بدء مؤتمر البرلمانيين العرب بأربيل بالمطالبة بمقعد عربي في مجلس الأمن
طالباني: المؤتمر إنعطافة نوعية بمستوى العلاقات العراقية العربية

أسامة مهدي من لندن:
أكد الرئيس العراقي جلال طالباني أن إنعقاد مؤتمر البرلمانيين العرب في العراق يشكل انعطافة نوعية بمستوى العلاقات العراقية العربية، مشيرًا إلى أنه على الرغم من الإنجازات التي تحققت على صعيد ضرب الإرهاب وتعزيز العملية السياسية، إلا أن تلكؤًا قد اصاب تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة... بينما طالب رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني بمقعد عربي دائم في مجلس الأمن الدولي، في حين أكد الأمين العام لإتحاد البرلمانينين العرب نور الدين بوشكوح ورئيسه عبد الهادي المجالي وقوف العرب مع العراق في مواجهة الإرهاب الذي يتعرض له .
وقال طالباني في كلمة إفتتح بها اعمال المؤتمر الثالث عشر لإتحاد البرلمانيين العرب بدورته الخمسين في مدينة اربيل العراقية الشمالية عاصمة اقليم كردستان اليوم الثلاثاء، والتي حضرها رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني والسفراء العرب والاجانب في بغداد، أن هذا المؤتمر يكتسب اهمية استثنائية ويشكل انعطافة كبيرة على صعيد العلاقات العراقية العربية. وأضاف أن مغزى انعقاد المؤتمر في مدينة عراقية اصيلة هي عاصمة اقليم كردستان العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد، يؤكد أن العراق بدأ يستعيد عافيته ويعيد الامن والاستقرار لأبنائه من اجل تحقيق نهوضهم السياسي والاقتصادي والثقافي والمشاركة الفعلية في ادارة البلاد وصنع القرار من قبل ممثلي جميع مكونات الطيف العراقي .
وشدد طالباني على أن هذا المؤتمر يعيد الاعتبار للعراق كعضو مؤسس في الجامعة العربية ووقوفه مع الشعوب العربية دائمًا من اجل تحقيق استقلالها وترسيخ سيادتها ومواجهة المخاطر التي تحيق بها. وأشار إلى أن قضية الشعب الفلسطيني تتطلب استمرار وقفة التضامن العربي معه حتى ينال حقوقه المشروعة والمقررة دوليًا.

واضاف ان العراق يعمل حاليًا من خلال جميع احزابه وقواه لترسيخ اسس بلد يشارك فيه كل اطيافه وقومياته واديانه دون تمييز او اقصاء او استئثار في دولة القانون والحريات . واشار الى انه قد تحققت في العراق خلال الاشهر القليلة الماضية انجازات مؤثرة على صعيد محاصرة الارهاب وتضييق الخناق على الارهابيين مما اسفر عن انحسار واضح في نشاطهم وبما يؤشر تعزيز قدرات القوات العراقية المسلحة عدة وعددًا.

لكنه أشار إلى ان القوة العسكرية وحدها لم تكن لتحقق ذلك لولا تعزيز العملية السياسية وتوسيع المشاركة فيها وترسيخ الثقة بين القوى السياسية . وأكد أن تلكؤًا قد أصاب عملية تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة واشراك جميع القوى في العملية السياسية وصنع القرار ما عدا أولئك القتلة من الارهابيين الذين يريدون العودة بالعراق الى النهج الاستبدادي الصدامي في اشارة الى انصار الرئيس العراقي السابق صدام حسين .
وشدد على العمل من اجل تذليل الصعوبات التي تواجه تحقيق المصالحة الوطنية وتكريس مواقع العمل المشترك القادر على انجاز تطور وتقدم العراق واستقراره .. مشيرًا الى ان ذلك سيكون في صالح امن واستقرار الجيران وكل المنطقة العربية . وأكد ان العراق يعمل مع اشقائه العرب من اجل مواجهة التحديات السياسية والحضارية والمساهمة في معالجة بؤر التوتر عالميًا لضرب الارهاب وتجفيف منابعه .

