مسيرة الضحى من نجد قبل 250 عاما (3/5)
الكويت بين جيلين .. فلا صراع ولا صِدام
الشيخ صباح الأحمد
نصر المجالي من لندن: كانتقالها تماما من اسم القرين إلى كاظمة لتصبح الكويت في القرن السابع عشر الميلادي، وكما تم لآل الصباح من السيادة بعد انتهاء نفوذ بني خالد ومن بعدهم حسم الصراع مع قبائل أخرى كان لها نفوذ محدود كالجلاهمة وآل خليفة وغيرهم، فإن تاريخ توارث الحكم في الكويت لم يشهد صدامات ومعارك دموية بين الأشقاء وأبناء العمومة منذ أن اختير صباح بن جابر المعروف بـ (صباح الأول) في عام 1752 حاكما وفق الطريقة العربية العشائرية من قبل أهل الكويت لتصريف شؤون المدينة والفصل في ما قد يقع بين سكانها من خلافات نظرا لحاجة الناس إلى قيادة يرجعون إليها في تصريف أمورهم حيث اتسعت نشاطاتهم في البر والبحر، والمعروف أنه ليس الكويت تمتعت بهذه الميزة التاريخية المحافظة التي تُعظّم دور كبير العائلة وشيخها ليكون هو صاحب القرار الأعلى حيث لا دساتير كانت مكتوبة، بل أن سائر دول الخليج العربية الراهنة كانت ولا تزال على هذا المنهاج مع تقبلها لكل ما هو حديث في تسيير شؤون الحكم طبقا للتقاليد والأعراف.
وبالتأكيد لن تختلف الكويت عن جارتيها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة اللتين شهدتا انتقالا هادئا للسلطة، من بعد وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وقبل عام وفاة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان،، على أن الذي سيجري في الكويت مختلف إلى حد قليل حيث هو لن يتعلق بخلافة أمير البلاد الذي يعطيه الدستور القرار كله في تصريف شؤون الحكم كرأس للسلطات الثلاث، القرار المنتظر متعلق بدرجة اقل وهو مسألة ولاية العهد. وواضح أن المسألة باتت محسومة في حكم المؤكد لصالح الشيخ صباح الأحمد الذي سيحتفظ أيضا برئاسة الحكومة ليعود الحال إلى ما كان عليه في تموز (يوليو) 2003 .
ماذا بعد؟
السؤال الذي يطرح نفسه الآن على الساحة الكويتية، ثم ماذا بعد؟؟ وهو لا يتعلق بتوارث السلطة التي حسمها الدستور بمشورة من حكماء العائلة ودعم منهم وكذلك دعم من غالبية أعضاء البرلمان إن لم يكن جميعه، لكنه متعلق بأدوار الجيل الجديد من أسرة آل الصباح، حيث رجال الصف الأول أو لنقل (الحرس القديم) من شيوخ العائلة لا يزال ممسكا بخيوط جميع اللعبة الداخلية والخارجية وعلى الصعد جميعا.
وهناك مطالب كثيرة ليس من أبناء الأسرة الحاكمة باحتلال أدوارهم، بل من جبهات سياسية عديدة على الساحة الكويتية، وهذه المطالب تقترن مع دعوات الإصلاح سواء الداخلية منها أو الآتية من خارج الحدود، ويرى اصحاب هذه الدعوات ان الحرس القديم من كبار رجال الصف الأول في أسرة الحكم غير قادرين على تلبية تلك الطموحات، لكن يبدو ان الجواب يأتي سريعا وهو اتخذ شكله العملي في شهر حزيران(يونيو) الماضي حين تم تمرير تعديل قانون الانتخابات حيث حققت المرأة الكويتية انتصارا بحصولها على حقوقها السياسية كاملة في الانتخاب والترشيح وهي حرمت منه لنيف وأربعين عاما خلت.
