كابول، وكالات: يجري مسؤولو الأمم المتحدة اتصالات مكثفة مع السلطات الأفغانية لإقناعها بالتراجع عن طرد دبلوماسيين دوليين يعملان في الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة كانت قد اتهمتهما بتشكيل خطر على أمنها القومي. ولم ترد أي معلومات بشأن حدوث تقدم في المباحثات الجارية في كابول لحل الأزمة. ويقول مراسل بي بي سي في كابول إن في ظل استعداد الرئيس الأفغاني، حامد كرزاي، لبدء زيارة إلى باكستان بعد ساعات قليلة، فلا يبدو من الوارد تنفيذ قرار الطرد، وخصوصا أنه صدر من مكتب الرئيس كرزاي.

وذكر عليم صديقي المتحدث باسم الامم المتحدة في افغانستان ان مسؤول الامم المتحدة، وهو بريطاني ويعمل مستشارا سياسيا وخبيرا في الشؤون الافغانية، سيغادر البلاد خلال 48 ساعة. وقال صديقي quot;نامل في ان يتمكن (الدبلوماسي) من العودة بسرعة حتى يواصل عمله المهم والضروري من اجل إحلال السلام والاستقرار والتقدم (في افغانستان)quot;. وقال صديقي ان المسألة هي سوء فهم نجم بعد ان زار الرجلان مدينة موسى قلعة في ولاية هلمند التي استعادت السلطات الافغانية سيطرتها عليها بعد استيلاء حركة طالبان عليها لمدة 10 اشهر. وقال ان الرجلين زارا المنطقة لتقويم جهود quot;احلال الاستقرارquot; بعد الهجوم العسكري عليها. واضاف ان الرجلين تحدثا مع عدد من السكان المحليين وبينهم quot;اشخاص مترددون بين تاييد ومعارضة الحكومة الافغانيةquot;. وتابع quot;وقد تم ابلاغنا بعد ذلك ان وجودنا في هلمند يتعارض مع مصلحة الامن القومي. ونحن نختلف مع هذا الرأيquot;. واكد quot;نحن نعتبر هذا سوء فهم بيننا وبين الحكومة الافغانيةquot;.

وقال الناطق باسم الأمم المتحدة في أفغانستان، عليم صديق، للبي بي سي إن القضية ناجمة عن سوء تفاهم، وإنه يأمل في حلها سريعا. ويضيف مراسل بي بي سي أن السلطات الأفغانية رغم أنها كانت على علم بتنقلات الدبلوماسيين الدوليين، فإن بعض المسؤولين اعترضوا على طبيعة الأشخاص الذين التقاهم المسؤولان الدوليان.

واتهمت الحكومة الافغانية الدبلوماسيين، وهما بريطاني وايرلندي، بممارسة quot;انشطة لا تتلاءم مع مهمتهماquot;، ولكونهما quot;يشكلان خطرا على أمن البلادquot;. وجاء القرار الأفغاني على خلفية قيام الرجلين اللذين يقيمان في إقليم هلمند بإقامة لقاءات مع رجال قبائل وبأعضاء في حركة طالبان. ومنحت الحكومة الافغانية الرجلين مهلة مدتها 48 ساعة لمغادرة البلاد، وقد وافقت الأمم المتحدة على الالتزام بقرار الطرد. وقال المتحدث باسم الرئاسة الافغانية همانيون حميد زادة إنه quot;تم اعتبار الاجنبيين شخصين غير مرغوب فيهما وتم توقيف زملائهما الافغان وهم يخضعون لتحقيقquot;.

التلغراف quot;تكشف اتصالاتquot;

وقال المتحدث باسم مكتب الامم المتحدة في افغانستان عليم صديق quot;نحاول في الوقت الراهن توضيح الاسباب التي تقف وراء هذا الاجراءquot; مضيفا أن quot;الحكومة الافغانية لم توضح اسباب هذه الخطوة ونحاول توضيح سوء الفهم هذاquot;. ونفى صديق ان يكون المسؤولان تحدثا الى عناصر من طالبان، بل كانا يناقشان الوضع على الميدان مع كل الافغان في محاولة لتحسين الاوضاع. واعلنت السلطات الافغانية انها تملك وثائق تثبت ان البريطاني والايرلندي كانا على اتصال بطالبان.