اما الامين العام لإتحاد البرلمانيين العرب نور الدين بوشكوح، فقد أشار الى ان انعقاد المؤتمر في اربيل تأكيد على التضامن العربي مع العراق من اجل عودة السلام لربوعه والحفاظ على وحدته . واشار الى ان الاوضاع في فلسطين ازاء بشاعة الجرائم الاسرائيلية والفراغ الرئاسي في لبنان والاوضاع في السودان والصومال كلها تتطلب وقفة عربية لمعالجتها . واضاف ان الامل في القادة العرب الذين سيجتمعون في قمتهم قريبًا النجاح في حل الخلافات العربية واتخاذ مواقف عملية لتعزيز العمل العربي المشترك . واوضح ان توحيد التشريعات العربية وتوحيد كلمة البرلمانات العربية في المحافل الدولية ستبحث خلال هذا المؤتمر. وأكد الوقوف مع العراق من اجل القضاء على الارهاب الذي يحاول ضرب امنه ووحدته .
اما رئيس مجلس النواب العراقي محمود مشهداني فقد دعا الى تفعيل دور البرلمانات العربية لتستطيع مواكبة التطورات العالمية الحاصلة. وأكد ضرورة العمل على توحيد التشريعات العربية وتأسيس مركز قانوني مختص لكفاءات قانونية عالية لإنجاز هذا الامر وصياغة مشاريع عربية تواكب متطلبات الحياة الراهنة والطموحات العربية لتحقيق عمل عربي مشترك قادر على انجاز الاستقرار والتقدم. وأشار إلى أن معظم السياسات العربية قد اعادت العرب الى ساحة الخلافات والنزاعات مشددًا على ضرورة العمل على تجاوز هذه الحالة بإتجاه التمسك بوحدة الامة .

وشدد على ضرورة المطالبة بمقعد عربي في مجلس الامن الدولي من اجل النهوض بدور الامة العربية عالميًا، وبما يليق بتاريخها ورسالتها . واكد على ضرورة دعم قضايا حقوق الانسان العربي ومكافحة الارهاب ورعاية البيئة وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني . وطالب بالارتقاء بعمل اتحاد البرلمانيين العرب ورفع مستوى ادائه الاداري والفني والقانوني مؤيدًا في هذا الاطار مشروع النهوض بمعهد التنطوير البرلماني العربي .
واشار الى ان العراق ينهض الآن بإرادة ابنائه بعد ان اريد له أن يكون عامل زعزعة في المنطقة لحساب اجندة اجنبية ضد مصالحه .