هذا الانتصار لصالح المرأة بالتأكيد يصب في خانة التوجه الذي قاده الشيخ صباح الأحمد لعامين متواصلين، حتى استطاع تفكيك جبهة معارضة الدور النسائي تحت قبة البرلمان "على اعتبار أن الولاية للرجل على الدوام"، وتحقيق دور المرأة عامل مهم في عملية الإصلاح، وهو مطلب بالتأكيد لم يأت من الخارج، فيما لوعلمنا أن أمير الكويت كان قدم لمرتين سبقتا التلويح بحكاية الاصلاح من الخارج على الطريقة الأميركية، إلى مجلس الأمة بتعديل قانون الانتخاب، ولكن حتى مطلبي الأمير ردا من جانب جبهات متشددة كانت ولا تزال لها الدور القوي تحت قبة البرلمان.
يبقى الأمر الآخر، وهو دور الشباب من آل الصباح في الحكم وتسيير شؤون البلاد والعباد في إطار من احترام شرعية الدستور والتقاليد السائدة باحترام قرار الكبار،، وهنا لا بد من الإشارة إلى ما كانت مصادر كويتية تتحدث عنه من أن الشيخ صباح الأحمد الذي يطلق عليه لقب (حكيم الكويت) سعى منذ توليه رئاسة السلطة التنفيذية إلى مسألتين مهمتين، لعل أولهما هو التركيز على الشأن الاقتصادي والاستثماري في شكل خاص منه، لذلك نفذ في مطلع العام الحالي واحدة من أهم جولاته الخارجية وقد تكون هي الوحيدة له منذ تسلمه رئاسة الحكومة حين جال في العديد من دول جنوب شرق آسيا والصين واليابان.
الأمر الثاني الذي سربته مصادر كويتية هو أنه خلال الأعوام الثلاثة التي مضت ظل كمن يرمي كنانته بين يديه ليعجم عيدانها، وفي كل مرة كان يراهن على شاب جديد من أبناء الأسرة ليقربه إلى ديوانه ومن حلقة المستشارين الأقربين عنده سواء كان من فرع الأحمد الذي ينتمي إليه، أو فرع السالم النقيض، فالكل كان عنده سيان فهم أبناء وأبناء عمومة، وبادر الشيخ صباح في نيسان (إبريل) الماضي إلى جمع رجالات الأسرة كهولا وشبابا على مائدة عشاء، وهي بادرة استمرت لتشكل عقد المرحلة المقبلة ودستورها حتى يرى كل واحد فيهم اين ممكن أن يكون وماذا سيقدم للكويت؟.
سالم العلي والفهد
وزير الطاقة أحمد الفهد في صورة لصحيفة الراي العام |
لكن يبدو رغم كل التفاؤل، أن التوقعات والآمال قد لا تعبر عن الواقع، فالصراع بين جيلين لوحظ في شكل واضح لا يخفي نفسه في تصريحين فجرا التساؤلات من جديد، وطرحا كل الأوراق على الطاولة، وكان كل منهما بمثابة الصخرة التي ارتطمت بمياه آسنة،، ولقد كانت في البداية تصريحات وزير الطاقة الشاب أحمد الفهد لصحيفة (الرأي العام) حيث هو ندد بكل من يوجه انتقادات في غير محلها لحكومة العم الشيخ صباح، وهو بهذا نصب نفسه ليس محامي الدفاع عن الحكومة بل إنه أعلن نفسه كقائد لتيار الجيل الجديد من الشباب الذين يراهن عليهم الجميع مستقبلا في القيادة.
بالمقابل، وخلال 24 ساعة خرج كبير الأسرة "سمو" الشيخ سالم العلي السالم الصباح رئيس الحرس الوطني مفجرا لمرة ثالثة خلال عام واحد قنبلة جديدة، وكانه في ذلك يرد على كلام الجيل الجديد الطامح للقيادة مبكرا، أو أنه يحاول محاصرة أي قرار مستقبلي يتفرد به هذا الطرف أو ذاك، وهو بالتأكيد حين رد على الشيخ أحمد الفهد، كان يعني الشيخ صباح ومن هم حوله.
