أمضى الزعيم الكردي مسعود البارازاني يومين من المباحثات في دمشق مع كبار المسؤولين السوريين، وهي أطول زيارة عمل يقضيها زعيم سياسي كردي عراقي في سورية ما يشير إلى حجم الملفات وسخونتها والقضايا العالقة بين القوى الكردية والقيادة السورية . كما لوحظ أن تصريحات البارازاني اختلفت من الأمس إلى اليوم من لهجة إنذار دول الجوار إلى لهجة الحوار معها.
ويبدو أن البارازاني حمل معه " حقيبة مطمئنة " للسوريين تحوي : نفيا للمزاعم حول وجود إسرائيلي في شمال العراق ، التأكيد على هوية كركوك الكردية والتعايش فيها ، والمطالب الكردية بحكم ذاتي في إطار عراق فيدرالي موحد مستقل.
في اليوم الأول من محادثاته حذّر البارازاني ، عقب لقائه نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام ، دول جوار العراق من التدخل في الشؤون الداخلية للعراق "خاصة ما يتعلق بالأكراد " ، مضيفا أن " أي مشروع يرمي الى تغيير الواقع الديموغرافي في كركوك سنتصدى له ونقاتل بشراسة ". وأكد الزعيم الكردي "على الهوية الكردية لمدينة كركوك النفطية" ،قائلا إنها يجب ان تكون "نموذجا للتعايش القومي في العراق بين الأكراد والتركمان والكلدان والآشوريين وجميع من يعيش في العراق".
و بدت اليوم لغة الزعيم الكردي هادئة في المؤتمر الصحافي، الذي عقده عقب لقائه الرئيس الأسد، فاختلفت لهجة اليوم عن الأمس كما لو أن اللقاء مع الأسد أراح البارازاني وتم التفاهم فعلا على نقاط كثيرة . حيث كشف الزعيم الكردي عن اتفاق في العراق حول قانون إدارة الدولة على ان يجري تطبيع الوضع في كركوك ومن ثم يجري استفتاء لأبناء المنطقة ليقرروا مصيرهم النهائي . وقال "نحن متأكدون بعد تطبيع الوضع في كركوك ان الأكثرية الساحقة ستكون كردية لذلك نحن متأكدون ان كركوك سوف تعود الى كردستان".
كما استبدل " إنذاره " لدول الجوار يوم أمس بلغة "ودية وحنونة " اليوم مؤكدا على الدور المهم لها ، وقال " نحن نحتاج إلى دعم معنوي وإيجابي من سورية خاصة أننا مقبلون على إجراء انتخابات في العراق ولسورية وزنها وثقلها وتربطنا معها علاقات تاريخية ومصيرية الأمر الذي يساعدنا على تجاوز الكثير من العقبات ".
وعما إذا كانت زيارة البارازاني قد طمأنت القيادة السورية فهذا ما سوف تكشف عنه الأيام المقبلة من مؤشرات ودلائل بما فيها الإعلام الرسمي . فإذا توقف الإعلام الرسمي عن التعاطي مع ما ينشر في الصحافة العربية عن " وجود إسرائيلي " في كردستان العراق فإن هذا يعني بشكل غير مباشر إن السوريين أصبحوا على قناعة تامة بما قاله البارازاني. وتبقى ملفات أخرى مثل الدور الكردي في المستقبل العراقي ونظرتهم للفيدرالية وهذه كلها ستبقى محط اهتمام السوريين في حوارات قادمة متوقعة خاصة وأن الزعيم الكردي خرج من دمشق وهو يردد بأن محادثاته مع الأسد كانت " ودية ومثمرة " مشيرا الى "انها تكللت بالنجاح وحققت أهدافها خاصة السياسية منها".
هذا ويتوقع مراقبون أن لا تنظر أطراف عراقية أخرى نظرة ارتياح إلى زيارة مسؤول كردي رفيع المستوى إلى سورية ، وخاصة أن بعضها زار دمشق مؤخرا وأثار مسألة التواجد الإسرائيلي في العراق، حيث قال اللواء حسن زيدان اللهيبي ، أمين عام الجبهة الوطنية لعشائر العراق، صراحة، إن" النشاط الإسرائيلي بدأ بشكل علني منذ عام 1991 مع الفصيلين الكرديين الرئيسيين في البلاد" مضيفا ان "الموساد موجود اليوم في شكل مضاعف وعلني في الشمال وفي أشكال أخرى في الوسط والجنوب ويمارس عمليات تخريب كبيرة جدا في العراق".
التعليقات