منذ أكثر من سنتين تصدر في المغرب مجله باللغه الفرنسية اسمها TELQUEL وشعارها Le Maroc tel qu'il est أي المغرب كما هو. ولأول مره في بلد عربي تقرر مجموعه من الصحفيين الشباب ( رجالاً و نساء ) ان يحطموا التابوات وان يطرحوا علناً جميع الأسئلة التي تمس المغرب و المغاربة وأن يسموا الأسماء بأسمائها دون مواربة او خداع. لا ينتمي هؤلاء الصحفييون لأي حزب سياسي ولا تستهويهم أي ايديولوجيا. انهم ببساطه ينهلون من بلدهم المغرب، بكل تعقيداته وتعدده، بما فيه من طبقات و افراد و مناطق و تناقضات، مواد مجلتهم. هذا البلد، المسجون بين ثقافتين، الأوروبية والعربيه الاسلامية، والذي تشده من جهة العلمانية والشريعه من جهة أخرى، هو مصدر الهام لهم ولمواضيعهم.

في كل عدد من Telquel ، تجد موضوعا او اكثر يصدم القارئ العادي في المغرب، سواء لأنه لا يعرف ما يجري في بلده او لأنه لا يقبل أن تطرح بعض القضايا الحساسة كتابيا بهذا الشكل العلني. في قضايا السياسة، تساءلوا عن سلطات الملك ورصيده منذ توليه الحكم وحتى هذا اليوم. كذلك عن خفايا حرب الصحراء وسوء العلاقات الحالية بين ملك المغرب والأسره الحاكمة في المملكه السعودية.

حول الدين طرحوا السؤال التالي:
أي اسلام نريده للمغرب؟ وهل من الممكن جعل صيام رمضان أمرا شخصيا؟ وعن الحج ذكروا معاناة الحجاج والمعاملة السيئة التي يتعرض لها بعضهم أثناء ممارستهم لطقوس الحج. وقارنوا التعليم الديني في المغرب مع شبيهه في بلدان اسلامية أخرى.

في الجنس، طرحوا قضية الايدز والمثليين المغاربة والايروتية ( في نسختها المغربية) وحتى مشكلة الانتصاب التي يعاني منها وبصمت كثير من المغاربة.

في القضايا الاجتماعية طرحوا موضوعات لم اسمع بها او اقرأ عنها مرة واحدة خلال اقامتي في المغرب بين عام 1992 و عام 1995 مثل العنف الذي يمارس في المدارس او معاناة الخادمات الصغيرات ( شكل من اشكال العبودية) و قضايا أخرى كانت " مستورة ".

منذ اشهر اكتشفت عن طريق الانترنت موقع المجلة ( www.telquel-online.com (ومنذ ذلك الحين اصبحت من رواد الموقع المنتظمين. ولذلك اغتنمت فرصة زيارتي للمغرب في شهر تموز الماضي لزيارة المجلة و اجراء حديث مع رئيس تحريرها السيد أحمد بن شمسي، وهذا نصه:

* تصدر كل اسبوع Telquel وضمنها موضوع " تابو" هذا الشئ جديد في بلد عربي لم يعتد الناس ان ينظروا الى أنفسهم في المرآة. هل مهمة المجلة الأساسية تحطيم التابوات.
- نعم، في الحقيقة ليس تماماً. يبدو الأمر معقداً في البداية ولكن هدف المجلة الرئيسي هو دفع المغاربة لمواجهة الانفصام في الشخصية المغربية.نحن مسجونون بين ثقافتين ولا نجرؤ على الفصل أو اتخاذ أي قرار بشأنهما Telquel هي المجلة الوحيدة في المغرب التي أعلنت بوضوح علمانيتها. كان هذا خياراً هاما بالنسبة لنا. هناك أيضا قضية التيار الإسلامي. نحن نواجه هذا التيار دون عُقد. أعتقد أن هذا الموقف اكثر صحة مما لو تجاهلنا الموضوع كلياً.

