تظاهرات شعبية تطالب بخمس دوائر إنتخابية في العام 2006كل المواقف البرلمانية إن المؤيدة أو المعارضة لمقترح لجنة برلمانية بإعتماد مبدأ الدائرة الإنتخابية الواحدة في الكويت خلال الإنتخابات البرلمانية المقبلة، ظلت عائمة وغائمة بإنتظار مآلات نقاشه بصورة نهائية داخل قاعة البرلمان في دور الإنعقاد المقبل الذي يبدأ الأسبوع المقبل، لكن في لقاءات سريعة مع quot; إيلاف quot; عبر أكثر من نائب وناشط سياسي عن تأييدهم للمقترح بوصفه مقترحا يحقق العدالة ويصادر العديد من السلبيات في النظام الإنتخابي الحالي.

الكويت: بعيدا عن الأزمات السياسية التقليدية التي تستفيق عليها الكويت يوميا، في ظل إحباطات شعبية من التصعيد البرلماني غير المبرر في أكثر من قضية وأزمة، فقد ظهرت على المسرح السياسي المحلي خلال اليومين الماضيين مشروع أزمة جديدة من شأنها أن تنمي مستوى وشكل الخلاف بين الحكومة والبرلمان في دور الإنعقاد المقبل الذي يبدأ يوم الثلاثاء المقبل، خصوصا وأن مشروع الأزمة الجديد أعطي من قبل جهات برلمانية وصف الأولوية، وسبب إهتمام أعضاء مجلس الأمة الكويتي به، كونه يتعلق بإعادة إنتخاب النواب وعودتهم الى البرلمان من عدمها، إذا ما تقرر أن تجري إنتخابات مقبلة في الكويت، إذ يثير المقترح البرلماني القاضي بتعديل النظام الإنتخابي الكويتي عبر تقليص عدد الدوائر الإنتخابية الخمس حاليا الى دائرة إنتخابية واحدة على المستوى الوطني، فبين جهات برلمانية تعتبر أن المقترح بحاجة الى نقاشات مطولة وعصف ذهني للوصول الى موقف نهائي، ترى جهات برلمانية أخرى أن المقترح رغم إعتباره قفزة نحو المجهول إلا أنه يراعي العدالة إنتخابيا، ويلغي العديد من السلبيات التي طغت على نظام الدوائر الخمس الذي طبق خلال إنتخابات عامي 2008، و2009.

فيصل المسلمووفقا للنائب الكويتي الدكتور فيصل المسلم الناطق الرسمي بإسم كتلة quot;التنمية والإصلاحquot; البرلمانية المعارضة، التي تضم الى جانبه أيضا النائبين الدكتور وليد الطبطبائي، وجمعان الحربش، فقد خص quot;إيلافquot; أولا بموقف الكتلة من مقترح تحويل الكويت الى دائرة إنتخابية واحدة، مؤكدا أن الكتلة تدارست المقترح الذي أحالته لجنة الداخلية والدفاع الى مجلس الأمة، وتوصلت الى موقف الترحيب به من حيث المبدأ، بوصفه مقترحا يحقق العدالة بين الناخبين، ويسيطر على السبيات الكثيرة التي رافقت تطبيقات نظام الدوائر الخمس من حيث التفتيت الطائفي، والصراعات القبلية، والتجاوزات والإنتهاكات، إلا أن الدكتور المسلم أوضح لـquot;إيلافquot; أن موقف الكتلة النهائي من مآل هذا المقترح يتحدد بعد المداولات التفصيلية والنهائية لمخرجات هذا المقترح، وإعتماده بصورة نهائية، فقد يكون للكتلة ndash;والكلام للدكتور المسلم- تحفظات معينة على إخراج هذا المقترح بصورته النهائية، لذلك فإن الكتلة ترحب بالدائرة الواحدة من حيث المبدأ لكنها تنتظر تكييف تطبيقها في النظام الإنتخابي.

محمد الفيليمن جهته يرى الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي أن الدستور الكويتي ترك مسألة تحديد مسألة الدوائر الى المشرع وفقا لإختصاصاته الدستورية، بمعنى أن نواب الأمة هم الذين يشرعون ويعتمدون النظام الإنتخابي عبر إصدار قانون في هذا الشأن توافق عليه الحكومة، ويصادق عليه الأمير كي يصبح نافذا من الناحية الدستورية، إلا أن الفيلي يرى بأن تطبيق مقترح الدائرة الإنتخابية الواحدة على المستوى الوطني من شأنه أن يجابه بإنتقادات واسعة، لأن تطبيقاته في دول أخرى ترافق معها وجود حياة حزبية فاعلة وقديمة، وهو ما تفتقد إليه الكويت، الأمر الذي قد يحرم الأقليات في المجتمع الكويتي من الوصول الى عضوية محلس الأمة، إذا ما حسم الأمر وتقرر إجراء الإنتخابات المقبلة، وفقا لنظام الدائرة الإنتخابية الواحدة.

محمد العبد الجادرالنائب السابق والناشط السياسي البارز الدكتور محمد العبدالجادر وجد أن المقترح المشار إليه يحتاج الى وجود أحزاب في الكويت تتولى عملية تسويق مرشحيها بروافع حزبية ضخمة، من شأنها أن تتيح لهم أكبر قدر من التماس والتفاعل مع أبناء الشعب الكويتي على المستوى الوطني ككل، لافتا الى وجود تطبيقات ناجحة جدا لنظام الدائرة الإنتخابية الواحدة في الولايات المتحدة الأميركية، وإسرائيل، والبرتغال، وقريبا سيطبق هذا النظام في الإنتخابات العراقية، لكن في الكويت علينا أن ننتظر ونسمع النقاشات البرلمانية ذات الصلة عند طرح المقترح للنقاش بين أعضاء ونواب الأمة وصولا الى شكل نهائي للتطبيق، فإذا كان إخراجه ملائما للحالة الكويتية، نستطيع أن نقول بأننا كسبنا إصلاحا مهما في نظام العملية الإنتخابية مستقبلا، أما إذا تم تشويهه بإضافات وتعديلا ليصبح نظاما إنتخابيا هجينا، فهنا أنا أعتقد أن النظام الإنتخابي الجديد سيكون مصاحبا لسلبيات وفيرة نحن في غنى عنها هنا في الكويتquot;.

