الرباط: بعد سنوات طويلة من الريادة والتفوق يجد المنتخب الجزائري لكرة القدم نفسه في وضعية تجعل أكثر حساده يذرفون عليه دموع الشفقة. وشكلت هزيمة المنتخب الجزائري نهاية الأسبوع الماضي في مدينة عنابة أمام المنتخب الغابوني بثلاثة أهداف لصفر بداية النهاية لمرحلة كان فيها هذا المنتخب المغاربي يخيف خصومه في الداخل والخارج.

وتجرع المنتخب الجزائري هزيمة قاسية أمام منتخب غابوني كان إلى وقت قريب مجرد طاحونة تزود المنتخبات الأخرى بالنقاط، وتعرض إلى انتقادات لاذعة من طرف وسائل الإعلام التي اعتبرت الهزيمة نقطة تحول كبرى في تاريخ كرة القدم الجزائرية وضرورة إعادة النظر في الكثير من هياكلها.
وفقد المنتخب الجزائري كل حظوظه في الترشح إلى كأس العالم بألمانيا، بل صار من الصعب عليه الحصول حتى على المرتبة الثالثة في مجموعته التي تخول له المشاركة في كأس إفريقيا للأمم سنة 2006 في مصر.

وعاش المنتخب الجزائري فترة ازدهار غير مسبوق عندما تأهل إلى نهائيات كأس العالم في إسبانيا سنة 1982 وفاز على ألمانيا بكل نجومها لتلك المرحلة وكاد يكون المنتخب العربي الأول الذي يتأهل إلى الدور الثاني من المونديال، غير أن تواطؤا مكشوفا بين أبناء العرق الواحد ألمانيا والنمسا جعله يخرج من الدور الأول.
واستمر المنتخب الجزائري رائدا في كرة القدم الإفريقية والعربية سنوات طويلة بعد ذلك توّجها بالحصول على كأس إفريقيا للأمم التي استضافها سنة 1990، واستمر في خلق نجوم هيمنوا طويلا على سماء الكرة الإفريقية مثل الأخضر بلومي ورابح مادجر الذي خاض تجربة احترافية لامعة في أوروبا.
وربما كانت مشاركة الجزائر الأخيرة في كأس إفريقيا للأمم في تونس شباط (فبراير) الماضي في تونس علامة على سكرات الموت التي بدأت تنتابه. فالمنتخب الجزائري خاض مباريات موغلة في الحماس والاندفاع على الرغم من افتقاره على لاعبين في المستوى، ثم خرج من المنافسات على يد المنتخب المغربي بعد أن خاض مشجعوه بالآلاف حرب شوارع في المدن التونسية.
وربما كانت الحرب الأهلية التي بدأت في الجزائر مطلع التسعينات من القرن الماضي أحد الأسباب الهامة في هذا التردي العام للكرة الجزائرية، خصوصا وأن أبرز اللاعبين والمدربين الجزائريين صاروا يبحثون عن فضاءات أفضل في البطولات العربية والأوروبية، بما فيها بطولات الجارتين تونس والمغرب.
المنتخب الجزائري يقبع الآن في قعر المجموعة الرابعة التي تضم أيضا منتخبات نيجيريا وزيمبابوي وأنغولا ورواندا، وهو عمليا فقد حظوظه في كل شيء، لكن يبقى عليه أن ينتفض في مقبل الأيام أو السنوات لينفض عنه هذا التكلس الذي يصيب كل المنتخبات، لكن هناك من يخرج منه بسهولة، وهناك من يبقى فيه سنوات طويلة.