ففي تصريحه لصحيفة (القبس) فإنه حين انتقد الأوضاع الراهنة وانعكاساتها السيئة فيما لو استمرت على حال الحكم بمجمله وعلى الكويتيين كافة، اقترح بالمقابل قيادة ثلاثة لدعم قيادة الأمير الشيخ جابر في اتخاذ قراراتها لتسيير شؤون البلاد للمرحلة المقبلة.
وكان الأمير جابر سريعا في الرد، حين استدعى رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي وأبلغه ثقته مجددا بأداء رئيس الحكومة الشيخ صباح، وطلب إلى الخرافي إبلاغ ذلك لأعضاء مجلس الأمة الذين تنادوا سريعا لاجتماع غير رسمي حيث هم في اجازة تنتهي الأسبوع المقبل، وايدوا ما دعا إليه أميرهم، مع مطالبة البعض بتفسيرات أكثر "لكن إجماعهم كان على أنه لا يحق لمن كان مخالفة إرادة الأمير".
وإليه، كانت التداعيات في الأيام الأخيرة، انتظار صدور القرار الحاسم على نهج دستوري في ايام قليلة مقبلة في شأن ترتيب بيت الحكم، وهو سيضع الشيخ صباح الأحمد تحت مسؤوليات طائلة كرجل قوي وصاحب قرار أول في ظل استمرار مرض شقيقه الأمير، خاصة وأنه سيجمع المنصبين العاليين ولاية العهد ورئاسة الحكومة معا.
الكويت في رقبتك يا شيخ!!
| ||||
مرة ثانية، يعود محمد عبد القادر الجاسم رئيس تحرير صحيفة (الوطن) السابق لتناول الوضع كتابة، فبعد مقاله الذي وجه فيه انتقادات علنية وساخنة لرئيس الوزراء الشيخ صباح تحت عنوان (شي يصير في الديرة)، فإنه كتب مجددا يخاطبه بأسلوب مختلف ولكن بلغة تختلف عن لغة المقال الأول، فالجاسم كتب تحت عنوان ( الكويت في رقبتك يا شيخ!!) الآتي:
ايا كانت النتيجة النهائية لما يجري حاليا، ولنفترض ان الشيخ صباح سوف يستلم ولاية العهد او حتى الامارة قريبا، فهل يقبل الشيخ صباح ان تؤول اليه الامور بهذه الطريقة وفي مثل هذه الاجواء؟ ان الشيخ صباح ليس شابا يافعا فهل يريد ان يتم التعامل معه حين يعيقه المرض عن ممارسة مهامه بالطريقة نفسها التي يتعاملون بها مع الشيخ سعد؟ هل تسعى الاسرة الحاكمة لوضع "تقليد" جديد لكيفية التعامل مع شيوخنا في مرضهم؟
قبل نشر تصريح الشيخ سالم العلي في صحيفة القبس بفترة قصيرة، عقد اجتماع بين الشيخ سالم العلي والشيخ صباح الاحمد والشيخ مبارك عبدالله الاحمد وهؤلاء هم "اركان الأسرة الحاكمة" وكان الاجتماع بناء على طلب الشيخ سالم العلي. ولا احد يعلم يقينا ما دار في ذلك الاجتماع، غير ان المؤكد هو ان الخلاف بين الشيخ سالم والشيخ صباح قد تعزز. فبعد خروجه من الاجتماع الاول عقد الشيخ صباح اجتماعا آخر مع مجموعة من الشيوخ من انصاره، وكان الهدف هو البحث عن حل لمواجهة موقف الشيخ سالم العلي المعارض لنهج الشيخ صباح في الانفراد بالسلطة. ولأن الاجتماع كان موسعا فقد تسرب بعض مادار فيه، وقد طرحت في هذا الاجتماع فكرتان: الاولى استقالة الشيخ صباح بهدف ايصال الأمور الى طريق مسدود بحيث يرفض الشيخ صباح العودة عن استقالته ما لم تسند اليه ولاية العهد، اي اتباع سيناريو فصل رئاسة الوزراء عن ولاية العهد نفسه عام 2003 حين اصر الشيخ صباح على تولي رئاسة الوزراء او عدم المشاركة في تحمل اي مسؤولية، وهو السيناريو الذي حقق الهدف منه في حينه فتم فصل رئاسة الوزراء عن ولاية العهد. غير انه تم صرف النظر عن هذه الفكرة لاسباب عديدة من بينها ان الشيخ سالم العلي وهو اكبر سنا من الشيخ صباح ربما يطالب هو بتولي رئاسة الوزراء بدلا من الشيخ صباح اذا استقال خاصة بعد ان اخذ الشيخ سالم يتحرك هنا وهناك ويطلق تصريحات صحافية تتضمن افكارا هي من صميم اختصاص مجلس الوزراء اي ربما لا ينجح سيناريو الاستقالة او سياسة حافة الهاوية هذه المرة. وكان هناك من طرح فكرة اخرى هي عزل الشيخ سالم العلي من رئاسة الحرس الوطني. ثم استقر الرأي على تشكيل لجنة ثلاثية من الشيوخ الذين اجتمع معهم الشيخ صباح لزيارة الشيخ سالم العلي ومفاوضته. ويبدو ان الشيخ سالم رفض استقبال تلك اللجنة.