* عدت الي المغرب بعد انقطاع دام ثلاث سنوات. لاحظت ظاهرتين اعتبرهما متناقضتين: من جهة حرية كاملة في التعبير ومن جهة أخرى اقتصاد راكد و فساد ما زال منتشرا على جميع المستويات. كيف تفسر ذلك.
- ليس عندي تفسير لذلك. بالتأكيد الفساد منتشر ولكنه لا يمنع الاقتصاد من التحرك. قطاع الصحافة يتطور بسرعة كبيرة وهناك قطاعات أخرى تنمو ايضاً. حرية الصحافة هي مكسب جاء به عهد الملك محمد السادس. باختصار كل شئ على ما يرام!!

* تتحدثون في العدد رقم 127 من مجلتكم عن 50 مشروعا للأحياء الشعبية لمساعدة الفقراء والمحرومين من مختلف الخدمات. ادركت من هذا ان المجتمع المدني يتحرك دون الاعتماد على الدولة والمنظمات الرسمية. هل تعتقد بأن مشاريعاً كهذه ستنتشر على جميع المستويات او أن مداها سيبقى محدوداً بالنسبة لحاجات المجتمع المغربي؟.
- أتمنى من كل قلبي أن تحتل هذه المبادرات حيزا كبيرا في بلدنا. المنظمات المدنيه قادرة على الكثير، بعكس الأحزاب السياسية. وهي قادرة على تحقيق المعجزات اذا تركتهم الدولة وشأنهم. جميع المشاريع الذي تحدثت عنها تم تمويلها خلال انعقاد صالون حيث جمعوا مبلغ 4,2 مليون درهما في ثلاثة ايام، لقد تبدلت حياة آلاف الناس بفضل هذه المشاريع وهذا مشجع للغاية،صحيح أن الفئات المحرومة بحاجه الى الكثير. وليس من السهل تلبية جميع هذه الحاجات ولكن يجب أن تكون هناك بداية وهذا ما حصل.

* آمن جيلي بأمة عربية تجمع جميع الناطقيين بالعربية في دولة واحدة متجاهلة الاختلافات الثقافية والعرقية وغيرها. اليوم تتحدث عن العالم العربي- الاسلامي. يبدو أننا اضفنا وهما جديدا للوهم القديم و اثناهما لا يؤديان الى اي شئ.. هل هي محاولة جديدة للهروب من الواقع الذي نعجز عن مواجهته بصدق و أمانة؟.
- هذا السؤال فلسفي لا املك جواباً دقيقاً عليه. ولكن لا بد لي من التأكيد رغم ذلك، بأنني لا اشعر بأنني عربي ولا أشعر بأنني مسلم. انني مؤمن بالله ولكن لا أؤمن بالديانات، هويتي المغربية هي بربرية عربية اوروبية..أعترف بأنني لا أشعر بأن كلمة عربي- أسلامي لا تعني لي شيئاً، آسف.

* تصدر Telquel بالفرنسية في مجتمع يزداد فيه كل يوم عدد اللذين يعيشون ويقرؤن باللغة العربية. أظن بأن قراء مجلتكم هم من النخبة التي تشكل قمة الهرم الاجتماعاي والثقافي في المغرب وتحليلاتكم لا تصدمهم كثيرا،هل تعتقد بأن السلطة السياسية ستسمح بنسخة عربية طبق ألأصل من Telquel.؟
- لا بد لنا من خوض التجربة في القريب العاجل.

* صحافيو Telquel هم مجموعة من الشباب المثقف المغربي اللذين يحبون المغرب. ما هو المغرب الذي تحلمون به؟.
- بامكاني الجواب بالقول بمغرب ديموقراطي عصري منفتح متسامح، الخ... ولكن سأقول شيئا آخر نحن لا نحلم بمغرب غير المغرب الحالي كما هو. نحن لا نؤمن بالايد يولوجيات ولكن بالحركة. هناك امور كثيرة يمكن القيام بها في هذا البلد حتى نعطيه ببساطة شيئا من الإنسجام. قبل التحدث عن المبادئ يجب تأمين الحد الادنى، وهو ازالة الضباب الكثيف ( التشويش) العالق في الأ ذهان