بيروت، وكالات: حزم العماد ميشال عون أمره وأعلن أنه متحمّس لدخول الحكومة العتيدة quot;لكي يطّلع عن كثب ويرضي فضوله ليعرف ماذا ينتظره فيما لو تسلم السلطة في شكل مسؤول أكثر بعد إنتخابات 2009quot; ، معتبراً أنه من أكثر المتضررين من عدم تأليفها، لكن quot;الجنرالquot; لم يتطرق بعد اجتماع تكتله أمس الى هوية وأسماء وأعداد الحقائب الوزارية التي تجعله يتراجع عن مواقفه المتشددة.

وعلى الرغم من الإشارات الإيجابية والموقف المتقدم لرئيس تكتل quot;الإصلاح والتغييرquot; الذي قد يؤدي الى انفراج حكومي قريب، الا ان الحدث أمس لم يكن في الرابية ولا في أيّ مكان آخر في لبنان بل في تل أبيب، حيث لا تزال تداعيات قرار الحكومة الاسرائيلية حيال عملية تبادل الأسرى والجثث مع quot;حزب اللهquot; تأخذ حيزاً واسعاً من الجدل والتحليلات، في ظل المعلومات التي بدأت تتكشف الى العلن بأنّ الجنديين الإسرائيليين اللذين أسرهما quot;حزب اللهquot; في بداية حرب تموز 2006 توفيا لاحقاً متأثرين بجروحهما، وكذلك الحال بالنسبة الى الطيار المفقود رون آراد، كما ستتضمن صفقة التبادل التي من المفترض أن تتمّ قبل الثاني عشر من تموز الجاري، تقديم معلومات حول مصير الدبلوماسيين الإيرانيين الأربعة الذين اختفوا في بيروت العام 82، حيث تسربت تقارير أمنية وإعلامية إسرائيلية تشير الى تورط النائب والوزير الراحل إيلي حبيقة في هذا الملف.

وفي حين سُجّل ترحيب رسمي بالخطوة ولا سيما من جانب قوى quot;14 آذارquot;، إن بشكل مباشر (النائب سعد الحريري والرئيس الجميل والنائب جنبلاط) أو عبر مصادرهم وأوساطهم (الرئيس السنيورة)، الا أنّ اللافت كان اعتصام قادة quot;حزب اللهquot; بالصمت وهم في هذه الصفقة بمثابة quot;امّ الصبيquot;، وهم أول من سيقطف ثمرة هذه الخطوة، أقله على المدى المنظور، بانتظار وضع ملف سلاحه على طاولة الحوار من جديد، حيث ستكون قد انتفت حجج رئيسة للاحتفاظ به، في ظل تصاعد الحديث عن حلّ سلمي نهائي لمسألة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلتين من قبل إسرائيل.

ترحيب قيادات لبنانية موالية

الى ذلك رحبت قيادات لبنانية موالية الثلاثاء بتبادل الاسرى آملة ان يعزز الوحدة الوطنية فيما انتقد بعضها غياب الدولة عن هذه العملية بما يشكل quot;انتهاكا للدستورquot;. فقد رحب سعد الحريري زعيم تيار المستقبل ب quot;تقدم الجهود المبذولة لاطلاق الاسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيليةquot; املا في بيان ان يشكل quot;مناسبة للوحدة الوطنيةquot;. واعرب عن اسفه ان quot;يرافق شعور الفرحة شعور بالمرارة (...) من الاقتتال وانتشار سلاح الفتنةquot; في اشارة الى المواجهات التي جرت في بيروت ومناطق اخرى بين انصار المعارضة التي يقودها حزب الله والموالاة.

كما اعتبر الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط في تصريحات صحافية ان quot;عودة الاسرى من السجون الاسرائيلية مناسبة وطنية جامعةquot; متمنيا ان quot;تنسحب على كل المجالاتquot;. ورأى رئيس الجمهورية الاسبق امين الجميل ان التبادل quot;انجاز مهم لا يمكن لاحد ان يتجاهلهquot; لكنه اسف لquot;غياب الدولة عن المفاوضاتquot;. واعتبر الاتفاق غير المباشر بين الطرفين quot;خرقا فاضحا للدستور اللبناني ولسيادة البلدquot;.

وقال ان quot;ما جرى التوقيع عليه من اتفاق بين دولة وحزب من لبنان نمط جديد من التعاطي الدبلوماسي غير المباشر مع اسرائيلquot;، معتبرا انه يفتح الباب امام اعتماد لبنان مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل لحل قضاياه العالقة ومنها مزارع شبعا والخروقات لسيادته.

الحكومة

وبالعودة الى موضوع الحكومة، تكثفت الاجتماعات والاتصالات أمس من أجل تذليل العقد المتبقية من أمام تأليفها، حيث استمرّ طرح الصيغ الجديدة عبر موفدين على خط بعبدا ndash; الرابية، فيما بقي خط السراي الحكومي ndash; الرابية غير سالك بانتظار تبلور الأمور والظروف أكثر، في الوقت الذي اعتبرت أوساط مراقبة لمجرى الأحداث والتطورات السياسية أنّ سفر الرئيس نبيه بري الى الخارج في هذه المرحلة الحساسة بالذات ما هو الا هروب من واقع لا يحمل معطيات ايجابية بالنسبة إليه ومؤشر لتمديد الازمة الحكومية التي يمكن أن تؤدّي- في حال كُتب لها أن تطول كثيراً- الى تردّيات خطيرة في الأوضاع الأمنية والاقتصادية والمعيشية لا تُحمد عقباها.

الملف الأمني

وبعيداً من السياسة بقي الوضع الأمني المتردي هاجس المسؤولين والمواطنين على السواء، وفي هذا الإطار عقد اجتماع عسكري في قصر بعبدا بحضور الرئيس سليمان وقائد الجيش بالنيابة اللواء الركن شوقي المصري والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء الركن أشرف ريفي ومدير المخابرات في الجيش العميد الركن جورج خوري، والمستشار العسكري لرئيس الجمهورية العميد عبد المطلب حناوي. وأعطى سليمان توجيهاته بضرورة تعزيز الإجراءات في طرابلس والتشدد في تطبيقها بحزم تجاوباً مع رغبة فاعليات المدينة والمواطنين كافة الذين عبّروا عن ثقتهم بالقوى الأمنية ودعمهم الكامل لها في مهمة حفظ الأمن.