كاتي نجويين من السودان : قال معهد الدراسات الأمنية ومقره جنوب افريقيا انه في الوقت الذي يتركز فيه انتباه العالم على دارفور فان الأطراف الرئيسية في الحرب الأهلية التي تدور في جنوب السودان انتهكت مرارا وقفا لاطلاق النار مما يظهر افتقاد الثقة بصورة لا تنبيء بالخير لجهود السلام.

ووقعت حكومة الخرطوم والجيش الشعبي لتحرير السودان اتفاقا لوقف القتال في اكتوبر تشرين الاول عام 2002 بهدف إنهاء الصراع في أطول حرب أهلية بالقارة الافريقية.

ولقي نحو مليونين حتفهم نتيجة الصراع في منطقة الجنوب الغنية بالنفط منذ عام 1983 أغلبهم بسبب الجوع والأمراض.

ومن المنتظر توقيع اتفاقية سلام نهائية لإنهاء 21 عاما من الحرب في وقت لاحق هذا العام الى جانب ترتيبات شاملة لوقف اطلاق النار.

ولكن المعهد قال انه في منطقة الجنوب المترامية الاطراف ما زالت أعمال عنف لا تثير الانتباه مستمرة في ولاية أعالي النيل بمملكة الشيلوك مما أدى الى شيوع النهب والاستيلاء على الماشية وإجبار عشرات الالاف من المدنيين على الفرار خوفا من الاوضاع هناك.

وذكرت الامم المتحدة أن ما بين 50 ألفا و70 ألفا تشردوا في الشيلوك وأن الاعداد في تزايد مستمر.

وأضاف المعهد في تقريره "نتيجة عدم اتخاذ أي إجراء تجاه الانتهاكات الشائعة شجع هذا على عدم احترام الاتفاق والانتهاك الصارخ له."

ومضى يقول "ستلقي هذه التجربة لا محالة بظلالها على اتفاق وقف اطلاق النار المتوقع."

وقال سامسون كواجي المتحدث باسم الجيش الشعبي لتحرير السودان ان هذه المزاعم لا سند لها. ولم يتسن على الفور الاتصال بمسؤولين بالحكومة في الخرطوم للتعليق ولكن متحدثا باسم القوات المسلحة قال ان أي قتال هو نتيجة للانقسامات المحلية بين الفصائل.

وبموجب اتفاق إنهاء القتال الذي أبرم عام 2002 على الجيش السوداني وقوات الجيش الشعبي لتحرير السودان أن يلتزم كل بمواقعه التي كان يحتلها عند توقيع الهدنة.

ولكن الاتفاق لا يشمل الجماعات المسلحة الموالية لاي من الجانبين. ويقول مراقبون للشؤون السودانية ان ما يصل الى 30 جماعة لا تشملها عملية السلام الرسمية تجوب منطقة الجنوب وتشير تقديرات مستقلة الى أن اجمالي حجم قواتها يترواح بين ستة الاف و30 ألف فرد.

كذلك فان الاتفاق لم يضع في اعتباره المشكلات التي قد يسببها تغيير الولاء من جهة الى أخرى مما أدى الى وقوع اشتباكات للسيطرة على الاراضي وامتلاك الماشية.

وبعد ثلاثة أيام فقط من سريان الهدنة استولى الجيش الشعبي لتحرير السودان على بلدة أكوبو في أعالي النيل من ميليشيا موالية للحكومة. ولم يصدر الوسطاء في عملية السلام إدانة رسمية لما حدث.

وقال التقرير "من المحتمل أن الاطراف الموقعة على الاتفاق توصلت بشكل لا يدعو للاندهاش الى النتيجة الصحيحة وأنه نتيجة لذلك انتقلت البلدة مرارا من سيطرة الجيش الشعبي لتحرير السودان الى حلفاء الحكومة والعكس صحيح."

وأضاف "تكمن خطورة عدم الاهتمام بشكل كاف للتوقيع على اتفاقية السلام في الاستسلام لشعور بالتفاؤل ليس في محله."

واندلع بعض من أعنف الصراعات في الجنوب في الشيلوك بعد أن انشق زعيم بارز في ميليشيا محلية موالية للحكومة وانضم الى الجيش الشعبي لتحرير السودان. وقال المعهد ان الحكومة كانت تنقل أعضاء من قبيلة منافسة على متن زوارق وفي بعض الاحيان كانت ترافقها سفن حربية لقتال المنشقين واستعادة الاراضي التي فقدتها.

ونفى محمد بشير سليمان المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية أن الخرطوم تؤجج الصراع.

ومضى يقول ان الصراع المسلح الذي تصاعد مؤخرا في ولاية أعالي النيل هو صراع قبلي في اطار صراع المصالح بين الفصائل الموجودة في المنطقة.

وذكر معهد الدراسات الامنية أن الخرطوم تنوي تكريس عدم الاستقرار في الجنوب قبل فترة انتقالية مدتها ستة أعوام من المفترض بعد انتهائها اجراء استفتاء في الجنوب على الانفصال عن شمال السودان.

وقال التقرير ان الخرطوم "تريد أن تجعل المنطقة غير قابلة للسيطرة بالنسبة للادارات القادمة للجيش الشعبي لتحرير السودان."

ومن أسباب الصراع حقول النفط المكتشفة حديثا بالجنوب والتي يطالب الجيش الشعبي لتحرير السودان بالسيطرة عليها والتي تنتج أغلب الكمية من 300 ألف برميل يوميا تدخل للسودان عائدا سنويا يتعدى ثلاثة مليارات دولار.

وقال التقرير ان فريق المراقبة للتحقق وهو فريق لمراقبة الهدنة يقدم تقارير الى الوسطاء الاقليميين يتعين عليه القيام باجراءات مضنية تؤدي الى إضعاف فاعليته.