أول فيلم يصور تداعيات ثورة الخبز في تونس
حسام عبد القادر من الإسكندرية: فى محاولة من المحاولات القليلة للاقتراب من التاريخ الحديث فى تونس جاءت تجربة المخرج محمد دمق مع فيلم "دار الناس" والذى عرض فى مهرجان إسكندرية السينمائى العشرين أمس الأحد ضمن أفلام المسابقة الرسمية والمتوقع له جائزة واحدة على الأقل من جوائز المهرجان، والفيلم يعد ثانى تجربة لإخراج فيلم روائى للمخرج حيث سبق وأن أخرج فيلمه الأول "الكأس" عام 1986، وتجرى أحداث الفيلم فى صيف 1983 أثر أحداث "ثورة الخبز" التى اجتاحت معظم مدن تونس بعد الإعلان عن إلغاء الدعم المخصص لأسعار الخبز ومشتقات الحبوب الأخرى، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها إلى أكثر من الضعف إلا أن البلاد كانت آنذاك شهدت مرحلة تراكمت فيها الأزمات ما بين الصراع المفتوح على خلافة الرئيس بورقيبة والإضرابات والمظاهرات وصعود التيار الإسلامى فى نفس الوقت ويصور دمق انعكاس كل هذه الأحداث على العائلة التونسية والتحولات التى طرأت عليها بسبب هذه الأحداث فاختار أن يقارن بين عائلتين الأولى عائلة متواضعة يعولها موظف بسيط أحيل إلى التقاعد ويتعلق بالمبادئ والقيم رغم التفكك الذى يكاد يصيب عائلته، والثانية عائلة من مستوى مرتفع الأب رجل أعمال يعانى من مشاكل مالية ويتمسك بالسلطة على حساب الأخلاق، ويبدأ الفيلم برسوب هادى فى البكالوريا للمرة الثالثة مع إحالة والده للتقاعد وتنتقل العائلة إلى حراسة فيلا رجل الأعمال "سى المنصف" الذى ينوى السفر إلى فرنسا لقضاء عطلته، ولدى وصولهم يتعرف هادى على رملة وصديقتها من خلال التلصص على فيلا مجاورة وتنشأ قصة حب بينهم لكنه يظل يشعر بالغربة فى هذه البيئة الجديدة التى لم يستطع التكيف معها وفى هذه الأثناء يعود شقيقه رؤوف من أوروبا ويكشف له من خلال أنشطته المريبة عن أسرار مجتمع منحل من تهريب ورشوة وعنف كما يتمكن من إغراء رملة لينتهى الفيلم بمعركة بين الشقيقين ومواجهة هادى للوهم.من فيلم دار الناس
وفى تصريح خاص لإيلاف أكد محمد دمق مخرج الفيلم أنه تعمد أن يظهر المقارنة بين مجتمعين مختلفين تماماً وعن آمال الشباب المعلقة دائماً بالسفر والهجرة والإحباطات التى يصلوا إليها فى النهاية، وقد تعرض فى الفيلم لبداية ظهور التيار الإسلامى بشكله المتطرف من خلال الجماعات التى كان يتعامل معها رؤوف شقيق هادى وتهريب الأسلحة إليهم، وهو ما رفض الشاب هادى أن ينضم إليه، والمقصود بدار الناس هو دار الغير أى أن المكان ليس مكانك وليست معناها الفيلا التى جاءت إليها عائلة هادى.
وحول التمويل أكد دمق أنه يرفض تماما التعاون مع جهات أجنبية لتمويل أفلامه وخاصة فرنسا لأن الجهات المنتجة فى فرنسا تضع شروطاً معينة فى السيناريو لابد من تنفيذها لكى يخرج الفيلم للنور وخاصة التركيز على الدين والجنس فهما عاملان أساسيان فى الأفلام ذات التمويل الفرنسى، وبالتالى لابد أن أمر برحلة من المصاعب حتى أخرج بفيلمى إلى النور وقد خرج الفيلم بدعم مالى من وزارة الثقافة التونسية، وخاصة أنه ليس من نوعية الأفلام التى تحقق إيرادات ضخمة فى دور العرض نتكسب منها.
[email protected]
التعليقات