عبد الله الدامون من الرباط: الألعاب الأوليمبية مثل واحة في قلب الصحراء. يأتي الجميع إليها كي يتجرع الماء الذي طال انتظاره, فهناك من يصل الماء وهناك من يكتفي بالنظر إليه, وهناك من يشرب فيه ويسبح.
الأمم الصغيرة والمغمورة تذهب إلى الأوليمبياد كي تصبح كبيرة ويعرف العالم كله أنها موجودة. والبلدان القوية تذهب إلى هناك كي تفرض الأمر الواقع وتقول إنها موجودة في كل شيء, في الرياضة والسياسة, في الحرب والسلام, في الميداليات الذهبية وقاذفات الصواريخ النووية.
لا فرق في أثينا بين جامايكا الفقيرة جدا والبسيطة جدا والتي لا يسمع العالم باسمها إلا حينما يبدأ رياضيوها في حصد الميداليات, وبين الولايات المتحدة الأمريكية التي أغرقت العالم في الدم وأجبرته مع ذلك على التسبيح بحمدها. الجميع يتساوى في الألعاب الأوليمبية. يمكن لبلد من عشرة آلاف ساكن أن يباري بلدا بمليار نسمة ويفوز عليه. هذه هي الرياضة.
لكن الفرق الذي لا يوجد في مبدأ حق الجميع على المنافسة غير موجود في كثير من الأشياء. فرياضيو البلدان المتقدمة بوجوههم المستبشرة وأجسادهم العامرة ينافسون في كل الرياضات ويحصدون الميداليات بالجملة, بنما رياضيو البلدان الفقيرة يبدو الهزال على أجساد أغلبهم وهم يشاركون في رياضات محددة مثل الماراتون أو المسافات المتوسطة في ألعاب القوى أو رياضات أخرى قليلة.
رياضيو البلدان المتقدمة يلفون أجسادهم القوية في قمصان رياضية من النوع الرفيع بينما رياضيو البلدان الفقيرة يتدثرون بأي شيء ويطمحون إلى الفوز من أجل أن يملؤوا جيوبهم بقليل من المال, ولكي يصبحوا في يوم من الأيام وجوها رياضية مرموقة ترعاها أكبر شركات الملابس الرياضية شهرة.
رياضو البلدان المتقدمة يحصدون الميداليات فينزل عليهم مال المكافآت مدرارا, بينما رياضيو البلدان المتخلفة يطمعون في صدقات يجود بها عليهم مسؤولو بلدانهم الذين يختلسون المال العام ويجلسون إلى مكاتبهم بكروش مترهلة وهم يشتمون رياضييهم إذا لم ينتصروا على الولايات المتحدة الأمريكية.
الألعاب الأوليمية هي الوسيلة الأفضل كي يحس الجميع بالمساواة في عالم لامساواة فيه.