نصر المجالي من لندن: وقف العالم مشدوها في العام 2001 متابعًا رحلة العذاب التي قام بها شقيقان أفغانيان فرّا من نظام حكم حركة الطالبان المتشددة، وكانت بريطانيا الهدف الأخير للرحلة الشاقة للشقيقين عظيم وولي الأنصاري، حيث هذا البلد الأوروبي ملجأ لمئات الآلاف من طالبي اللجوء من بلدان تحكم بالقهر والديكتاتورية والقتل. ولكن يبدو أن رحلة العذاب لا زالت مستمرة، حيث يواجه الشقيقان مرة ثانية قرار الإبعاد عن الأراضي البريطانية، رغم أن أحدهما ،عظيم يدرس الهندسة في جامعة أكسفورد التاريخية العريقة.

وفي التفاصيل التي نشرتها صحف بريطانية اليوم، فإن الشقيقين عظيم وولي أبلغا أمس بقرار وزارة الداخلية البريطانية، بضرورة مغادرتهما بريطانيا، حيث رفض طلبهما للجوء، وفي الرسالتين اللتين تسلماها، فإن السلطات البريطانية تطالباهما بغادرة البلاد فورًا.

وفي تعليق على قرار وزارة الداخلية البريطانية قال عظيم "لقد فوجئت بقرار الوزارة البريطانية، حيث هناك آلاف وقعوا عريضة تتحدث عن قضيتنا من مدينتي اكسفورد وبريستول تدعم وجودنا كلاجئين لهم الحق في العيش على الأراضي البريطانية".

وأضاف القول "لا زلنا نأمل بان توقيعات ورسائل بعثت لوزارة الداخلية عددها ثلاثة آلاف قد تساعدنا في البقاء هنا، حيث المجتمع الذي نعيش فيه يريدنا البقاء وليس المغادرة".

وتشكل قضية الشقيقين الأفغانيين أمرًا شائكا بالنسبة للحكومة البريطانية التي قررت إبعادهما، في حين هناك مئات الآلاف من طالبي اللجوء لا يزالوا يتمتعون بالحماية وتوفير الحد الأدنى لهم من العيش بكرامة ومن دون خوف من أنظمة القمع في بلدانهم.

وكانت رحلة الشقيقين الأفغانيين ابتدأت حين أحسا بالاضطهاد من جانب حكم الطالبان ضد أسرتهما التي تنتمي إلى قبائل الهزارة الأفغانية في بلدة بوليخومري في شمال العاصمة كابول، وقبل ابتداء حرب الولايات المتحدة ضد الإرهاب من بعد أحداث سبتمبر 2001 قرر والدهما أن عليه مسؤولية إنقاذ ولديه، وباع كل شيء يملكه لتمكينهما من المغادرة، إلى أي بلد آمن، وهكذا كان أن تم تهريب ولي وكان يبلغ من العمر 25 عامًا وعظيم وكان يبلغ سن الثامنة عشرة ، وتركا وراءهما أشقاء وشقيقات أربعة.

وروى عظيم، الطالب في جامعة أكسفورد رحلة العذاب بالقول " غادرنا بلدنا في تلك الرحلة الشاقة التي امتدت شهورًا عديدة إلى باكستان ثم إيران فتركيا، ومن هناك وجدنا طريقنا نحو بريطانيا، وكانت رحلة شاقة وعسيرة". يذكر أن مسلسلا تلفزيونيًا بريطانيًا روى رحلة الشقيقين قبل عامين، وأثار في حينه ردات فعل غاضبة ومثيرة.

ومن بعد وصول الشقيقين إلى بريطانيا، منحتهما السلطات المختصة حق البقاء لعام واحد، في مدينة بريستول غربي لندن العاصمة، حيث انخرطا في دروس لتعلم اللغة الإنجليزية في كلية بريستول، كما تعلما أيضًا مسائل تتعلق بالانخراط في الحياة البريطانية اجتماعيًا، وقال عظيم "أستاذي البريطاني نصحني بدراسة الرياضيات والفيزياء وعلوم الكمبيوتر، حتى أنني حصلت على قبول في جامعة أكسفورد".

وقال عظيم "لقد اخترت مادة الهندسة لدراستي في جامعة أكسفورد، لأنني كنت راغبًا بالانخراط في عمليات البناء والتنمية في بلادي من بعد تخرجي، وخصوصًا في بناء الجسور وهذه مسالة قد تفيد أفغانستان كثيرًا في المستقبل ، وهنالك شحة في هذا لدى الحكومة الحالية والقليل يتم فعله من الإنجازات في هذا المجال".

يذكر أن الشقيق الأفغاني الأكبر الآخر ولي ، تدبر لنفسه عملا كسائق حافلة للنقل العام في مدينة بريستول، ولكن شقيقه عظيم يتساءل عن قرار وزارة الداخلية بإبعادهما معترفًا أنه "لا يستطيع التحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة، وهذا يعني أيضًا أنني لم افهم ثقافة من هذا النوع، فأنا طالب علم ممكن أن يفهم تبادل الثقافات".

وإليه، علق عميد كلية سانت جونز في جامعة أكسفورد السير مايكل ستشولار على قرار إبعاد الأفغاني الطالب في الكلية بالقول"عظيم طالب متميز، ونحن نأسف للقرار، ولقد قدمنا من جانبنا كل الإمكانيات له لتحصيل علومه الهندسية التي كان يطمح إلى تحصيلها".

ولكن في الأخير، يشار إلى أن معركة إبعاد من هذا النوع كانت كسبتها فيلدان بيراني وهي من كوسوفو وكانت طالبة طب في جامعة اكسفورد ، حين قررت السلطات إبعادها، لكن وزير الداخلية البريطاني قرر في النهاية السماح لها بإنهاء مدة دراستها لاكتمال تحصيلها العلمي.