اما رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس مجلس النواب الاردني عبد الهادي المجالي، فقد أشار الى ان البرلمانيين العرب يشعرون بالاعتزاز لإنعقاد مؤتمرهم في اربيل المدينة الاصيلة، وبما يؤكد أن شعب العراق سيبقى موحدًا يسمو فوق الضغائن ليثري الحضارة الانسانية ويعزز الروح القومية على امتداد الوطن العربي.
واضاف ان البرلمانيين العرب يدركون حجم معاناة العراق وشعبه حيث يدمي قلوبهم استمرار سيلان الدم والدمار الذي يلحق به .. مشددًا على الوقوف مع العراق من اجل وضع حد لمعاناة ابنائه وتجاوز محنتهم وبناء دولة تحتضن كل ابنائها، لكي يعود إلى امته وعالمه عضوًا فاعلاً ينشر مبادئ الخير والعلم والحوار والحضارة بعيدا عن التعصب والاقليميات الهدامة او زرع الفتنة بينه وبين جيرانه ومحيطه العربي .
جدول أعمال المؤتمر
وسيعكف البرلمانيون العرب على مدى ثلاثة أيام خلال مؤتمرهم الثالث عشر بدورته الخمسين هذه على بحث ملفات عربية عدة تتعلق بالعراق ولبنان وفلسطين والسودان حيث سيطرح الوفد العراقي الذي سيتشكل من ممثلي مختلف الكتل السياسية في مجلس النواب موقف العراق من مختلف القضايا العربية، ويطلب دعم العملية السياسية الجارية فيه ومشروع المصالحة الوطنية ودعوة الدول العربية للانفتاح على العراق، وحث الدول العربية على فتح سفاراتها في العراق .
كما سيناقش المؤتمر الذي يشارك فيه رؤساء البرلمانات ومجالس الشورى العرب عدة موضوعات أخرى من بينها انتخاب رئيس المؤتمر وأمين السر وإقرار جدول الأعمال وتقرير الأمين العام حول أوضاع الاتحاد منذ المؤتمر الثاني عشر الذي عقد في مدينة العقبة الأردنية عام 2006 والأوضاع العربية الراهنة ودور البرلمانين العرب في تعزيز التضامن العربي وتوحيد المواقف إزاء القضايا العربية الساخنة إضافة الى واقع وآفاق التنمية المستديمة في الوطن العربي وتقرير اللجنة البرلمانية العربية لتطوير عمل الإتحاد البرلماني العربي والتعديلات المقترحة على ميثاقه ونظامه الداخلي.

ويبحث المؤتمر كذلك النشاط الإقليمي والدولي للاتحاد البرلماني العربي ومشاركاته في أعمال الدورة 118 للإتحاد البرلماني الدولي والمؤتمر البرلماني الأفريقي ndash; العربي الحادي عشر ومقترح رئيس البرلمان الفيدرالي لجمهورية روسيا الاتحادية بعقد معاهدة تنسيق وتعاون مع الإتحاد البرلماني العربي، إضافة إلى اجتماعات اللجان الدائمة والهيئات الخاصة في الاتحاد وتشمل اللجان السياسية والبرلمانية والاقتصادية وحقوق المرأة والهيئة العربية لحقوق الإنسان. كما ستعقد لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والاجتماعية اجتماعًا لمناقشة خطة عملها المالي، فيما ستتابع اللجنة القانونية دراسة التعديلات المفتوحة على ميثاق الاتحاد وأنظمته بعدها تعقد الجلسة الختامية المشتركة للمؤتمر والمجلس وإقرار البيان الختامي.
ويأتي تضييف العراق للمؤتمر تلبية للدعوة التي قدمتها الشعبة البرلمانية العراقية الى الدورة التاسعة والأربعين للمجلس التي وافقت بالإجماع على ذلك باجتماعها بالعقبة في شباط (فبراير) من العام الماضي.
المشهداني يهاجم ليبيا لمقاطعتها المؤتمر
وكان الأمين العام لاتحاد البرلمانيين العرب نور الدين بوشكوح قد أكد أن 19 من بين 22 دولة عربية ستشارك في المؤتمر الذي يفتتح برعاية الرئيس العراقى جلال الطالباني.
وقال بوشكوج في مؤتمر صحافي في اربيل، إن من بين الدول العربية الأعضاءالـ 22في الاتحاد ستشارك 19 دولة في المؤتمر فيما أعلنت ثلاث دول امتناعها المشاركة وهي الصومال وجزر القمر وليبياquot;. واوضح ان ليبيا امتنعت عن الحضور بذريعة ان quot;العراق يعيش تحت الاحتلالquot; في حين تتغيب جيبوتي وجزر القمر quot;بسبب ظروف ماديةquot;.

