-1-
يوم الأحد يشهدُ العراقُ عيده الأكبر بعد أن شهدَ عيده الأصغر في التاسع من ابريل/نيسان 2003 حين أسقط أوثان وأصنام الجاهلية العراقية.فالعيد الأكبر هو عيد بزوغ شمس الحرية المشرعنة والديمقراطية المشرعنة.
-2-
يوم الأحد يشهدُ العراقُ يوماً فريداً من أيام التاريخ العراقي لم يشهده من قبل.
يوم الأحد يشهد العراق أول انتخابات لا يُنتخب فيه ملكٌ أو زعيمٌ أوحد أو طائفةٌ معينةٌ أو عشيرةٌ معينةٌ وانما ينتحبُ فيها العراقيون العراق!فالانتخابات الشفافة الوحيدة التي شهدها العراقُ كانت في (13/8/1921) عندما انتُخب الملك فيصل بن الحسين ملكاً على العراق، وكان ذلك في ظل سيوف الاحتلال وليس على وقع دفوف الاستقلال. وكان العراقُ هو البلدُ العربيُ الرائدُ في الديمقراطية الملكية ، حيث تمَّ لأول مرَّة في تاريخ العرب منذ 1400 انتخاب ملك! وكان الملوك العرب عادة يحكمون إما بالوراثة، وإما بقوة السلاح (معاوية وعبد الله السفاح وغيرهما) وليس بالانتخاب كما حصل
في العراق.
-3-
يوم الأحد يشهدُ العراقُ أول انتخابات شفافة ونزيهة، تكسر الرقم العربي العتيد الكاذب، ذي التسعات الذهبية الخمس 999 و 99 الذي اخترعته الديكتاتورية العربية على وقْع دفوف الاستقلال وليس تحت سيوف الاحتلال، وهي درجة الامتياز الكبرى والنيشان الأعظم للقائد الأوحد الممتاز، على شاكلة النجوم الذهبية الخمس للفنادق الممتازة.
-4-
يوم الأحد يشهدُ العراقُ مناظر سوريالية في منتهى الغرابة ومنتهى الإعجاز في الوقت ذاته. وهذه المناظر تتلخص في شعب عريق يتحدى الموت والدمار والخراب، ويتخطى حواجز الإرهاب الدموي، ويذهب ليطلب شروق شمس الحرية من خلال صناديق الاقتراع، وليس من خلال التعاويذ، والدعاء، والرجاء، والوعد بالجنة، ونكاح الحور العين، وشرب اللبن والعسل.
-5-
يوم الأحد يُسجّل العراقيون في سجل الديمقراطية العربية أول حرف من حروف الهجاء الديمقراطي ، منقوشة على حجر من أحجار بابل، وستبقى باقية على مدى الدهر بقاء شرائع حمورابي.
-6-
يوم الأحد يشهدُ العراقُ يوماً تاريخياً يقف فيه كل أعداء الحرية والديمقراطية في العالم العربي إلى جانب الاحتلال الإرهابي الأصولي في سعي جموع الرعاع إلى تدمير صناديق الاقتراع، وحرق مراكز الانتخابات، وقتل الناخبين والناخبات، والمشرفين والمشرفات، والمراقبين والمراقبات، والحارسين والحارسات.
-7-
يوم الأحد يشهدُ العراقُ معركة بين الجهل والتخلف من جهة، وبين الحداثة والتقدم من جهة أخرى.
يوم الأحد يشهدُ العراقُ تسجيل يوم لنهاية الجاهلية العراقية، وتسجيل يوم من أيام الحرية العربية.
يوم الأحد يشهدُ العراقُ كيف فضّل العراقيون دخول رحاب الحرية من خلال صناديق على دخول الجنة الموهومة من خلال فتاوى فقهاء سفك الدماء. وكيف فضّلوا قوائم المرشحين على الحور العين، وكيف فضّلوا العدل على اللبن والعسل، وكيف فضّلوا نار الحرية والديمقراطية على دفء جنة الإرهابيين، وكيف فضّلوا صناديق الاقتراع على صناديق اللؤلؤ والمرجان.
-8-
يوم الأحد يتوافد العراقيون للدفاع عن شرف العراق من خلال صناديق الشرف.
يوم الأحد يشهدُ العالم إعلان رفض العراقيين الإبحار إلى مرافئ الحرية والديمقراطية في سفينة يقودها الزرقاوي والقرضاوي وابن لادن والظواهري.
يوم الأحد يشهدُ العالم رفض العراقيين البقاء في مملكة القهر والطغيان والديكتاتورية والإسراع في الدخول في مملكة الحرية والديمقراطية والانعتاق من الظلم والطغيان.
يوم الأحد يشهدُ العراقُ كيف أن عصافير الحرية أقوى من سكاكين الجلادين وأتباع الجلادين وفلول الجلادين. وأن معارك الشعوب كلها تنتهي دائماً بانتصار عصافير الحرية.
-9-
يوم الأحد يشهدُ العراقُ قيام أكبر مسرح من مسارح الحرية العربية، حيث لا بطل مطلقاً غير بطل واحد هو الوطن، بعد ان انهارت واحترقت مسارح الآلهة الوثنية الطاغية بكل طقوسها، وأنصابها، وأبخرتها، وأنظمتها الفاشية.