لكن صحيفة الديلي تلغراف ليوم الاربعاء نقلت عن مصدر استخباراتي بريطاني ان ضباطا من الاستخبارات الخارجية البريطانية (ام اي 6) التقوا اكثر من مرة بمتمردين من طالبان او القبائل المحاربة الى جانبها ضد حكومة كابول. وجرت تلك اللقاءات قرب عاصمة اقليم هلمند، ووسط حراسة من القوات البريطانية في افغانستان. ولضمان عدم اغضاب حكومة الرئيس الافغاني حامد كرزاي، شارك مسؤولون افغان في اللقاءات، حسب الصحيفة. وحسب مصدر التلغراف، كانت المفاوضات مع قادة من طالبان او مقاتلين تخلوا عن القتال ويعتقد انهم مؤثرون داخل طالبان.

quot;لا يعني الشرعيةquot;

وقال مراسل بي بي سي في كابول ألاستير ليثهيد إن الرجلين، وأحدهما يعمل كرئيس لبعثة الاتحاد الأوروبي في أفغانستان، تحدثا إلى عدد كبير من القبائل والجماعات في أفغانستان، وإن مهمتهما كانت معرفة ما يجري quot;على الأرضquot; عبر الاجتماع مع كبار رجال القبائل وممثلي الحكومة وممثلي الجماعات غير الحكومية. وقد شدد المسؤولون في الحكومة الافغانية على أن لقاء الرجلين مع أعضاء في طالبان لا ينبغي أن يفسر على أنه اعتراف بشرعية هذه الحركة.

ويقول مراسل بي بي سي إن بعض الأشخاص وصفوا الوضع بأنه quot;زوبعة في فنجانquot; وأنه quot;أمر تم تضخيمه وإعطاؤه حجما أكبر مما يستحقquot;. وأضاف مراسلنا أن هناك جهودا دبلوماسية مكثفة لاحتواء الأزمة، quot;لكن اغلب الظن انهما سيجبران على المغادرة لان القرار صدر عن مكتب الرئيس حامد كرزاي الذي يبدأ اليوم الاربعاء زيارة الى باكستان، لكن قد يسمح لهم بالعودة لاحقاquot;. ويعمل الاف الاوروبيين في افغانستان سواء في اطار حلف الاطلسي او الامم المتحدة او في مؤسسات حكومية كمستشارين اضافة الى العاملين في عشرات المنظمات غير الحكومية الموجودة في البلاد.

الرئيس الافغاني يزور الاربعاء باكستان

من جهة ثانية يزور الرئيس الافغاني حميد كرزاي الاربعاء باكستان حيث يجري مباحثات مع نظيره الباكستاني برويز مشرف تتناول بالخصوص عقد مجلس تقليدي (جيرغا) لمسؤولين اقليميين معارضين لطالبان، وفق ما علم من مصادر رسمية في كابول.

ومن المقرر ان يغادر كرزاي كابول بعد ظهر اليوم لزيارة لباكستان مدتها 24 ساعة ويلتقي اليوم مشرف.
وبين المواضيع التي ستبحث بين الدولتين الحليفتين للولايات المتحدة في quot;حربها على الارهابquot; عقد مجلس تقليدي (جيرغا) ثان لشخصيات افغانية وباكستانية يراد عقده هذه المرة في باكستان بعد مجلس اول عقد في آب/اغسطس في كابول.

وكان المشاركون في المجلس الاول تعهدوا بالعمل على انهاء العنف على جانبي الحدود غير انهما لم يتفقوا بشأن وسائل تحقيق ذلك. وكان ذلك المجلس قوطع من قبل بعض ممثلي قبائل باكستانية في المناطق الحدودية ليست معادية لطالبان ان لم تكن تدعمها.

وقال هومايون حميدزاد المتحدث باسم الرئاسة الافغانية لوكالة فرانس برس quot;يريد الوفد الافغاني ان يظهر اننا نأمل في تقدم باكستان وازدهارها واننا مستعدون للعمل بشكل وثيق معهاquot;.
وحركة طالبان التي طردت في نهاية 2001 من السلطة من قبل تحالف دولي بسبب دعمها لتنظيم القاعدة، تقف وراء تمرد دام في افغانستان منذ الاطاحة بها. وهي تملك قواعد خلفية في المناطق القبلية الباكستانية، بحسب كابول وواشنطن اللتين تضغطان على اسلام اباد للقضاء على طالبان.

غير ان باكستان اصبحت بدورها هدفا لاسلاميين مقربين من القاعدة وطالبان حيث شهدت موجة من الاعتداءات غير المسبوقة في تاريخها اوقعت 770 قتيلا هذا العام في البلاد حيث يحرز مقاتلون متطرفون تقدما عسكريا في المناطق القبلية وحتى خارجها.