بعد ذلك نشرت صحيفة القبس تصريحات الشيخ سالم العلي. فما هو هدف الشيخ سالم من تصريحاته وما مدى دقتها وما هي نتائجها؟ وهل كانت تصريحاته ضربة استباقية لمواجهة احتمال عزله من رئاسة الحرس الوطني ام انها جاءت كي تستبق احتمال الانفراد بترتيب بيت الحكم؟
أعتقد ان الهدف العام من تصريحات الشيخ سالم العلي هو اشراك الناس في امور الأسرة الحاكمة بعد ان رأى عدم جدوى التحرك داخل الأسرة الحاكمة حيث ان التخلي عن المسؤولية هو القاسم المشترك. اما الأهداف التفصيلية لتصريحات الشيخ سالم العلي فهي الاعلان عن وجود ازمة دستورية تتعلق بطريقة اصدار المراسيم الأميرية والتصديق على القوانين، وهو اشكال يتحدث عنه الناس همسا غير ان جاسم الخرافي رئيس مجلس الامة اكده علنا من حيث لا يدري حينما سرب لصحيفة الرأي العام بعض تفاصيل الحوار الهاتفي الذي دار بينه وبين الشيخ سالم. والواقع ان قصة الاشكال الدستوري ليست جديدة لكنها من القضايا التي يصعب تداولها او الحديث عنها علنا، غير انني استطيع الاشارة الى صورة اخرى منها وهي تتعلق بالفترة التي تولى فيها سمو ولي العهد الامارة نيابة عن صاحب السمو حيث ان سمو ولي العهد الشيخ سعد هو الذي صدق على قانون المرأة، فإن كانت الحالة الصحية للشيخ سعد لا تسعفه على ممارسة مهامه فإن قانون المرأة غير دستوري او هو منعدم!!
عموما تبقى قضية الاشكال الدستوري قضية مهمة وحقيقية ولن يغير منها تنحي سمو ولي العهد واستلام الشيخ صباح مكانه، بل ان تصريحات الشيخ سالم العلي وصمت اي تغييرات قادمة بوصمة غير دستورية، وهذا في اعتقادي هو ما "استفز" الشيخ صباح فهو حتما لا يريد ان ينتاب استلامه ولاية العهد شبهات دستورية، صحيح انه لا قيمة عملية لتلك الشبهات الا ان تأثيرها المعنوي كبير وكبير جدا في الحاضر وفي المستقبل حين تزول عوائق الحديث الصريح وتبدأ عملية تدوين التاريخ.كما ان لها اهمية قصوى لدى دول الخليج.