كان الطاغية قبل التاسع من نيسان/ابريل 2003 المجيد، هو المسرح العراقي وهو المسرحية، هو الممثل الوحيد وهو التمثيلية، هو الكاتب وهو القارئ، هو الحوار والمتحاور، وكان مسرحاً بلا جمهور وبلا نقاد. ويوم الأحد سيكون المسرح العراقي مكتظاً بالممثلين (19 ألف ممثل/مرشح) ومكتظاً بالجمهـور (15 مليون مشاهد/ناخب) ومكتظاً بالنقاد (10آلاف ناقد/مراقب من كافة أنحاء العالم).
فهل ستسهرون هذا المساء مع العراقيين الأحرار في مسرحهم، مسرح الحرية الجديد في الهواء الطلق؟
-10-
يوم الأحد يشهدُ العالم انفكاك قَدَرِ العراق من بين شفتي الزعيم الضرورة الأوحد، الملك الشمس، المفكر الوحيد، المغني الوحيد، الفحل الوحيد، ومن بين فردتي بسطار الديكتاتور، لكي يكون قَدَرُ العراق بين شفتي صندوق الاقتراع فقط.
يوم الأحد يشهدُ العراقُ كيف أن العرب أكبر من كَذَبَ في هذا العالم . فكلهم يقولون نحن مع الشرعية، وفي الليلة الظلماء لا يبقى أحدٌ، ويذهب الكل إلى "البيت الأبيض" لتقديم فروض الطاعة والولاء، وطلب الشرعية من هناك.
-11-
يوم الأحد سيشهدُ العالم بأن الإرهاب بعد الحادي عشر من سبتمبر أصبح يعيش ويأكل ويتناكح ويتناسل وينام ويزرع الأفيون في مقبرة. وأنه أسس شركة عابرة للقارات مع الموت، درّت عليه الارباح الطائلة والغنائم الكثيرة. وفتح حسابات كثيرة في بنوك الدم، بعد أن انتشرت فروع هذه الشركة في كافة أنحاء المعمورة، ودخل فيها مستثمرون جدد من الفقهاء والأغبياء والسفهاء والأخصياء الذين لا ينكحون في الدنيا ولكن نكاحهم في الآخرة. وهذه الشركة تظهر في بورصات وتختفي من بورصات أخرى وترتفع أسعار أسهمها من سوق لآخر حسب التقلبات السياسية.
-12-
يوم الأحد سيبدأ العراقُ اليوم الأول من سنة أولى ديمقراطية في مدرسة الحرية، ذات القواعد الصعبة، والدروس المعقدة، والأساتذة الأشداء. فالعراقيون يوم الأحد سيثبتون للعالم بأنهم رفضوا دخول مدرسة الإرهاب، وتلقي دروس الإرهاب، وتعلم لغة الإرهاب التي لا أبجدية لها، ولا قواعد لها، ولا نظام لها، ولا توجد في قواميس البشرية المتحضرة، ولا في مختبرات العلماء، وهي مجرد تعاويذ شيطانية كتبها فقهاء سفك الدماء، وقبضوا ثمنها مقدماً من الشيطان، وتمَّ حفظها في ملفات الديكتاتوريات العربية، وأنظمة الحكم العربي التي تخشى ضوء الشمس، وهبّة ريح الحرية.
-13-
يوم الأحد سينتهي من العراق حُكمُ الملك الشمس، القضاء والقدر، الذي كان يحكم بلا دستور، وبلا قوانين، وبلا شرعية، ويضع كل الدساتير والقوانين والشرعيات تحت بسطاره. لقد قال مرَّة، أن حزب البعث (كندرة) تضيق على قدمه المباركة الكبيرة. كان ملك الشمس، سلطان الزمان، وشاغل المكان، هو الذي يرسل المواطنين إلى المقصلة دون محاكمة ودون مساءلة. فهو ربُّ الأرض الذي لا يُسئل عما يفعل والمذبوحون هم الذين يُسألون فقط. وكان ملك الشمس، القاضي الذي لم يدخل كلية الحقوق، والسلطان الأعظم، والأفهم، والأفخم، والأنظم، والأبهم، والأعتم، والأسخم، الذي لا يحتاج إلى انتخابات وصناديق اقتراع واستفتاء شعبي لكي يمارس صلاحياته. وكانت الاستفتاءات والانتخابات التي يجريها نوعاً من التسالي والفانتازيا والمكياج لوجه السلطة القبيح المليء بالدمامل وبقع الجدري، والسخرية من الديمقراطية الغربية.
-14-
يوم الأحد يشهد العالم لقاء العراقيين مع حمورابي، وعمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز، والمأمون، وصلاح الدين الأيوبي، والجاحظ، وابن عربي ، والفارابي، والكندي، وأبي العلاء المعري، والجواهري ، وبدر شاكر السيّاب، وعبد الوهاب البياتي، وبلند الحيدري، وجواد علي، وعلي الوردي، وجبرا ابراهيم جبرا، وعبد القادر الجنابي وغيرهم.
يوم الأحد يشهد العراق آخر يوم من أيام مملكة الدبابير القارصة، وبداية قيام مملكة النحل العاملة.
يوم الأحد يشهد العالم العراقيين وهم يتوافدون على صناديق الاقتراع في تحدٍ كبير وشجاع للموت والتهديد بالقتل والتنكيل، وكأنهم يذهبون لأداء صلاة العيد، صلاة عيد الحرية، في هذا الفضاء العراقي الكبير.
التعليقات