في اتخاذ قرار من حماس، ووقف أي نشاط داخلي كتفجير المحالات وغيره، كما طلبوا منا رفض استقبال أي عنصر من حماس يريد الانضمام إلى الجماعات السلفية الجهادية، فيما رحبوا بانضمام أي شخص منا يريد الانضمام إلى حماس، إضافة إلى فتح الملفات الداخلية ومعرفة تفاصيل الأحداث الأخيرةquot;.

ويضيف quot;بالنسبة إلينا لم نعقب على شروطهم مباشرة، لكن أكدنا على وجود شروطنا المتمثلة بالإبقاء على وجودنا كتيار إسلامي مقاوم ضد الاحتلال، والإفراج عن كافة أفراد السلفية الجهادية من سجون حماس، وإعادة الأسلحة التي تصادرها وصادرتها في أكثر من مرة خلال عمليات جهادية وغيرها من إخواننا، وتحفظنا على العمل الداخلي في الوقت الحالي، ومنحنا الراحة للعمل بحرية ضد الاحتلالquot;.

شروط تعجيزية

واعتبر طالب بعض شروط الحكومة بغزة بأنها تعجيزية، وأنها ستكون حجر عثرة أمام الاتفاق في حال بقيت الشروط على ما هي عليه. وعن تلك الشروط أوضح قائلاً quot;أبدينا رفضنا على شروط الحكومة التي تمثلت بإنهاء التيار السلفي نهائيًا، وفتح الملفات الداخلية ومعرفة تفاصيل الأحداث الأخيرة، وطلبهم بمعرفة هوية من كان يقف خلف الدعوة للإمارة الإسلامية ومصادر التمويل للشهيد quot;أبي عبد الله السوريquot;، ومن الذي دعا لتوحيد الجماعات السلفية الجهادية بالقطاع، ثم تطورت الجلسة لنقاش حاد في الأمور تلك وفي اليوم التالي اختفينا عن الأنظارquot;.

وأشار إلى أن قائد كتائب القسام quot;أحمد الجعبريquot; قد وافق على الحل الذي طرحناه برفض فتح ملف الأحداث الأخيرة، وعرض علينا إنهاء المشكلة من جذورها بضمنا للكتائب وهو ما رفضناه وأكدنا على ضرورة بقائنا كتيار إسلامي مقاوم.

تدهور الأوضاع

وأكد طالب أن الأوضاع عادت إلى ما هي عليه بعد فشل الاتفاق، حيث اقتحمت أجهزة أمن حماس منازل عائلاتهم وغيرها من منازل مواطنون على صلة قرابة بهم أو من المواطنين ذي الصلة الطبيعية بنا.

وأشار إلى أن الحكومة بغزة كانت تنوي الإعلان عن الاتفاق رسميًا أمام وسائل الإعلام والرأي العام، للتأكيد على إنهاء الخلاف بالقضاء على التيار السلفي الجهادي من خلال اتفاق مع قياداتها وهو ما رفضناه إلا بتوضيح كافة الشروط، حيث أنها كانت تسعى من خلال هذا الإعلان على الملأ كسب الرأي العام في الشارع العربي بعد أحداث مسجد ابن تيمية.

وأكد القيادي السلفي quot;محمود طالبquot; في ختام حديثنا معه أنهم سيرفضون أي شروط، ولن يقبلوا في أي محاولات لأي اتفاق مقبل يرفض شروطهم التي سبق ذكرها. يذكر أن أجهزة أمن حماس شنت حملات اعتقال واسعة ضد عناصر السلفية الجهادية بالقطاع، وشن جهاز الأمن الداخلي حربًا خاصة لاعتقال قيادات الجهاز السلفي من بينهم القيادي quot;طالبquot;، وذلك بعد أحداث مسجد ابن تيمية التي قتل فيها 24 فلسطينيًا وأصيب العشرات.