اما عن اقتراح الشيخ سالم العلي تشكيل لجنة ثلاثية للمساعدة في ادارة شؤون الدولة تتكون منه والشيخ صباح والشيخ مبارك عبدالله الاحمد، فمن الواضح ان الشيخ سالم لا يريد تمكين الشيخ صباح ومن معه من الشيوخ في الانفراد بالقرارات المهمة وانما هو يريد تعزيز دور مسند الامارة خاصة بعد ان وجه اتهاما صريحا مباشرا لوزير الديوان الاميري بتجاوز صلاحياته. وحقيقة فأنا استغرب موقف من قال ان اللجنة التي يقترحها الشيخ سالم العلي غير دستورية، واستغرابي ليس بسبب انتقائية التمسك بالدستور وانما بسبب عدم وجود اي شبهة دستورية في اقتراح اللجنة، فهذه اللجنة لن تقوم مقام اي سلطة دستورية وهي اقرب الى لجنة الخبراء او المستشارين التي تهدف الى ترشيد القرار، واذا كان هناك من يرغب في التمسك بالدستور فإن الأولى به تجاهل ما دار في اجتماع النواب فهذا الاجتماع غير دستوري ولا يجوز البناء عليه او ترتيب اي نتائج عليه، وبعبارة صريحة لا يجوز لرئيس مجلس الأمة ان ينقل رسالة من النواب بناء على اجتماع غير دستوري... هذا اذا كان الهدف هو الدستور فعلا!!
هل حققت تصريحات الشيخ سالم العلي اهدافها، وماذا بعد تلك التصريحات؟ اي ماذا ينوي الشيخ سالم العلي ان يفعل؟لا اعلم عن نوايا الشيخ سالم العلي وما اذا كان يريد الاستمرار في تحركه ام لا، لكن اعتقد انه اصبح ملزما بمواصلة تحركه، فمن هو في موقعه وبعد ان قال ما قال لا يجوز له الانكفاء والابتعاد الا اذا كان هدفه الوحيد هو استفزاز الشيخ صباح فقط، وهو وان نجح في تحقيق ذلك الهدف بدرجة عالية جدا الا انني اظن ان لديه اهدافا اهم بكثير من استفزاز الشيخ صباح الذي يسهل استفزازه على كل الأحوال. اننا لا نملك الا الانتظار لمعرفة ماذا سيفعل الشيخ سالم... وهو ان لم يواصل تحركه فقد كان من الاجدى لو انه لم يتحرك من الأساس.والآن دعونا نتمعن في موقف معسكر الشيخ صباح وردة فعلهم على تصريحات الشيخ سالم العلي.
الشيخ سعد العبدالله |
تعامل معسكر الشيخ صباح مع تصريحات الشيخ سالم العلي بارتباك شديد وبشيء من الهلع والجزع معتبرين انها تشكل تهديدا جديا لإمكانية تولي الشيخ صباح ولاية العهد فسعوا الى ترويج قصة حسم الامور لصالح الشيخ صباح رغم ان الشيخ سالم العلي لم يطرح نفسه كمرشح لولاية العهد، اي ان ولاية العهد كانت محسومة للشيخ صباح متى حان اوانها. وبدلا من ازالة الشكوك الدستورية التي القاها تصريح الشيخ سالم العلي حول آلية اصدار المراسيم والتصديق على القوانين، وهي شكوك تشمل حتما اي تغييرات قادمة، سعى معسكر الشيخ صباح الى استجلاب الشرعية لحكومة الشيخ صباح رغم ان شرعية الحكومة ليست محل نقاش، كما سعوا الى استدرار الولاء الشخصي له من "عوير وزوير" وقسموا الناس الى قسمين وقسموا الأسرة الحاكمة الى فريقين فريق الشيخ سالم وفريق الشيخ صباح وسعوا الى الدفع نحو توليه ولاية العهد وبأسرع ما يمكن. بيه.. بيه شدعوه شصاير؟ لماذا هذا الهلع والجزع؟ وما علاقة الشيخ سعد بالقصة وهل تنحيته او تنحيه هو الذي يعيد الامور الى نصابها؟ لقد ارادوا افتعال "معركة" بين الشيخ سالم والشيخ صباح حول ولاية العهد، وسعوا الى حسم تلك "المعركة" لصالح الشيخ صباح؟ وهنا أود ان اسأل الشيخ صباح نفسه ومباشرة: هل يرضيك يا شيخ ان تسند اليك ولاية العهد بهذه الطريقة وفي هذه الاجواء؟ كيف تريد للتاريخ ان يروي قصة حصولك على ولاية العهد او الحكم؟ هل نقول فيما بعد ان "المسجات" كان لها الدور الفعال؟ هل انت بحاجة الى شهادة طلال العيار وصلاح خورشيد وجاسم الكندري ويوسف الزلزلة ومعصومة مبارك على اهليتك كي تحصل على ولاية العهد؟ معقول وصلنا الى هذه المرحلة؟ من يصدق ما يحدث؟
ان التفسير الوحيد لحالة الهلع والجزع التي اصابت معسكر الشيخ صباح هو انهم لا يريدون "لحركة" الشيخ سالم العلي ان تتسع وتتحول الى معارضة لنهج الشيخ صباح او توليه ولاية العهد وهم ارادوا استغلال الموقف لحسم الامور بهذه الطريقة غير المناسبة والتي لا تتوافق مع ثقافة الاسرة الحاكمة بهدف اقصاء الشيخ سالم العلي واتاحة الفرصة لترتيب الامور دون ان يتمكن الشيخ سالم العلي من فرض شروط مقابل موافقته على اسناد ولاية العهد للشيخ صباح. ان ما حدث من جانب معسكر الشيخ صباح هو اساءة بالغة للشيخ صباح نفسه فلا اظن انه يرغب في استلام ولاية العهد بهذه الطريقة او وسط هذه الاجواء. اقول هذا وانا اعلم ان الكويت مقبلة، في حال تم حسم الامور فعلا لصالح الشيخ صباح، على اكبر حملة نفاق وتزلف في تاريخ البلاد، وقد شهدنا في اليومين الماضيين بدايتها..والله يعينا.
لقد سبق لي ان كتبت في هذا الموقع مطالبا باسناد ولاية العهد للشيخ صباح حتى يرتاح هو ويتخلص من الهواجس وحتى يرتاح البلد معه من التوتر المزمن. وها انا اكرر الدعوة غير انني ارى انه من غير اللائق ابدا حسم الامور وسط هذه الاجواء. وسواء قبل الشيخ صباح استلام ولاية العهد بهذه الطريقة ام فضل التريث، فإن المسألة اعمق بكثير مما يجري.
ان الشيخ صباح ليس شابا يافعا، وبالتالي فان احتمال ان يتكرر معه ما يحدث للشيخ سعد حاليا بعد سنة او سنتين امر وارد جدا من الناحية النظرية على الاقل، فهل الحسم بالطريقة التي يسعون اليها هي التي سوف تتبع مع الشيخ صباح حين يعيقه المرض عن مزاولة مهامه؟ هل يريد معسكر الشيخ صباح ترسيخ اسلوب التعامل الحالي مع الشيخ سعد ليكون هو منهج تعامل اسرة الصباح مع شيوخنا في مرضهم؟
على اي حال اعيد القول انه ليس مهما من يخلف الشيخ سعد في ولاية العهد خاصة اذا كان الشيخ صباح فلن يتغير شيء، لكن المهم هو ماذا يجني البلد من وراء كل ما يثار حاليا... هل سيختفي الفساد... هل سيحصل المواطن الكويتي على مسكن... هل ستختفي البطالة... بالطبع لن يتغير شيء هذا ان لم تزداد الأمور سوءا.
ان مستقبل البلاد في رقبة الشيخ صباح فماذا سيفعل ؟ ان الناس لا يهمهم من يخلف الشيخ سعد، لكن المهم هو من يخلف الشيخ صباح، ان فترة حكم الشيخ صباح لن تطول وهذه سنة الحياة لكن الكويت باقية... فهل يحسن الشيخ صباح اختيار من يخلفه... اذا كانت اختيارات الشيخ صباح لوزرائه هي المقياس فالله المستعان!!
إقرا ايضا مرض الكبيرين طال .. فحوصر آل الصباح (2/5) خريف سياسي لسعد ( 1/5) |
التعليقات