ثمة ظاهرة واضحة تثير الحيرة على صعيد تعامل السلطات النرويجية مع قضايا الأجانب بشكل عام وهي سكوتها المثير عن تنامي ظاهرة المد الأصولي المنتشر طوليا وعرضيا بين أوساط الشباب العربي عموما والمغاربي بشكل خاص دون أن ننسى الجالية الصومالية! المتنامية عددا وعدة ، والذي يحمل بين ثناياه تهديدات وإعمال إرهابية مستقبلية وهي المسألة المركزية التي تثيرها التيارات اليمينية في النرويج في معركتها الإنتخابية في العام القادم والتي بدأت جولاتها التسخينية منذ اليوم إستعدادا لإستحقاقات الخريف القادم وهي معركة شرسة تخرج فيها جميع الأحزاب كل مابجعبتها من قضايا وملفات وحيث لقضية الوجود الأجنبي في النرويج وهو حديث النشأة شأن مهم ومركزي في الإنتخابات البرلمانية القادمة ، فالسلطات النرويجية وكما أسلفنا في مقال سابق تتعمد سياسة التهدئة المعلوماتية في قضية التجاوزات والإعتداءات الأمنية التي يقف خلفها أجانب ! كما حصل في قضية الطائرة التي حاول أحد طالبي اللجوء من الجزائريين إسقاطها عن طريق مهاجمة كابينة القيادة بفأس وقد وجد في حوزته كتابا تكفيريا من منشورات الجماعات الأصولية التكفيرية!! ومع ذلك تم إسدال الستار على ملابسات وظروف هذه القضية المثيرة وحصرها ضمن إطار تصرفات المختلين عقليا وسلوكيا !! وكما حدث أيضا في الرابع من شهر أغسطس / آب المنصرم حينما قام رجل صومالي الأصل يحمل الجنسية النرويجية بمهاجمة المترو بسكين طويلة إشبه بالسيف ليقتل شابا نرويجيا ويجرح عدد آخر من المواطنين ثم يسرق تحت تهديد السلاح سيارة هرب بها ليتم إعتقاله فيما بعد في أحد المساجد الخاصة بالجالية الصومالية وليحول لمستشفى خاص بالأمراض النفسية وليدعي من أنه لايتذكر
مافعل بالضبط ؟ وكيف فعل ؟ وكل الذي يتذكره هو سماع أصوات غريبة تدعوه لفعل مافعل ؟؟ وهي إشكالية غريبة حفظ معها التحقيق الذي ظل يدور في إطار السرية المطلقة وحيث لايعرف الرأي العام النرويجي أية معلومات عنها في ظل جدران السرية المعروفة عن الإدارة النرويجية! إلا أن مدير المخابرات النرويجية قد ضرب على الوتر الحساس في تصريحات له قبل أسابيع قليلة أكد فيها على نمو الجماعات الأصولية الإسلامية في البلد ، وعلى تنامي المخاوف من إحتمالات لأعمال إرهابية متوقعة ! كما أكد مدير جهاز المخابرات الذي له حضور ملموس ولكن من دون سلطات وإختصاصات واسعة نظرا لوقوعه تحت إدارة وزارة العدل النرويجية ومراقبتها الصارمة لسلوكيات وتصرفات عناصره ، من أن هنالك معلومات مؤكدة عن لجوء بعض الأصوليين لعملية تمويه كبرى بعد أن تحولوا لخلايا نائمة غيروا فيها طريقة حياتهم وحلقوا ذقونهم وأخذوا يرتادون البارات ويصادقون الفتيات النرويجيات والإندماج في الحياة العادية للشباب النرويجي!! وهو تحول مفاجيء وسريع ومثير للريبة ويخضع للمراقبة الدائمة واليقظة ، لأن النرويج لاتتحمل تركيبتها السكانية والنفسية أي عمل إرهابي من طراز ماحصل في مدريد مثلا! ، ومثل أي موسم إنتخابي يكون الأجانب أحد أهم الأطروحات في العملية السياسية خصوصا إذا ماعلمنا من أن حجم الوجود الأجنبي في النرويج قد بلغ درجة كبيرة وواضحة وخصوصا في المدن النرويجية الكبرى كالعاصمة أوسلو أو مدينة بيرغن أو تروندهايم بل اصبح الوجود الأجنبي يشكل أحد أهم معالم الحياة النرويجية المعاصرة وقد بلغ عدد الأجانب حاليا حوالي 360 ألف أجنبي دون إحتساب مئات الآلاف من الأجانب الذين حصلوا على الجنسية النرويجية ، كما يبلغ الوجود العربي والمسلم خصوصا نسبة كبيرة جدا! مع العلم بأن عدد الأجانب كان في مطلع السبعينيات لايتجاوز ال 60 ألف أجنبي ! ، المسألة المركزية اليوم هي أن قضية الفوبيا أي الخوف من الأجانب والمسلمين منهم على وجه التحديد قد بلغ درجة حساسة لاسيما وأن هنالك العديد من قيادات التيارات الأصولية التي تمارس العمل المسلح تعيش في النرويج وما أقصده تحديدا هو قائد جماعة أنصار الإسلام الأصولية الجهادية المسلحة ( الملا كريكار ) الذي تحول لقضية إنتخابية لورقة لعب سياسية مهمة في الحياة النرويجية فملف الملا كريكار الأمني مليء بإتهامات عديدة وقد حاولت السلطات النرويجية مرات عدة إبعاده وإلغاء إقامته ولكنها لم تجرؤ على تنفيذ أي من تهديداتها !! والملا كريكار بدوره يتمسك بالقانون النرويجي وبمساحات الحرية الكبيرة التي تتضمنها مواده وهو يحاول إظهار وجه ليبرالي متسامح في تعامله مع أجهزة الإعلام النرويجية لدرجة أنه سأل ذات مرة عن موقفه من الجلوس مع أناس يشربون الخمر على مائدة واحدة ؟ فإجاب بدهشة كبيرة من أنه لايمانع حتى بتقديم كؤوس الخمر بنفسه ولكنه لايشرب ؟ كما تسببت ندوة عقدها قبل أسابيع في إحدى كبرى مراقص العاصمة!! نعم مراقص العاصمة في دخوله في مشادة و أزمة مع أجهزة الإعلام النرويجية لأنه إحتج على قيام إحدى الفتيات وكانت باكستانية بمحاولة حمله ورفعه من بنطلونه!!! ، وقد بقي الملا كريكار ماليء الدنيا وشاغل الناس هنا! رغم أن تصريحاته النارية للقنوات الفضائية العربية تؤكد على الخط السلفي الجهادي؟ فمن نصدق ياترى ؟ الملا كريكار بطبعته النرويجية المسالمة والليبرالية والتي تتقبل سلوكيات الآخرين مهما خالفت الشرع ؟ أم النسخة الأصلية التي نراها ( تلعلع ) بالشعارات الدينية في فضائيات العروبة والإسلام؟ .. أترك التقدير للقاريء الكريم !.

[email protected]