نبيل شرف الدين من القاهرة: حرص الرئيس المصري حسني مبارك على استقبال نظيره الروسي فلاديمير بوتين في قصر عابدين، المقر الرسمي الفخم للرئاسة الذي كان درة القصور إبان العهد الملكي وهو السلوك الذي لا يخلو من دلالات ما، يراها محللون بأنها تعود إلى معرفة مبارك منذ سنوات طويلة إبان تدربه في روسيا، بمغزى استقبال ساكن الكرملين في هذا القصر الذي يعد الأفخم والأكثر عراقة في الشرق الأوسط، بينما ستكون المحادثات السياسية صباح الاربعاء في قصر الرئاسة في ضاحية مصر الجديدة، حيث يعقد الرئيسان جلسة مباحثات ثانية موسعة يعقبها مؤتمر صحافي مشترك .
وعقب استعراض حرس الشرف، بدأت جلسة مباحثات ثنائية اقتصرت على الرئيسين المصري والروسي، اصطحب بعدها الرئيس مبارك ضيفه ـ الذي يعد أول رئيس روسي يزور مصر منذ نحو أربعين عاما ـ إلى قاعة الجمهورية في قصر عابدين، حيث أقام مأدبة عشاء انضم خلالها للرئيسين أعضاء وفدي الجانبين، وعقب العشاء توجه الرئيسان إلى القاعة البيزنطية في القصر لبعض الوقت ثم توجها بعدها إلى قاعة المسرح في القصر لمشاهدة حفل موسيقي استمعا خلاله لعزف على آلة الهارب من العازفة المصرية منال محيي الدين .

أجندة مشتركة

وبعيداً عن البروتوكول وطقوس الاستقبال، وفي قلب السياسة قال رؤوف سعد سفير مصر لدى روسيا إن العلاقات بين روسيا ومصر تمضي في خط صاعد مشيرافي هذا الصدد الى ازدياد حجم الصادرات الروسية إلى مصر خلال العام الماضي بنسبة 100 في المئة والصادرات المصرية إلى روسيا بنسبة 50 في المئة، مشيراً إلى تنامي السياحة الروسية لمصر، حيث بلغ عدد السائحين الروس الذين زاروا مصر العام الماضي نحو 700 ألف سائح، وأن مصر تسعى إلى أن يصل عددهم هذا العام إلى المليون سائح .
ومضى الدبلوماسي المصري قائلاً إن جدول القضايا التي سيبحثها الجانبان الروسي والمصري في إطار زيارة بوتين سيكون مفتوحا، موضحا أن الطرفين سيوقعان في ختام الزيارة عددا من الوثائق، وإن رئيسي البلدين سيبحثان المسائل التي تهم الجانبين سواء على المستوى الثنائي أو الدولي، فضلاً عن الوضع في الشرق الأوسط والعراق، وأزمة إقليم دارفور، وإصلاح الأمم المتحدة، خاصة في ما يتعلق بمسألة توسيع مجلس الأمن الدولي، وحوار الحضارات .
أما أحمد أبوالغيط وزير الخارجية المصري فقد أكد أن الزيارة تكتسب أهمية خاصة كونها الأولى على هذا المستوى الرئاسي منذ عقود، مشيرا إلى انها تعكس الاهتمام المصري الروسي لدفع العلاقات بين البلدين، كما انها تأتي في أعقاب زيارتين قام بهما الرئيس مبارك لروسيا في عامي 2001 و 2004 .
وأضاف وزير الخارجية المصري قائلاً إن الزيارة تؤكد كذلك استعداد مصر وروسيا للتعاون في كل المجالات، مشيرا إلى أنه سيتصدر أجندة القضايا المطروحة للمناقشة تقويم الوضع الدولي عموماً، والوضع الاقليمي، ومسألة إصلاح الامم المتحدة، حيث ستحظى هذه المسألة بأكبر قدر من الاهتمام المصري الروسي ، موضحاً أن المحادثات ستتناول ايضا الوضع في الشرق الاوسط، خاصة في ظل الرؤية المتوافقة والمتطابقة بين البلدين تجاه الكثير من عناصر هذه القضية .
كان الرئيس الروسي قد وصل إلى القاهرة مساء الثلاثاء في زيارة لمصر تستغرق يومين في بداية جولة في منطقة الشرق الأوسط يزور خلالها إسرائيل والاراضي الفلسطينية، ويرافقه وفد يضم سيرجي لافروف وزير الخارجية، وسيرجي بريخودكوف مستشار الرئيس الروسي، ويفغيني بريماكوف رئيس الوزراء الروسي الأسبق، ورئيس غرفة التجارة والصناعة الروسية حالياً، وميخائيل فرجيلوف رئيس الشؤون الخارجية في المجلس الفيدرالي.
وقالت مصادر في الوفد الروسي إن اللقاء بين مبارك وبوتين سيركز على تهيئة الظروف المناسبة لتنفيذ مشاريع تعاون كبيرة مشتركة بين البلدين، خاصة وأن روسيا راغبة في تفعيل التعاون المشترك مع مصر في اطار اللجنة الحكومية المشتركة لشؤون التعاون التجاري والاقتصادي والفني بين البلدين، مشيرة إلى أن مصر كانت وستظل شريكا استراتيجيا مهما بالنسبة الى روسيا في العالم العربي حيث زاد حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام الماضي بمقدار الضعفين وبلغ 834 مليون دولار .