علاينة عارف من باريس: علمت إيلاف أنه من المرجح أن يتم تعيين المرشح الجزائري السيد مختار طالب بن ذياب مديرا لمعهد العالم العربي، بعد أن انتهت مدة المدير المصري السابق السيد ناصر الأنصاري. كان يفترض أن يعين السفراء العرب المدير العام، لكنهم وضعوا مواصفات جديدة كان من الصعب أن تنطبق على أي مرشح، فأدى فشل البدلة المناسبة هذه، إلى أن يتفق أعضاء لجنة الإدارة الفرنسيون والعرب، بعد ستة أشهر من النقاش والاتصالات، اختيار أحد المرشحين الخمسة. وقد أسر إيلاف أحد العاملين في المعهد ومن المقربين إلى لجنة الإدارة بأن المرشح العراقي أبعد نهائيا ليس فقط لأن الحكومة الفرنسية لا تود إعطاء هذا الدور الإعلامي للعراق حاليا، وإنما كذلك لأنه غير مؤهل لهذا المنصب.

والسيد مختار طالب بن ذياب معروف بدراية ومعرفة واسعة في شؤون الثقافة والديبلوماسيةالذكية التي يجب أن يراعيها أي مدير لمعهد العالم العربي، فالسيد بن ذياب كان سفيرا سابقا للجزائر، ويدير حاليا المركز الثقافي الجزائري في باريس.

ويقال إن الحكومة الفرنسية كانت تحبذ أن يكون المدير الجديد لمعهد العالم العربي في باريس خليجيا لحل الأزمة المالية المتفاقمة والتي تكاد تكون مزمنة بسبب السياسة المالية غير الرشيدة التي ينتهجها المعهد منذ وقت طويل؛ سياسة أقل ما يقال فيها إنها إسرافية على نشاطات ومعارض لا معنى لها.

وكان من المفترض أن تكون إدارة معهد العالم من حصة السعودية تلبية لرغبة السيد الرئيس جاك شيراك، غير أن السيد جميل الحجيلان الذي اقترحته الحكومة السعودية لكفاءته ومعرفته الثقافية الواسعة لهذا المنصب، رفض العرض لأسباب شخصية، ولم تتقدم الحكومة السعودية بترشيح شخص آخر.

ومن المعروف أن المعهد هو مؤسسة فرنسية وإدارة عربية ضمن اتفاق وقعه ممثلو فرنسا والدول العربية عام 1981... ورئيس المعهد الحالي هو ايف غينا وقد عين حديثا بعد استقالة دني بوشار نزولا عند رغبة الرئيس جاك شيراك في استلام مهام أخرى. والسيد غينا ( 82عاما) أفضل من سابقيه إذ هو يجيد اللغة العربية وقد تولى حقائب وزارية في عهد الرئيس الاسبق شارل ديغول والرئيس الاسبق جورج بومبيدو وكان عضوا في المجلس النيابي ومجلس الشيوخ وترأس حزب التجمع من اجل الجمهورية.

كما أن معهد العالم العربي في باريس محط أنظار جميع المفكرين والباحثين والعاملين في شؤون الفكر والثقافة لما يحتوي على أكثر من 80 الف كتاب يتعلق بكل تاريخ العالم العربي وحضارتهم، صادر بالعربية وباللغات الأجنبية. كما يتميز بموقعه وسط باريس وبمعماره الحديث والأخاذ ورحابته لعديد من النشاطات الفكرية والفنية. وهو واحد من المزارات الثقافية الكبرى في باريس.

وتؤكد مصادر مطلعة أن المعهد يمر بأزمة منذ سنوات: انتشار البيرقراطية في كل أقسامه. برامجه الثقافية تدور في نفس الحلقة المفرغة: الأسماء عينها لا تتغير في كل ندوة وفي كل مهرجان. بل حتى المهرجانات التي أقيمت سادتها وجهة نظر سياسية أحادية. كما أن هناك نوعا من التابو حول أسماء معينة لأنها لاتحمل وجهة نظر المسؤولين في المعهد، ومواضيع كالقضية العراقية التي غيبت كليا منذ الحرب وقبلها. لذا يحتاج المعهد إلى مدير جديد يعرف كيف يتناول المواضيع الحساسة بروح نقدية متفتحة ويتفهم الدور الحاسم الذي يمكن للمعهد أن يلعبه في تجسير الغرب والشرق.

وعلمت إيلاف أن بعض الدول العربية تقدمت باقتراح مفاده أن يشغل مدراء الأقسام في المعهد فترة محددة ثم يتم تغييرهم، أي أن لا يبقى كل مدير في وظيفته فترة طويلة وكأنه مسمار ثابت في الكرسي كمثل بعض رؤوساء الحكومات العربية الذين لا يمكن زحزحتهم إلا بزلزال عظيم. وتجديد مدراء الأقسام هذا قد يصب حيوية في نشاطات المعهد المقبلة ويعطي فرصة للشعور بالمسئولية في تنشيط هذا المعهد.