قضية إطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام، من السجون المصرية، فتحت شهية الكثير من المحللين السياسيين الإسرائيليين للكلام، معتقدين أن هدف مصر لم يكن إطلاق سراح ستة من الطلبة المصريين المعتقلين في سجون إسرائيل، وإنما كانت الأهداف أبعد من ذلك بكثير تلخصت تحت عنوان "تسخين العلاقات مع إسرائيل".

المحلل الإسرائيلي زئيف شيف اعتبر أن إطلاق سراح عزام عزام من السجن المصري هو بادرة سيكولوجية من الرئيس حسني مبارك تجاه رئيس الحكومة اريئيل شارون. مؤكدا في الوقت نفسه على أنه لا يتوجب النظر الى هذه الخطوة على أنها خطوة لمرة واحدة، وانما جزء من مسار استراتيجي يهدف الى دمج مصر في خطة فك الارتباط والتأثير على استئناف العملية السياسية بعد وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.

ويتعبر شيف أنه ومن أجل هذا السبب، ليست هناك حاجة للتعمق في الثمن الاسرائيلي المقابل لاطلاق سراح عزام عزام. مؤكدا على أنه هذه ليست صفقة من خلف الكواليس بين مبارك وشارون.

ويتابع المحلل الإسرائيلي قائلا: "شارون مثل سابقيه في ديوان رئاسة الوزراء، طلب إطلاق سراح عزام من السجن المصري، ولكنه لم يطرح ذلك كشرط في اتصالاته مع مصر في اطار فك الارتباط - ومع ذلك ترك المصريين يفهمون ان هذه الخطوة هامة بالنسبة له وانها ستسهل عليه صراعاته السياسية الداخلية". أمام عن الرئيس مبارك فأن شيف يؤكد بأن مبارك يرى بشارون شخصا عازما على قيادة خطة فك الارتباط، وهو يسعى الى تعزيز موقفه في هذا السياق، مشيرا أيضا إلى أن المصريين توصلوا الى استنتاج بأن إطلاق سراح عزام هو خطوة رمزية بالنسبة لشارون، في وقت ربط فيه إطلاق سراح عزام بصورة غير رسمية بعملية إطلاق سراح الطلاب المصريين الستة الذين تسللوا الى اسرائيل بهدف تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيل حسبما وجهت إسرائيل لهم التهم.

ويتابع شيف قائلا: "هؤلاء الستة يعتبرون في نظر اسرائيل أسماكا صغيرة خططت لاعمال ارهابية ساذجة. الستة جاءوا من عائلات من المستوى المتوسط والمرتفع، مارست ضغوطا على الحكومة المصرية للتوصل الى صفقة مع اسرائيل التي و بدورها حاولت في السابق ايضا عقد "صفقات" تبادل مختلفة لاطلاق سراح عزام، إلا ان ذلك لم ينجح. وعليه سيكون من الخطأ الاعتبار ان إطلاق سراح عزام الآن قد جاء مقابل إطلاق سراح الطلاب المصريين".

متعبرا أنه في السابق بُذلت جهود كبيرة وكثيرة لإطلاق سراح عزام. ومنها محاولة الرئيس السابق، عيزر وايزمن، الذي يعتبر صديقا لمبارك حيث قال في حينه للرئيس المصري انه على قناعة ان عزام لم يتجسس في مصر لصالح الاستخبارات الاسرائيلية. كما أن وزراء الدفاع ورؤساء الحكومة الاسرائيليين قالوا كل في دوره ان هذا الشخص ليس ضالعا في التجسس ضد مصر. وعلى الرغم من ذلك تم الاحتفاظ به داخل السجن طوال ثماني سنوات. وكان الرد المصري ان القرار صدر في المحكمة المصرية وان تغيير قرار القضاء ليس وارداً.

هذا ويقول شيف أنه الآن ايضا لا يوجد أي دليل أو مؤشر على ان عزام كان على صلة ما بأحد الأذرع الأمنية الاستخبارية. حيث أن مصادر عليمة تنفي هذا الأمر بشدة، مؤكدا على أنه لدى مصر سبب وراء اعتقال عزام وهذا السبب غير معروف لاسرائيل.
ودعا المحلل الإسرائيلي إلى أنه سيكون من الأجدر تفحص المسألة من جديد وعدم تركها طي النسيان. بحيث توجد في جعبة عزام توضيحات مختلفة للمسألة بالتأكيد.

ويتابع قائلا: "عزام خرج من السجن المصري بينما يوجد في الخلفية حادثان تسببا في توجيه انتقادات شديدة لاسرائيل. الحادث الاول هو قتل ثلاثة عناصر شرطة مصريين عن طريق الخطأ قرب الحدود حيث اعتقد طاقم الدبابة الاسرائيلية انهم خلية فلسطينية. والبرلمان المصري ووسائل الاعلام في القاهرة وجهت نداءات لقطع العلاقات مع اسرائيل. واقتراح عدد من اعضاء البرلمان اجراء نقاش حول العلاقات مع اسرائيل سقط بسبب معارضة حسني مبارك لذلك.

عندما زار وزير الخارجية المصري ووزير الاستخبارات اسرائيل قال شارون لهما ان اسرائيل ستكون مستعدة لتعويض عائلات رجال الشرطة الثلاثة".

أما عن الحدث الثاني فضيف "كان تصريح رئيس لجنة الخارجية والأمن، الدكتور يوفال شتاينيتس، بأن مصر تتزود بالسلاح وتشكل خطرا على اسرائيل".

مؤكدا على أن الامر الذي تغلب على الحدثين هو رغبة مبارك في لعب دور أوسع في تطبيق خطة فك الارتباط وزيادة فرص وقف إطلاق النار وإيقاف العنف والتأثير من خلال ذلك على العملية السياسية المتجددة.

ويؤكد أيضا على أن المصريين يبذلون منذ مدة من الزمن جهودا للانخراط في خطة فك الارتباط بعد ان استنتجوا ان شارون عازم على تطبيقها. يبدو ان ما شجع المصريين في الآونة الأخيرة هو صعود قيادة فلسطينية جديدة بعد رحيل ياسر عرفات.

ويعتبر شيف أنه من الواضح للقاهرة ايضا ان بوش سيبذل جهودا أكبر في تسريع العملية السياسية وتشجيعها. بينما ما زالت الانتخابات في العراق في دائرة الخطر يتبين ان نظيرتها في الساحة الفلسطينية ذات احتمالات أكبر للنجاح. المصريون يقدرون ايضا انه اذا لم يتم التوصل الى وقف لاطلاق النار خصوصا في قطاع غزة، فقد يؤثر الامر بصورة سيئة على ما يحدث في مصر.

ويختم هذا المحلل بقوله: "الرئيس مبارك توصل الى قرار في اطار مساعيه للعب الدور الذي يريده لبلاده في العملية بأن عليه ان يُسخن العلاقات مع اسرائيل بقيادة شارون وان يطلق نحوها مؤشرات ورسائل ايجابية. وإطلاق سراح عزام هو خطوة واحدة على هذا الطريق".