نصر المجالي من لندن: ليست هي المرة الأولى التي يقتحم فيها قصر بكنغهام الملكي البريطاني في العاصمة لندن، فلمرتين سابقتين استطاع شخصان مجهولان لم يكشف عن هويتهما بعد اقتحام القصر والدخول إلى مخدع الملكة إليزابيث الثانية واستطاع أحدهما التحدث إليها حيث ناقشته الملكة برفق في عدد من القضايا وما يهدف إليه باقتحام القصر ومن ثم مخدعها بهذه الجرأة الكبيرة، وكلا الرجلين اعتقلا ولا يعرف مصيرهما إلى الآنوبالطبع لن يكونا أعدما على عادة أهل العالم الثالث والنظم الشمولية، ربما قد يكون افرج عنهما. اليوم، اقتحم باتمان ، قصر بكنغهام، حيث مقر الأسرة التي تملك ولا تحكم حسب العرف البريطاني منذ الماغناكرتا الصادرة في العام 1669 ، والرجل الذي استطاع الوصول إلى شرفة القصر التي يعتليها في العادة أفراد الأسرة الملكية في الاحتفالات البروتوكولية، يبلغ من العمر 33 عاما.

ومن دون جلبة وضوضاء واستدعاء شرطة مكافحة الشغب ورجال المخابرات السرية والاستخبارات العسكرية ورجال القوات الخاصة من البحر والجو والبر استطاعت الشرطة المكلفة حراسة القصر الملكي إقناع رجل الباتمان بالاستسلام ومن دون رصاص أو قذائف وصواريخ أو سفك دماء.

وقال متحدث باسم أمن القصر الملكي أن الرجل واسمه جيسون هاتش ينتمي إلى منظمة العدالة الأميركية التي تطلق على نفسها اسم "عدالة الآباء الأربعة" (فاذرز فور جاستيس) وهي تمثل حملة عالمية في شان حقوق الآباء الذين يرعون أطفالهم بعد طلاقهم من زوجاتهم العنيدات اللائي تركن بيوت الزوجية عنوة ويحظين باحترام النظم والقوانين القائمة والأعراف من دون اعتبار لحقوق الآباء المتورطين بأعباء الأطفال وتربيتهم.

وهذه هي المرة الثانية التي يتعرض فيها قصر بكنغهام الملكي البريطاني إلى اقتحام سلمي خلال الشهور الأربعة الماضية، وقال مسؤولو الأمن "باتمان استطاع تسلق جدران القصر الملكي بمساعدة من زميل له كان يرتدي زي الفارس الأسود المعروف في الأساطير البريطانية روبن هود".

وكان رجل من نفس حملة الآباء المطلقين "عدالة الآباء الأربعة" احتل أول من أمس واحدة من أهم الشواهد في العاصمة البريطانية وهي (عين لندن) التي تمثل اكبر بكرة دائرية في العالم لمشاهدة مجمل المدينة عبر قاطرات تتحرك دائريا بدرجة 360 درجة وهي أقيمت العام 2000 لتمثل الاحتفال البريطاني بالألفية الجديدة.

واستطاعت الشرطة البريطانية إقناع الرجل الذي احتل هذا الموقع السياحي المرموق بالنزول من أعلى تلك الدائرة وسلم نفسه للشرطة بعد يوم من العناء "السلمي" رغم فقدان 5000 مشاهد من السائحين الجانب فرصة الصعود إلى عربات "عين لندن" للتمكن من مشاهدة مختلف المواقع في عاصمة الضباب عن كثب وبالعين المجردة من على ضفاف نهر التايمز.

يشار إلى أنه قبل عامين تمكن رجل من الهبوط عبر طائرة شراعية صغيرة في واحدة من ساحات قصر بكينغهام وكان يحمل الجنسية الروسية، ولكن أطلق سراحه بعد ساعات من اعتقاله، ويعتقد أن كل الذين حاولوا اختراق القصر الملكي البريطاني، كانت أهدافهم إيصال رسالة لعائلة أول ديموقراطية في العالم، ولم يكن من القضاء البريطاني بتوجيهات من الملكة إلا الإفراج عنهم مع تعهد خطي موقع منهم بعدم تكرار ذلك الفعل.

وأخيرا، رغم كل بوادر التهدئة من جانب الشرطة الأمنية المكلفة حراسة القصور الملكية البريطانية، فإن عيونا ساهرة أخرى أعربت عن قلقها من هذه الاختراقات المفاجئة، في الوقت الذي تتوعد فيه شبكة القاعدة الإرهابية بتصعيد حملاتها ضد المصالح الغربية سواء في لندن أو في غيرها من العواصم.