نصر المجالي من لندن: على الرغم من الموقف البريطاني الرسمي الرافض للانتهاكات التي ترتكبها جماعات مسلحة مدعومة من حكومة الخرطوم، فإن تقارير افادت اليوم أن مليونيرا بريطانيا ساعد بتزويد السودان بمعدات عسكرية بقيمة 2.5 مليون جنيه إسترليني، الأمر الذي تخشى معه المصادر البريطانية أن يكون عاملا في تصعيد الصراع الدموي في إقليم دارفور الذي يعاني حرباً أهلية.

وفي تقرير لصحيفة (صنداي تايمز) اليوم فإن المليونير جون نايت، وهو رجل أعمال يقيم في مقاطعة كنت في جنوب شرق إنجلترا زود هيئة التصنيع العسكرية السودانية بترسانة أسلحة تتضمن دبابات وصواريخ كروز وصواريخ تنطلق من الأرض.

وقالت الصحيفة إن هذه المعدات والأسلحة كفيلة بإنشاء جيش صغير.وأشار التقرير إلى أن المليونير نايت، على علاقات وثيقة مع وزارة الدفاع البريطانية، وهو في تعامله مع حكومة الخرطوم اخترق كل قرارات الاتحاد الأوروبي وكذلك بريطانيا، في التعامل عسكريا مع السودان، حيث مقاطعة عسكرية مفروضة منذ زمن.ويكشف التقرير أن من بين المعدات التي زود بها المليونير البريطاني حكومة الخرطوم، 50 من الدبابات من طراز "تي 72 " وهي روسية الصنع، و100 ناقلة جند، و30 مدفع من طراز "122 إم إم" و12 بطارية صواريخ متعددة الأغراض.

ويعتقد مراقبون، أن تورط المليونير المذكور بهذه الصفقات مع حكومة الخرطوم ، سيثير حرجا كبيرا للحكومة البريطانية التي ظلت على الدوام ترفض الممارسات في إقليم دارفور.

يذكر أن بريطانيا كانت تستعمر السودان إلى جانب مصر حتى خمسينيات القرن الفائت على حين استقلال السودان العام 1956 .

يشار إلى أن أحداث دارفور أدت إلى اللحظة إلى مقتل حوالي آلاف الاشخاص، إضافة إلى تهجير وتشريد ما لا يقل عن مليون شخص من منازلهم الأصل ليعيشوا في العراء تحت رحمة منظمات الإغاثة الإنسانية.

وتتهم المصادر العالمية، بما فيها مصادر بريطانية، حكومة الخرطوم الرسمية بدعم مليشيات الجنجويد وهي من أصول عربية بدعم عمليات الإقصاء العرقي في إقليم دارفور، وهو أمر تسبب في كارثة إنسانية لم يشهد لها التاريخ السوداني مثيلا من قبل.

وتقول صحيفة (صنداي تايمز) في تقريرها اليوم، إن المليونير نايت (59 عاما) المتورط بتزويد الخرطوم بالأسلحة، ظهر أمام الأضواء في العام 1991 ، حين تفجرت فضيحة الفساد في مجموعة (ديلي ميرور) حين كان ناشرها روبرت ماكسويل الذي توفي في ذات العام في حادث غامض على خلفيات كثيرة. وكان أحد مراسلي تلك الصحيفة تحت غطاء صحافي تحادث مع المليونير في ذلك العام على صفقة من رشاشات كلاشينكوف الروسية الصنع.
ومنذ ذلك التقرير الذي فجرته "صنداي ميرور"، فإن المليونير البريطاني ابتعد عن الأضواء، لكن المعلومات التي تكشفت تشير إلى تورطه بصفقات مع الحكومة السودانية عسكريا، بتمويل ورعاية من شركة "سينكليو هولدينغز 7 " حيث تنشر هذه الشركة في العادة منتوجاتها، وما لديها من الأسلحة للبيع على موقعها الإلكتروني على الشبكة العنكبوتية.

وتقول (صنداي تايمز) إن المليونير صاحب الصفقة مع الخرطوم يستخدم عملاء ووسطاء من دول من أوروبا الشرقية السابقة وخصوصا أوكرانيا، حيث أن لهؤلاء حرية التحرك على مستوى عالمي لتوقيع صفقات تسليحية تجارية، خارج منطقة سيادة الاتحاد الأوروبي وقرارات الاتحاد التي تفرض حظرا على التعامل مع بعض الدول ومنها السودان.

يشار إلى أن أجهزة الاستخبارات البريطانية كانت رصدت في السابق محاولات من شركة "سينكلير هولدينغز 7 " للحصول على صواريخ "سوبر إليغا" وصواريخ كروز من صنع روسي لتسويقها إلى دول في العالم، وأثارت هذه الاتصالات هلعا في أوساط دول تحارب الإرهاب وخصوصا الولايات المتحدة التي تخشى أن تتحصل منظمات إرهابية تعمل في العراق على هذه الأنواع من الأسلحة الفتاكة.

وصواريخ "سوبر إليغا"، هي صواريخ أرض ـ جو تم الإعلان عن صنعها في العام الماضي، وهي قادرة على إسقاط طائرات مقاتلة وطائرات هيلوكبتر، من علة 20 ألف قدم، ومن النادر، حسب الخبراء أن تخطئ أهدافها. وحالها حال صواريخ "صن بيرن" االتي تسبق الصوت، ومهمتها مواجهة السفن الحربية في البحار، وهي قادرة على حمل 500 باوند من المتفجرات على متنها، ومجال دائرة تأثيرها 75 ميلا .

و مع الخشية الأميركية، من وصول أسلحة من هذا النوع إلى أيدي إرهابيين في العراق وفي دول خليجية عربية، ومن بينها المملكة العربية السعودية التي تشن حربا ضروسا ضد الإرهاب، فإن اتصالات عبر البريد الإلكتروني اجراها المليونير البريطاني، مع شركات عالمية خارج بريطانيا، اثارت الشكوك تماما، مما حدا بأجهزة استخبارات غربية ومنها بريطانية إلى التحرك لوضع يدها على كل التفاصيل، وكانت حكومة الخرطوم متهمة في السابق بإيواء شبكات إرهابية على رأسها شبكة (القاعدة) بزعامة المنشق السعودي أسامة بن لادن، إلى أن ابعد من هناك إلى أفغانستان تحت ضغوط أميركية.