مع تصاعد العمليات الإرهابية في العراق لتصل حدودا مذهلة، ترتفع في الوقت نفسه أصوات ساسة ومراجع دينية في العراق داعية لمعالجة الأمر " بالهدوء والحكمة، ونبذ العنف"! كما تتواصل حملات الصاخبة ضد الحكومة والقوات الحليفة، وآخرها من تركيا، التي لا يُجهل دورها في التدخل المستمر في الشأن العراقي في عهد صدام ولحد اليوم. نعرف قيامة أمثال نصر الله و"هيئة علماء " السنة ومن لف لفهم من رجال دين وساسة عرب وفضائيات معادية لشعبنا ضد الإجراءات الحكومية القوية، بالاستعانة بالقوات المتعددة الجنسيات، لوقف الموجة الدموية التي باتت تهدد العراقيين في الصميم وتهدد كل خطوة نحو الاستقرار والبناء. نعرف جيدا ماذا يريد هؤلاء المجرمون من صداميين وزرقاويين باسم "المقاومة"، وكأن العراق هو بلد الزرقاوي وفضل الله والقرضاوي وجميع فقهاء الدم وأمرائه من العرب، الذين يستحلون البيت العراق ليدمره، بالتعاون التام مع عصابات صدام الملطخة الأيدي بالدم. ترى أية "مقاومة ضد المحتل" يمكن أن يدعيها العربان الغرباء، الذين يتركون مكافحة الفساد والظلم والاحتلال الحقيقي في بلدانهم ليبيعوا رجولتهم وفروسيتهم على النساء والأطفال وأنابيب النفط والشركات التي جاءت للبناء في العراق، والصحفيين والنساء الأجنبيات المسالمات اللواتي جئن لتقديم العون لأطفالنا؟!! ونعلم أن الفضائيات العربية المعادية تواصل نشر سموم الدعاية والتطبيل لجرائم الإرهاب ومنفذيها المجرمين. فدعم صدام ونظامه كان مهنتهم ودعم بن لادن كان حرفة بعضهم ولحد اليوم، وكذلك احتضان " نجومية" فقهاء من أمثال القرضاوي، الذي كان قد أصدر فتواه الشهيرة بوجوب دعم العرب لصدام قبل سقوطه السريع والمهين. ولكن ما لا يمكن فهمه، إلا بمرض العداء لبوش وبلير، هو انه حتى اليبي.بي. سي والسي.إن .إن. راحتا تصفان الإرهابيين مرة بالمتمردين ومرة ب‘أعداء الاحتلال"!!
ليست خطيئة الحكومة الانتقالية هي في الرد بقوة النار على برابرة الإرهاب، وليست خطيئة الأمريكان هي في غاراتهم وهجماتهم القوية مع القوات العراقية على معاقل وبؤر الإرهاب والجريمة. وليس الأمريكان والحكومة مسؤولين إذا قتل أطفال أبرياء يحتمي الإرهابيون بهم في بيوتهم بل هي مسؤولية الإرهابيين والآباء المتعاونين معهم، وليس الأمريكانمسؤولين عن صبيان مهووسين يتحلقون ويرقصون حول حافلة أمريكية تحترق وكأنهم في يوم عيد! كما أن الحكمة لا تفي ترك الحزم وسيادة القانون وواجبات العدالة.
