في الذكرى الستين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، بحيث تعتبر هذه المناسبة لإحدى آخر الانظمة الشيوعية الحاكمة القائمة في العالم بمثابة صفحة جديدة في تاريخ الصين، التي شهدت منذ تأسيسها تغيّرات كبيرة وانجازات عديدة في كافة المجالات.خاصة في المجال التجاري حيث يشكل اجمالي الناتج المحلي للصين ما يزيد عن اربعة الاف مليار دولار اميركي، فيما يصل الاحتياطي الدولي إلى أكثر من 2000 مليار دولار.وحجم التجارة الخارجية للصين بلغ 2560 مليار دولار اميركي، وهو امر جعل البلاد تحل على مدار السنوات الاربع الاخيرة في المركز الثالث عالميًا من حيث حجم التجارة الخارجية. كما تشهد استمرارًا في النمو السريع للاقتصاد.

بكين: افتتحت الصين الشيوعية الخميس الذكرى الستين لقيام الثورة الشيوعية بستين طلقة مدفعية في ساحة تيانانمين في بكين. وظهر الزعيم الصيني هو جينتاو ببزة ماو تسي تونغ باللون الازرق الغامق قبيل الساعة 10:00 (2:00 ت.غ) متقدمًا الاحتفالات على شرفة باب السلام الالهي حيث أعلن ماو تسي تونغ في الاول من تشرين الاول/اكتوبر 1949 قيام جمهورية الصين الشعبية. وتتضمن الاحتفالات استعراضًا عسكريًا يشارك فيه 100 الف شخص في ظل إجراءات أمنية غير مسبوقة.

ووعد الزعيم الصيني بمواصلة تقارب quot;سلميquot; مع تاويان مشيرًا الى ان اعادة التوحيد هو quot;تطلع مشترك للامة الصينيةquot;. وقال هو في خطاب القاه خلال الاحتفالات ان الصين quot;ستواصل دفع التطور السلمي للعلاقات في مضيق تايوانquot;.

واضاف quot;سوف نواصل الكفاح من اجل اعادة التوحيد الكامل لوطننا والذي هو التطلع المشترك للامة الصينيةquot;. وكان هو يخطب امام اكثر من 80 الف شخص تجمعوا في ساحة تيانانمين في بكين. ولا تزال بكين تعتبر تايوان المنشقة عن الصين الشيوعية منذ 60 عامًا، بانها احدى اقاليمها. ولكن العلاقات بينهما تحسنت بشكل كبير منذ وصول ما، عضو الحزب القومي، الى السلطة عام 2008 والذي وعد بتوثيق العلاقات مع بكين.

ويجسد العيد الوطني الصيني في الاول من تشرين الاول/اكتوبر الذكرى الستين لقيام احد آخر الانظمة الشيوعية الحاكمة في العالم مع اعلان الزعيم ماو تسي تونغ قيام جمهورية الصين الشعبية في ساحة تيانانمين في الاول من تشرين الاول/اكتوبر 1949.

وتولى التحضير لهذه المناسبة منذ اشهر الجيش وفيالق quot;المتطوعينquot; الذين سينظمون استعراضات في بكين على متن عربات رمزية تشتمل ايضًا على رقص وغناء لتمجيد النظام ومنجزاته كما سيتولون ايضًا ضمان امن الاحتفالات. وسيرافق الاحتفالات انتشار امني لتوفير الامن ابان الالعاب الاولمبية لعام 2008 وتدفق للدعاية في وسائل الاعلام وعمليات تعطيل لشبكة الانترنت ولعمل الصحافيين الاجانب.

ومع اغلاق الاحياء وعمليات التفتيش وفرض جوازات مرور في بعض المحاور فان الحياة اليومية لسكان بكين البالغ عددهم 17 مليونا ستشهد الكثير من الاضطراب. وتم حثهم على البقاء في منازلهم امام شاشات التلفزيون لمتابعة احتفالات الذكرى التي لا تعد احتفالا للسكان بل استعراضا للقوة من قبل النظام. وقالت صحيفة تشاينا دايلي الخميس انه quot;بالنسبة إلى معظم الاهالي، فإن الاقتراب من تيانانمين اصبح مهمة مستحيلةquot;. وردًا على سؤال عن الاحتفالات قال زهانغ زجيون نائب وزير الخارجية لبعض الصحافيين انها تشكل علامة على quot;ان الصين لديها ثقة كبيرة بمستقبلهاquot;. وبعد خطاب الرئيس هو جينتاو يبدأ اول استعراض منذ عشر سنوات لجيش التحرير الشعبي حوالي الساعة 10,00 (02,00 ت غ) باتجاه جادة شانغان.

وتنتهي مسيرة الاستعراض في ساحة تيانانمين امام القيادة الشيوعية العليا وممثلي السلك الدبلوماسي وامام نسخة جديدة لصورة ماو تسي تونغ عند مدخل الساحة. وسيستعرض جيش التحرير الشعبي اضخم جيش في العالم، والذي حقق quot;قفزة نوعيةquot; في مستوى تسليحه بحسب وزير الدفاع ليانغ غوانغلي، quot;52 نوعا من المعدات العسكرية من صنع صيني بنسبة مئة بالمئة 90 بالمئة منها تعرض للمرة الاولىquot;، كما اعلن الجنرال غاو جيانغو المتحدث باسم الاستعراض الذي ستواكبه 150 طائرة.