وحول إمكانية أن يصبح المشروع المشار إليه مشروع أزمة قد تهدد العلاقة بين الحكومة والبرلمان قال الدكتور العبدالجادر:quot; أنا أرى أن هذا المقترح من شأنه أن يضاعف من حدة الإحتقان السياسي في البلاد، فإلى جانب الملفات المثيرة للخلاف بين الحكومة والبرلمان الذي أتفق على طرحها للنقاش في دورة البرلمان المقبلة، يأتي مقترح الدائرة الإنتخابية الواحدة ليشكل هو الآخر إنعطافة غير آمنة في مسيرة البرلمان الحالي، وهنا قد ندخل في تكهنات حل مجلس الأمة بأي صيغة يقررها صاحب السمو الأمير إذا ما رأى أنه يصعب التوفيق بين الحكومة والبرلمانquot;.

نجلاء النقيمن جهتها ترى محامية الدولة في إدارة الفتوى والتشريع نجلاء النقي أن مقترح تحويل الكويت الى دائرة إنتخابية واحدة جاء متماشيا مع مناشدات مضنية قادتها القوى السياسية الناشطة في البلاد منذ سنوات عدة، في إطار المطالبة بإصلاحات سياسية تشمل كل المسارات الوطنية، وبالتالي فإن وجود دائرة إنتخابية كويتية واحدة من شأنه أن ينقلنا الى عملية إنتخابية ديمقراطية بالمطلق، تراعي العدالة في الإختيار والتمثيل على المستوى الوطني، فعلى سبيل المثال تقول النقي الناشطة السياسية البارزة، والمرشحة لإنتخابات مجلس الأمة العام 2008، أن من الظلم أن يجبر كويتي في منطقة إنتخابية ما على إنتخاب مرشحين محددين في دائرته الإنتخابية، بينما يرى هذا الناخب أن المرشح الفلاني في دائرة أخرى هو الذي يستهويه برنامجه السياسي، أو مواقفه الناضجة، أما في الدائرة الإنتخابية الواحدة فإنه يحق لأي ناخب كويتي أن يصوت لمن يشاء من المرشحين على المستوى الوطنيquot;.

الحميدي قناص المطيري أما القيادي الإعلامي البارز لسنوات طويلة، والناشط السياسي البارز، والمرشح السابق لإنتخابات مجلس الأمة الدكتور الحميدي قناص المطيري فإنه يرى أن نظام الدوائر الإنتخابية الخمس قد جافى العدالة بالمطلق خلال السنوات السابقة، شارحا أن النظام الإنتخابي كان يعطي الحق ل30 نائبا في تمثيل 170 ألف مواطن كويتي في الدوائر الإنتخابية الأولى والثانية والثالثة، بينما كان يحصر أكثر من 200 ألف كويتي في إنتخاب 20 نائبا يمثلونهم عن الدائرتين الرابعة والخامسة، لكن المطيري يجد أيضا أن من أهم سلبيات الدائرة الإنتخابية الواحدة هو الصعوبة بمكان أن يوفق المرشح على المستوى الوطني في تسويق وتقديم نفسه وبرنامجه الى نحو نصف مليون ناخب على إمتداد الكويت.

فوفقا للدكتور المطيري فإن المرشح كان يجد صعوبة وعناء هائلين في التحرك ضمن منطقة جغرافية صغيرة خلال الإنتخابات الماضية لترويج نفسه وبرنامجه، فكيف سيعالج الأمر على المستوى الوطني، شارحا أن الأمر لن يتأتى إلا بإمكانات جبارة وباهظة جدا عبر آلية أساس ترتكز على الدعاية والإعلان بشكل مكثف، وهو الأمر الذي يحتاج الى أموال طائلة بحسب الدكتور المطيري تناهز المليون دينار كويتي، عدا عن الإحتياجات الأخرى للحملة الإنتخابية من مقار في جميع مناطق الكويت، ومندوبين يجولون الكويت طيلة مرحلة التحضير للإنتخابات، وهو أمر يرى الدكتور المطيري أنه لا يتاح للسواد الأعظم من المرشحين.

يشار الى أن صيف العام 2006 شهد ما يشبه الإنتفاضة الشعبية والبرلمانية لدفع الحكومة الى إصلاح النظام الإنتخابي عبر تقليص الدوائر الإنتخابية من 25 دائرة الى 5 دوائر، ضمن حملة شعبية عرفت وقتذاك بquot;نبيها خمسquot;، وفي ظل رفض حكومي وإندفاع شعبي جرى حل مجلس الأمة الكويتي حلا دستوريا عبر صلاحيات الأمير الكويتي، إلا أن البرلمان الجديد أعاد الكرة وحصل على مبتغاه من خلال إعتماد مبدأ الدوائر الخمس، التي أجريت وفقا لها إنتخابات عامي 2008، و2009، وسط مطالبات أخرى بدأت تنمو بقوة لإلغاء الدوائر الخمس والإستعاضة عنها بعشر دوائر إنتخابية، لكن مقترح الدائرة الإنتخابية الواحدة ظل المطالبة الأبرز.