إن أخطاء الأمريكان الحقيقية و الجسيمة تبدأ مع سقوط بغداد وتركها للفوضى والنهب والحرق، وإن كنت معارضا على طول الخط لبعض اليساريين الذين لا يزالون يعتبرون أن أمريكا " تتعمد" ترك العراق للفوضى الأمنية ولغرض مكتوم!؟. وأخطاء الأمريكان الحقيقية هي كذلك في الإطلاق الجماعي لسراح المتهمين بالإرهاب على دفعات بين حين وحين ولحد يومنا دون أن نعلم لماذا اعتقلوا وهل قدموا لمحاكم عراقية لتحقق وتطلق البريء وتعاقب المجرم العقاب الذي يستحقه، حتى لو كان الإعدام عندما تكون الجريمة رهيبة وكبرى. وخطيئتهم في الفلوجة كانت في عقد هدنة هشة وترك المدينة للعسكريين الصداميين وحلفائهم الزرقاويين. وخطيئة الحكومة الانتقالية بعد انتقال السيادة هي أننا لم نسمع بعد عن محاكمة أي مجرم معتقل ورضوخها أحيانا لضغط بعض شيوخ العشائر ورجال الدين لإطلاق سراح هذا وذاك دون أية محاكمة. ولم نسمع أن مجرما ثبتت عله جرائم القتل والخطف وقطع الرؤوس قد حوكم وأعدم ليرتدع الآخرون وليتأكد المواطنون أن حكومتهم ملتزمة القانون وعدالته بكل جد وعزم وصرامة. لا تكفي فقط الحملات العسكرية المبررة، وإنما يجب في الوقت نفسه تقديم المتهمين للمحاكم القانونية، وبدءا بالعودة لمحاكمة صدام وشركائه المعتقلين. والغريب هنا أن المحكمة الخاصة راحت تصفي الحسابات مع أعضاء الحكومة الشجعان كوزيري الدفاع والداخلية فترفع عليهم الدعاوى القضائية بتهمة إجراء تفتيش غير قانوني واعتقال غير قانوني كما يصفون. فهل نسيت المحكمة يا ترى واجباتها التي تشكلت من أجلها؟!
يا حكومتنا الفاضلة: لقد دعمناكم بقوة، ودعونا الأحزاب وكل الهيئات السياسية والمدنية والمواطنين الواعين للوقوف معكم في وجه الإرهاب. ونعلم أن هناك مع كل أسف أحزابا لديها موقف سلبي أو تتخذ مواقف الانتظار في وقت يستلزم حسم المواقف في القضية الأخطر التي تهدد شعبنا والمستقبل العراقي كله ـ وأعني تصاعد الإرهاب ووجوب التصدي الجماعي له. نعم لقد دعمناكم بقوة ولحد اليوم. ولكن هذا لا يمنعنا، بل يستوجب علينا، مصارحتكم بوجوب اتخاذ الحزم الأمني والقضائي في التعامل مع الإرهابيين وعدم الرضوخ لأية ضغوط تدعو للتساهل والتراخي باسم الحكمة والهدوء وما أشبه، وعدم القبول بأية وساطة أو ضغط لإطلاق سراح متهم بجرائم القتل والتفجير والخطف والترويج العلني لها. إننا نأمل أن نسمع قريبا عن محاكمات قضائية عادلة تفرض العقاب الرادع على كل من ثبتت عليه الجريمة وحتى لو كان الجزاء العادل هو الإعدام.
ولا أعتقد شخصيا أنه يمكن إجراء انتخابات لها حتى الحد الأدنى من صفة الديمقراطية إذا استمرت هذه الوتيرة المتصاعدة من العمليات الإرهابية المحمومة التي تزداد حمى جنونية مبرمجة مع اقتراب موعد الانتخابات. وعلى حزمكم وحزمكم أولا، وعلى تكاتف وعمل كل المخلصين، الذين يضعون الصالح العام قبل الحسابات الحزبية والشخصية والفئوية ونحن في فترة عصيبة جدا، يمكن أن تتوفر الظروف المناسبة للانتخابات في موعدها ـ على الأقل في غالبية مدن العراق وقراه، وفي بغداد طبعا، حيث يجب استئصال بؤر الإرهاب والجريمة تماما في العاصمة أولا، وهي قلب العراق.
انقر على ما يهمك:
عالم الأدب
الفن السابع
المسرح
شعر
قص
ملف قصيدة النثر
مكتبة إيلاف
التعليقات