وينتظر هذا الاستعراض الذي حددت مدته ب 66 دقيقة، الخبراء العسكريون باهتمام بالغ وهم يرغبون بالخصوص في معرفة ما اذا كانت الصين ستعرض نسخة جديدة من صاروخها العابر للقارات دونغفينغ 31 او طائرتها المطاردة جيان-10. ومن المقرر اثر ذلك ان يشارك نحو مئة الف طالب وتلميذ وعامل في استعراض تم التحضير له منذ اسابيع كما ستشارك ثمانية آلاف عربة في الاستعراض في وسط المدينة ما يطرح اشكالا لوجستيا كبيرا.

كما يتوقع ان يركز الاحتفال على الاقليات الاتنية في الوقت الذي تخشى فيه السلطات المركزية من بعض القوى التي تنشط في اقليمي التيبت وشينجيانغ اللذين هزتهما اضطرابات. وكدليل على القلق ازاء هذا الملف اقيم على اطراف ساحة تيانانمين 56 عمودًا بألوان العلم الوطني الحمراء والذهبية، ليجسد كل عمود احدى اقليات البلاد.

وفي مساء الخميس، سيتلألأ ليل بكين بـquot;اضخم ألعاب نارية في العالمquot; تحت اشراف المخرج زهانغ ييمون، بحسب ما اوردت صحيفة quot;غلوبل تايمزquot;. ومن المقرر ان يتم خلال هذه الالعاب التي ستستمر 33 دقيقة، مع قسم ثلاثي الابعاد يجسد الجبال والانهار بالخصوص، استخدام آلاف الالعاب النارية التي سترسم لوحات من باقات الورود والشلالات والشموس واضاءات ساطعة في احتفال ناري جدير بدخول موسوعة غينيس للارقام القياسية. وعشية الاول من تشرين الاول/اكتوبر تم غلق وسط بكين الى حد يكاد يحولها الى مدينة اشباح. واكدت الارصاد الجوية ان غلالة الضباب التي تلف المدينة منذ يومين ستزول في موعد الاحتفالات لحسن حظ المشاركين في الاستعراض والقائمين عليه.

من جهة اخرى، عززت السلطات الصينية رقابتها على الانترنت وبعض المعارضين مع اقتراب موعد الاحتفالات الضخمة التي تشهدها بكين الخميس في الذكرى الستين لقيام النظام الشيوعي. واكتشف مستخدمو الانترنت في الاونة الاخيرة ان الموزعات الوسيطة (بروكسي) التي يستخدمونها مجانا للالتفاف على رقابة السلطات، لم تعد تعمل. وقال ميخائيل انتي محلل الوسائط الاعلامية المقيم في الصين ان السلطات quot;حسنت تقنياتها وحاولت الاسبوع الماضي غلق كافة شبكات البروكسي المجانية والشبكات الافتراضية الخاصة (في بي ان)quot;. واضاف quot;هذا بسبب الذكرى الستينquot; ملاحظًا ان الشبكات المدفوعة الاجر لم تشملها هذه الاجراءات.

والصين التي تعد اكبر عدد من مستخدمي الانترنت في العالم (338 مليون شخص على الاقل) تحاول تفادي تنامي اي معارضة منظمة على شبكة الانترنت وهي لا تتردد في تعطيل اي مواقع صينية او اجنبية. وقال نادي المراسلين الاجانب في الصين انه قبل اسابيع تلقى صينيون عاملون لدى وسائل اعلام اجنبية رسائل الكترونية محملة بفيروسات. كما ارسلت رسائل مماثلة الى العديد من المراسلين الاجانب.

وقال نيكولا بيكيلين الذي يعمل لحساب منظمة هيومن رايتس ووتش في هونغ كونغ انه لا يمكن تحديد من يقف وراء هذه الهجمات ما يجعل الامر في حدود الافتراض والتخمين. واكد quot;هناك مصدران معقولان يعبران عن عدائية تجاه الصحافة الاجنبية وهما الحكومة الصينية والمجموعات القوميةquot;.

وكما هي العادة مع اقتراب المواعيد الهامة او مناسبات الذكرى الحساسة مثل الجلسة العلنية السنوية للبرلمان او ذكرى قمع متظاهري تيانانمين ليل الثالث الى الرابع من حزيران/يونيو 1989، فإن السلطات تشدد رقابتها على بعض المعارضين. وقال جيانغ كيشينغ الذي سجن في 1999 لمحاولته احياء الذكرى العاشرة لاحداث تيانانمين، ان الشرطة تراقب منزله في اقليم جيانغسو (شرق).

وكان جيانغ الذي يقيم عادة في بكين، زار قريته في جيانغسو. وتمت مرافقته من قبل الشرطة حتى محطة النقل في بكين وهو موضع مراقبة الشرطة منذ الفترة التي سبقت الرابع من حزيران/يونيو. وفي اقليم غويزهو (جنوب غرب) قال معارض آخر هو شين شي لوكالة فرانس برس ان عناصر شرطة مدنيين يقفون امام منزله على مدار الساعة منذ عشرة ايام. وقال quot;لقد سألتهم فقالوا لي ان الامر سينتهي بعد ايام العطلة الثمانية لمناسبة الذكرى الستينquot; لقيام النظام الشيوعي.