وشنّ رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني هجومًا عنيفًا على ليبيا متهمًا اياها بدفع quot;اموال مقابل اعمال ارهابيةquot;، وذلك بعد امتناعها عن المشاركة.
ووجه المشهداني انتقادات الى موقف الحكومة الليبية قائلاً: quot;نحن ربما بنظر الليبيين دولة محتلة لكننا لم ندفع اموالاً مقابل عمل ارهابيquot;. واضاف quot;اذا كانت الدول تحتل ارض العراق، فيبدو ان الدول نفسها تحتل النظام في ليبياquot;. وقال quot;نطلب من النظام الليبي ان يساعد الشعب العراقي على التخلص من الاحتلال اذا كان فعلاً يعتقد بأننا دولة محتلة، فعليه ان يقطع علاقاته بكل الدول التي تحتل العراق لا أن يغازلها أو يكسب عنهاquot;. واعتبر المشهداني ان quot;اختيار اربيل سببه الاوضاع الامنية في بغدادquot;.
واضاف quot;كان الاختيار صائبًا ودقيقًا لكي نعطي رسالة واضحة لكل من يشكك في العراق الجديد، وكل من يريد ان يعترف به هذا خيار عراقي يجب ان يحترم، واربيل جزء من العراق الذي هو جزء من محيطه العربي والاسلاميquot;. واعتبر ان quot;انعقاد المؤتمر في اربيل بداية جيدة جدًا، وحضور رؤساء البرلمانات العربية وتسلم العراق رئاسة اتحادها هو الخطوة الشرعية الحقيقية لرجوع العراق الى حاضنته العربية والاسلامية بعد ان عمق علاقاته الطيبة مع دول الجوارquot;.

وأكد المشهداني أن quot;الخطوة الاخرى الآن تتضمن الانفتاح على ما هو ابعد من دول الجوارquot;. وقال انه سيطلب من المشاركين في المؤتمر تأكيد وحدة العراق quot;فالقرارات النهائية محكومة بإتخاذ آلية القرار في المؤتمر سنطلب من كافة الدول المشاركة أن تؤكد حرصها على استقلال العراقquot;.
الاتحاد البرلماني العربي (نبذة)
والاتحاد البرلماني العربي فهو المؤسسة الجامعة التي تعبر عن المجالس النيابية في البلدان العربية .
وقد تأسس الاتحاد في حزيران ( يونيو) عام 1974 وانعقد المؤتمر التأسيسي للاتحاد في دمشق وشارك فيه ممثلون عن برلمانات البلدان العربية: الأردن، البحرين، تونس، السودان، سوريا، فلسطين، الكويت، لبنان، مصر، وموريتانيا. وقد أقر المؤتمر التأسيسي ثلاث وثائق هي: البيان التأسيسي، مشروع الميثاق، ومشروع النظام الداخلي. وخلال الثلاثة عقود الماضية شهد الاتحاد توسعًا كبيرًا في نطاق العضوية، حيث زاد عدد البرلمانات الممثلة للدول العربية أعضاء الاتحاد إلى 22 برلمانًا.
وحدد ميثاق الاتحاد الأهداف التي يعمل من أجلها الاتحاد البرلماني العربي على النحو التالي:

.. تعزيز اللقاءات والحوار بين المجالس البرلمانية العربية، وفيما بين البرلمانيين العرب في سبيل العمل المشترك وتنسيق الجهود البرلمانية العربية في مختلف المجالات وتبادل الخبرات التشريعية.
.. تنسيق جهود المجالس النيابية في مختلف المحافل والمجالات وعلاقاتها مع المنظمات الدولية وخاصة في نطاق الاتحاد البرلماني الدولي بالنسبة إلى البرلمانات العربية المشتركة فيه.
.. بحث القضايا العربية المشتركة في النطاق القومي والدولي واتخاذ التوصيات والقرارات بشأنها.
.. العمل على تعميق المفاهيم والقيم الديموقراطية في الوطن العربي.
.. العمل على تنسيق التشريع في الدول العربية وتوحيده. العمل على تدعيم التعاون بين شعوب العالم من أجل سلام قائم على العدل.